بالرغم من أن الشعور بالفشل من أصعب المشاعر وأكبر التحديات التي تعترض تحقيق الأهداف التي يصبو إليها الشخص في حياته، إلا أنه لا ينفي القُدرة على النجاح في المستقبل، حيث يمثل لدى الكثيرين مرحلةً انتقالية و”استراحة محارب” للوصول إلى بر النجاح.
فإذا كانت ثنائية الحياة تتوالى بين نصر وهزيمة فإن الأهم من النصر هو ما تفعله حال تحقيقه، والأصعب من الهزيمة هو ما تفعله بعدها، وليست كلّ هزيمة للآخر نصراً لك، كما أنه ليست كلّ هزيمة هي هزيمة فعلا، وينطبق ذلك على النصر.
ومن البديهي أن بناء أي بلد يحتاج إلى معرفة ما نملك من موارد وإمكانيات، وكيفية توظيفها جيدا، وإرساء الأسس والقواعد، وجعلها سهلة ومستقرة، والأهم من ذلك وجود نظام إدارة قادر على فهم متطلبات الشعوب والتجاوب مع المستجدات والتغيرات.
عربيا، وبالرغم من توفر الموارد الطبيعية لدى كثير من الدول فإن مواردها البشرية تبدو محطمة، والأنظمة الحاكمة فيها تعيث في البلاد والعباد، فسادا وإفسادا، وفي المقابل هناك دول تحقق لها النجاح بموارد محدودة، وضمنت لنفسها الاستقرار والتقدم وذلك لأنها استطاعت التغلب على الهزائم، وقلبتها إلى نقاط قوة، وخير مثال على ذلك دولة اليابان التي خرجت من كبريات الحروب بهزائم ماحقة، ولكنها استغلت المتاح لديها وحققت انتصارات ساحقة في ساحات العلم والتكنولوجيا الحديثة، وأحرزت إنجازات مذهلة من الصعب الإتيان بمثلها.
وبعيد منتصف خمسينيات القرن الماضي حاربت الكثير من الدول العربية الاستعمار، ونجحت في طرده، ولكنها فشلت في إقامة دول ذات أنظمة مستقرة ومستقلة، فمازال الاستعمار قابعا في أركانها، ولكن بصورة أخرى مختلفة، في العقول والثقافات.
وإذا نظرنا إلى “الربيع العربي” كما يسميه البعض، فإن الذين قادوا هذا الحراك افتقروا إلى الرؤية الناضجة الواضحة لبناء دول ذات ركائز متينة، وظلوا يتناحرون تحت وطأة دوافع أيديولوجية أو مصالح ضيقة وأسباب لا ترقى لكل هذا النزاع.
وعقب مضي سنوات عدة، لا يزال الناس بين مطرقة الندم على الماضي وسندان الخشية من المستقبل، فعلينا أن نعيش بإشراقة الأمل ونستلهم الدروس والعبر وتعويض ما ضاع من ثروات وهذا عمل مؤسسي يبدأ من الأسفل إلى الأعلى والعكس يتحمله المواطن والبرلماني والوزير.
نايف صنيهيت شرار