تقرر تأجيل الدورة السابعة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء التي كان مزمعا عقدها مطلع فبراير القادم، إلى وقت لاحق لم يتم تحديده، ويرجع السبب في ذلك حسب الجهة المنظمة، إلى مراعاة التدابير الاحترازية التي فرضتها السلطات للحد من انتشار وباء كوفيد، وحرصا على السلامة الصحية للزوار والعارضين..كذا..
مما لا شك فيه أن هذا الموعد السنوي يعد مكسبا هاما، باعتباره فرصة لإطلاع القراء على أحدث الإصدارات وفتح نقاش بين الأدباء والمفكرين والفاعلين في قطاع النشر حول قضايا متعددة وذات راهنية.
وبالتالي فإن التساؤل حول ما إذا لم يكن ممكنا التقيد بالموعد المخصص لهذه المناسبة، يظل مشروعا، فبقليل من التفكير والتحلي بالإرادة، يتبين أنه كان بالإمكان تخطي العقبات التي تفرضها الظروف الاستثنائية للوباء.
لقد مر حتى الآن أزيد من عشرة أشهر على تفشي الوباء وما رافقه من تدابير احترازية، وتتوفر لدينا تجارب لعدة مؤسسات حكومية ومنظمات المجتمع المدني التي استطاعت أن تواصل نشاطها في هذه الظروف الصعبة، لقد تحقق هناك تراكم إذن، وإن كان نسبيا، إلا أنه من الممكن الاستفادة منه، بإيجابياته وسلبياته، والعمل بعد بذلك على تنظيم التظاهرة المشار إليها آنفا.
ينبغي أولا التذكير بأهم فقرات البرنامج الموازي للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، فبالإضافة إلى عرض الكتب الصادرة حديثا، من مختلف دول المعمور، هناك فقرة رئيسية وهي عقد الندوات الفكرية والأدبية.
بالنسبة لزيارة المعرض واقتناء الكتب المعروضة، كان يمكن تنظيمها حسب أفواج، من خلال التحكم في أعدادها وفي التوقيت كذلك، كما أنه يمكن للقارئ أن لا يحضر بالضرورة إلى فضاء المعرض لأجل الحصول على ما يريد اقتناءه من إصدارات، يمكن له تحقيق هذا الغرض، يكفيه إرسال طلب، لتصله حاجياته من الكتب حتى محل إقامته، سيما وأن هذه الإصدارات خاصة منها الأجنبية، لا يتم عرضها في سوق الكتاب المغربي سوى في مناسبة المعرض الدولي بالذات.
أما بخصوص الندوات، فأمرها هين، حيث يمكن تنظيمها عن بعد من خلال استغلال إمكانيات التواصل التي تتيحها التكنولوجيا الرقمية، ولسنا في حاجة إلى التذكير بأن العديد من الجمعيات البسيطة، سلكت هذا المسلك ونجحت فيه.
سوف يحقق البرنامج الثقافي للمعرض نجاحا أكبر وإشعاعا أوسع، لو تم تنظيمه عبر التواصل الرقمي، ذلك أن التنشيط الحضوري، لا يتيح الفرصة لتتبع فقراته سوى لنسبة محدودة جدا من المهتمين، ويا ما صادفنا ندوات تقام في قاعات شبه فارغة، يضاف إلى ذلك أن برمجة عدة لقاءات بشكل مواز، طيلة الصباح والمساء، لا يسمح للزائر بمتابعتها بالكامل، وحتى لو حاول، فسيكون من المستحيل عليه ذلك.
يمكن كذلك العمل على النقل المباشر للندوات عبر شاشة التلفاز، أو بث التسجيل الكامل لها، يكفي حضور المشاركين في هذه اللقاءات الثقافية.
هكذا يتبين أن الحلول متوفرة لتنظيم المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء في موعده المحدد، لكننا عادة ما نجد الأعذار في عدم القيام بعملنا، والعذر في حالتنا هاته، هو الوباء، ولكن، إذا لم يختف هذا الخبيث، هل نظل ننتظر؟
< عبد العالي بركات