وبقية العرب؟

نادى المصريون أمس الجمعة في ميدان التحرير بالرحيل، وكثفت واشنطن وعواصم غربية أخرى من ضغوطها على الرئيس المصري من أجل أن يتنحى فورا عن السلطة، وتنقل الأخبار سيناريوهات متعددة لما بعد مبارك، وهذا الأخير لا زال يعتبر أن مغادرته ستكرس مستويات أكثر خطورة من الفوضى في البلاد… الغضب المصري اكتسى في الواقع منذ أيام لون الدماء، وبلغ قمة الفوضى و»البلطجة»، والعالم كله يحبس أنفاسه ترقبا للقادم من الأحداث والتطورات..
وفي بلاد العرب، عم الخوف ودب الرعب في أوصال أنظمة الاستبداد، وبدا بعض الرؤساء العرب في مشاهد تثير ضحكا كالبكاء.
الرئيس اليمني يعلن أنه لن يترشح لخلافة نفسه، وأنه لن يقدم نجله لخلافته، وأنه لن يعاند إذا رفضه شعبه…
وصديقنا عبد العزيز بوتفليقة، أخيرا يقرر رفع حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ 1992، ويعلن تكليف الحكومة بوضع النصوص القانونية اللازمة لذلك…
في اليمن، تستمر معاناة الشعب الطيب منذ سنوات مع الحرب الداخلية، ومع الفقر والتخلف، ومع نظام حكم غارق في التأخر والأغلال القبلية، وفقط اليوم يخرج صالح على شعبه مبديا الاستعداد للتجاوب مع مطالبه.
أما لدى البلد الجار، فقد بحت كثير أصوات عاقلة، طالما نادت بالتغيير، وطالما صاحت بأن العسكر يقودون البلد نحو التيه، ونحو الجنون.
البلد الذي جنى الملايير من النفط والغاز، لا يهتم بملايين الفقراء والمحرومين من شعبه..
البلد الذي أنجب كثير مبدعين ومثقفين وسياسيين و…شهداء، يئن تحت سطوة نظام يخنق المجتمع، ويغلق كل الأنفاس…
البلد الذي يتعب ناسه بحثا عن رغيف وعن لقمة عيش، يصر نظامه على مراكمة الأسلحة، وعلى إغلاق الحدود مع أقرب جار إليه، وعلى معاداة مرضية لوحدة تراب المغرب…
واليوم، عندما يلتفت عسكر بوتفليقة، ولا يرون سوى ورطات تلو ورطات لدى أنظمة مشابهة، يتملكهم الرعب، ويخافون أن تجبرهم الشعوب على الهروب…
إن الشعوب اليوم تصر على حقها في العيش الكريم، وفي المشاركة في القرار، وفي نظام ديمقراطي، وعلى حقها في الحياة بأمان وكرامة وثقة في المستقبل، وحينها ستكون هي نفسها حامية لأوطانها ولقياداتها التي اختارتها بحرية.
هل سيكون درس تونس، ودرس مصر رحمة على شعب الجزائر، وبقية الشعوب العربية؟؟؟
لأهلنا في الجزائر السلام، واستعادة الحق في حياة كريمة، وفي نظام ديمقراطي لا يقود البلد مباشرة إلى… الجدار.

Top