وداع محسن إبراهيم ..أيقونة اليسار العربي

توفي يوم الأربعاء الماضي، بالعاصمة اللبنانية بيروت، عن عمر يناهز الـ85 عاما، المناضل الكبير محسن إبراهيم، أحد قادة النضال الوطني الفلسطيني، وأحد رجالات اليسار اللبناني والعربي، الأمين العام لمنظمة العمل الشيوعي في لبنان.
وقد صنع الراحل محسن أبراهيم، قيد حياته، إلى جانب القادة التاريخيين في الحركتين الوطنيتين الفلسطينية واللبنانية صفحات مشرفة في الكفاح ضد الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية، كما شكل إلى جانب الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، والأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطيني نايف حواتمة، والأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش، جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وذلك على إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.
وعرف الراحل محسن إبراهيم بشخصيته السياسية وبفكره اليساري التقدمي، وباستماته في النضال من أجل القضية الفلسطينية، كما عرف بنضاله الفكري كواحد من المتشبعين بالفكر الماركسي والفكر الأممي، وعمل دون كلل من أجل تحقيق المبادئ التي ظل يؤمن بها إلى آخر يوم في حياته، وفي مقدمتها حق الشعب الفلسطيني في بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس، بالإضافة إلى تلك المبادئ المرتبطة ببناء الدولة اللبنانية الديمقراطية.
ويعد الراحل محسن إبراهيم، بحسب الكاتب، مصطفى روض، “من الماركسيين القلائل الذين يربطون ربطا عضويا بين السياسة والأخلاق و بين النظرية و الممارسة في إطار من النضج العقلاني الذي يقطع فيه مع كل الممارسات الشعبوية والانتهازية والتفريط في القيم و المبادئ الثورية والوطنية، واضعا نصب عينه خدمة قضايا الشعب اللبناني و الفلسطيني من اجل استقلالهما وتحررهما و انعتاقهما سواء من التوسعية الصهيونية أو الوصاية السورية أو الطائفية”.
وقد ربط محسن إبراهيم، أيقونة اليسار العربي، المعروف ب”أبو خالد”، علاقات متميزة برموز النضال الفلسطيني كالراحل ياسر عرفات، وبالرئيس محمود عباس أبو مازن الذي أعلن الحداد وأمر بتنكيس العلم الفلسطيني ليوم واحد حزنا وحداد على وفاة واحد من القادة البارزين في النضال الفلسطيني واللبناني.
ونعت منظمة العمل الشيوعي اللبناني على موقها الرسمي، “إلى الشعب اللبناني والشعوب العربية أمينها العام محسن ابراهيم، الذي وافته المنية بعد عمر مديد أمضاه من دون انقطاع في خدمة القضايا الوطنية والقومية”، مؤكدة على أن الراحل محسن إبراهيم، راهن على معركة مع العدو الصهيوني والتي حدد شعاراتها في التحرير والتوحيد والديموقراطية، معوّلاً على مسارات تتجاوز انقسامات الحرب وخنادقها التقسيمية بعد أن رأى في استمرار النزاع الأهلي حرباً عبثية، لن تقدم سوى مزيد من تفكيك وحدة الأرض والشعب وتدمير مقوماته.
وجاء في نعي القائد الفلسطيني نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، لرفيق دربه محسن إبراهيم ” مع رحيله المحزن نكون قد خسرنا رفيق طريق، عشنا معه حلاوة النضال ومرارته، واجتزنا الصعوبات معاً، وبنينا الأساس المتين للوحدة النضالية لشعبينا في أكثر المراحل النضالية صعوبة.
وتشاركنا معاً في مقاومة الغزو الإسرائيلي للبنان، في معركة صمود بيروت، ومعارك تحرير البلاد من الاحتلال، وسيحفظ التاريخ للصديق العزيز أبو خالد أنه واحد من أبرز من أطلق المقاومة الوطنية اللبنانية، ليكرس نهج المقاومة في صفوف القوى الوطنية اللبنانية”.
يشار إلى أن الراحل محسن إبراهيم ولد سنة 1935، وأسهم منذ شبابه، بكل ما يملك من فكر وطاقة قيادية في تشكيل حركة يسارية وتقدمية عربية، وهو من أهم القادة السياسيين في لبنان على امتداد مراحل طويلة، وكان من القادة اليساريين في السبعينيات والثمانينيات، وانضم إلى حركة القوميين العرب قبل أن يؤسس منظمة الاشتراكيين اللبنانيين التي اندمجت سنة 1970 مع لبنان الاشتراكي ليشكلا منظمة العمل الشيوعي في لبنان، وشغل بعد ذلك منصب الأمين العام للمنظمة حتى رحيله.

>محمد حجيوي

Related posts

Top