نظم نادي قضاة المغرب، والودادية الحسنية للقضاة، بشراكة مع الجمعية الأمريكية للقضاة والمحامين-فرع المغرب، ورشة تكوينية استفاد منها أعضاء من الجمعيتين المهنيتين وأعضاء من المجلس الأعلى للسلطة القضائية المنتخبين، همت التفكير الاستراتيجي حول إعمال وإرساء أسس اشتغال المجلس الأعلى للسلطة القضائية تحت عنوان: “من أجل انطلاقة قوية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية” بمدينة مراكش يومي 13و14 -01-2017. وقد تمحورت هذه الورشة التكوينية الهامة حول عدة نقاط وقضايا تدخل في صلاحيات المجلس بنص القانون التنظيمي رقم 100-13 المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية من ناحية استشراف طرق الاشتغال والصعوبات التي من الممكن ان يواجهها المجلس كمؤسسة أو أعضاء فيها في انتظار تنصيبها.
فما هو مضمون هذه الورشة التدريبية أولا ثم بعد ذلك ما هي سياقاتها ودلالاتها؟
<> أولا: مضمون الورشة التدريبية:
تَم الوقوف في هذه الورشة التكوينية من خلال التدريب والمناقشة، وتبادل الافكارعلى عدة قضايا أهمها ما يلي:
• مناقشة المهام المنوطة بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية المحددة دستوريا وقانونا في تدبير المسار المهني للقضاة بشكل عام والسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة لهم وحماية استقلال القاضي ووضع واصدار التوصيات والآراء التي تهم منظومة العدالة فضلا عن اعداد النظام الداخلي للمجلس ومدونة السلوك القضائي.
• الدور الذي يريده المجلس لنفسه كمساهمة في البناء العام للدولة.
• تحديد القيم والمبادئ التوجيهية لعمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية في المرحلة المقبلة.
• تحليل المناخ الداخلي والخارجي المرافق لعمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
• تحديد مجالات عمل المجلس الأعلى للسلطة القضائية ذات الأولوية.
• تحديد مواقع ضعف ومواقع قوة المجلس.
• تحديد الأهداف الاستراتيجية وتحديد الأولويات (محاور الاشتغال).
• تحليل الافتراضات والعوامل الخارجية.
• إدارة المجلس بما يحقق النتائج المرغوبة، من خلال ما يلي :
• التركيز على “النتائج.
• وضع أهداف وغايات واضحة.
• ضرورة وجود سلسلة نتائج واضحة من أجل النواتج المرغوبة.
• استخدام بيانات الرصد والمتابعة بغية تحسين التنفيذ
• استخدام الشواهد من التقييم بغية تحسين عملية صنع القرارات.
• وضع برنامج التواصل.
• وضع ميزانية المجلس.
• وضع نظام ومؤشرات التتبع.
وترى الجمعيتان المهنيتان المنظمتان لهذه الورشة أن من شأن هذه المبادرة أن” تتيح لأعضاء الجمعيات المهنية وأعضاء المجلس المنتخبين تنمية القدرات والكفاءات لديهم بما يسهم في الرفع من حكامة هذه المؤسسة الدستورية وتطوير ادائها في أفق انطلاق اشتغالها بعد تنصيبها ” وفق ما جاء في بلاغ اخباري صادر عن الجمعيتين المنظمتين للورشة التدريبية.
<> ثانيا: دلالات وسياقات مبادرة ورشة التكوين.
تعد هذه المبادرة رائدة وغير مسبوقة في المغرب من زاويتين، أولهما من حيث كون هذه الورشة التدريبية جاءت بمبادرة من الجمعيات المهنية، وهذا يعد من الأدوار الجديدة التي بدأت هذه الجمعيات تقوم بها فضلا عن اهدافها الخاصة بها المحددة في قوانينها الاساسية ، والزاوية الثانية هي المتعلقة باستجابة وتفاعل أعضاء المجلس المنتخبين مع هذه المبادرة والانفتاح عليها وهو ما يؤشر على طريقة جديدة لعمل عضو المجلس المستقبلي – ربما – والتحول الذي بدأ يطرأ على مستوى صورة عضو المجلس في مخيلة القضاة المغاربة التي تكرست منذ عقود إلى غاية الانفراج الذي وقع بعد اقرار دستور 2011 بحيث كان عضو المجلس شأنه شأن المؤسسة منغلقا ولا يتعامل إلا في اطار دائرة ضيقة جدا ، وهذا الانفتاح الذي تساهم فيه الجمعيات الجمعيات المهنية الآن له دلالة كبيرة جدا سوف تنعكس على عمل الاعضاء والمؤسسة على حد سواء في طريقة واسلوب الاشتغال .
وتأتي هذه المبادرة ايمانا من الجمعيات المهنية القضائية بأهمية التكوين والتكوين المستمر لكافة من يتولى وظيفة عامة في مؤسسات الدولة بالتعيين أو الانتخاب بشكل عام ، وفي هذا الاطار سبق لنادي قضاة المغرب أن طالب في مذكرته بمناسبة تعليقه على مسودة القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاعلى للسلطة القضائية بضرورة تكوين المسؤولين القضائيين المعينين بالمحاكم قبل مباشرة مهامهم بل وطالب النادي بإنشاء معهد للتكوين خاص بالإدارة القضائية ، وفعلا تجاوب القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية مع هذا المطلب من خلال المادة 15 التي نصت على أنه ” يتلقى المسؤولون القضائيون تكوينا خاصا حول الإدارة القضائية”، وهذا أمر جديد بالمرة بالمغرب وغير مسبوق إذ في السابق كان المجلس الأعلى للقضاء الموروث عن وضعية ما قبل دستور 2011 يكتفي بتعين المسؤولين القضائيين بمختلف الدرجات دون الإعلان عن شغور المنصب ولا فتح باب الترشيح ولا فتح مجال التباري حول المنصب ولا أي معيار من معايير الشفافية هاته.
ويأمل المنظمون أن تشكل هذه المبادرة خطوة أولى نحو جعل التكوين أساسا لعمل المجلس في المجالات التي تخرج عن تخصص الاعضاء، ولا سيما مجال التدبير والتواصل باعتباره مجالا بعيدا عن تخصص القضاة، خاصة وان المجلس الاعلى للسلطة القضائية المنتظر أصبحت له ادوار تتعلق بإعداد التقارير والتصورات والاقتراحات حول منظومة العدالة وإمكانية عقد اتفاقيات تعاون مع الهيئات الاجنبية المماثلة فضلا عن الاختصاصات التقليدية.
الدكتور عبد اللطيف الشنتوف*
* رئيس نادي قضاة المغرب