جرى مساء الجمعة الماضي، إطلاق إحتفالية اليوبيل الفضي لوكالة بيت مال القدس الشريف بالمركز الدولي للمؤتمرات محمد السادس بالصخيرات تحت شعار “انطلاقة جديدة لترسيخ مكانة القدس ومركزها الديني والحضاري”.
وقد حضر هذه التظاهرة الاحتفالية على الخصوص، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، رئيس لجنة الوصاية لوكالة بيت مال القدس الشريف ناصر بوريطة، إلى جانب سفراء ودبلوماسيين بعدة دول وشخصيات رفيعة المستوى.
وبهذه المناسبة، قال محمد سالم الشرقاوي، المدير المكلف بتسيير وكالة بيت مال القدس الشريف، في كلمة له إن اليوم هو مناسبة للإحتفال بمرور 25 عاما على هيكلة وكالة بيت مال القدس الشريف التي بدأت عملها بشكل فعلي عام 1998، معتبرا أن اللقاء هو كذلك فرصة مهمة لإستحضار ذكرى جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، والملك حسين بن طلال، ملك المملكة الأردنية الهاشمية، صاحبة الوصاية على القدس والمقدسات، إلى جانب الرئيس ياسر عرفات.
كما أعرب عن عميق شكره لقادة الأمة العربية والإسلامية، الذين باركو إحداث هذه الوكالة، كمؤسسة مثلى لتنسيق الدعم العربي والإسلامي الموجه للقدس مستحضر الأعمال الم قدرة للمدراء العامين السابقين السفير أبو مروان، والدكتور مولاي عبد الكبير العلوي المدغري.
كما شدد على أن هذا المقام ليس للاحتفال فقط، بل لتقييم مسار الوكالة على مدى 25 عاما الماضية، مؤكدا أنه “مسار مشرف ومقدر بفضل الرعاية السامية الموصولة لجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، الذي يشرفنا جميعا، مغاربة وفلسطينيين، بالإشراف المباشر على عمل الوكالة، رعاية أعمالها”.
وقال مدير الوكالة إن الاحتفاء هذا اليوم هو استشراف للمستقبل بأمل وطموح في تجاوز للمعيقات التي تحول دون بلوغ كل أهداف الوكالة في دعم المدينة ومؤسساتها وفي طليعتها مسألة التمويل.
وتابع بالقول إنه “لهذا الغرض، الوكالة عقدت صباح هذا اليوم، لقاء تشاوريا مع مؤسسات القدس في موضوع: “أي نموذج للتنمية الاجتماعية في القدس”؟ بحضور السفراء الأمناء العامين المساعدين بمنظمة التعاون الإسلامي وبجامعة الدول العربية المكلفين بالقدس وفلسطين، تم الإستماع فيه لمختلف الآراء في إطار المقاربة التشاركية التي تعتمدها الوكالة في طريقة اشتغالها”.
من جهته، قال جمال الشوبكي سفير دولة فلسطين بالمغرب إن هذا اليوم هو مناسبة هامة ونوعية لما تشكله من انعكاس حي لطبيعة علاقات التضامن والعمل المشترك التي تربط دول العالم الإسلامي ببعضها وفق رؤى وتطلعات مشتركة تسعى لبناء مستقبل واعد وآمن لدول العالم الاسلامي وتكرس مبادئ السلم والاستقرار والشراكة كمنهج حياة لشعوب المنطقة.
وشدد السفير على أن هذا الأمر كان تأسيس وكالة بيت مال القدس الشريف التي نحتفي بيوبيلها الفضي اليوم أحد أبرز تجلياته ،وصوره، خاصة في ظل ما حققته الوكالة من إنجازات ملموسة على مدار سنين عملها في سبيل تحقيق الأهداف التي أنشأت من أجلها والقائمة على حماية القدس ومكانتها الحضارية والتاريخية والرئيسية والدينية، وتعزيز صمود أهلها وتوفير سبل الحياة والتنمية لهم.
وأضاف أن وكالة بيت مال القدس الشريف منذ تأسيسها في عهد جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، ومن بعده جلالة الملك محمد السادس، قررت أن تدعم القدس بحزمة كبيرة من المشاريع التنموية التي دعمت قطاعات حيوية وأساسية في حياة المقدسيين كالصحة والتعليم والإسكان والثقافة والرياضة والفن والحرف.
كما ذكر بالمشاريع الانسانية التي نفذتها الوكالة والتي سعت لتقليص رقعة الفقر في المدينة وترميم منازل سكانها، مؤكدا أن هذه المشاريع التي نفذت على مدى خمسة وعشرين عاما وبلغ إجمالي تكاليفها 64 مليون دولار ساهمت المملكة المغربية بالنسبة الأكبر فيها، تم تنفيذها بفعل الرعاية المغربية المتواصلة للوكالة والإيمان بضرورة العمل من أجل القدس وأهلها وهي المشاريع التي كانت مشمولة دوما بمتابعة وتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس .
كما أعرب عن اطمأنانه من موقف المملكه المغربية تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدا أن المغرب لن يدخر جهدا الا وسيبذله في سبيل حماية القدس وأهلها ونصره القضيه الفلسطينيه تنفيذا لقول جلالة الملك محمد السادس بأن الإتفاق الثلاثي لن يغير موقف المملكه إتجاه ثوابتها من القضيه الفلسطينية.
من جهته، أبرز وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، العمل الميداني المتواصل لوكالة بيت مال القدس الشريف، بتوجيهات من جلالة الملك محمد السادس، بهدف تحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للساكنة المقدسية.
وقال بوريطة إن “الوكالة، بتوجيهات من جلالة الملك، قد دأبت على أداء مهمتها النبيلة من خلال عمل ميداني متواصل يروم صيانة الهوية الحضارية للمدينة المقدسة وتحسين الأوضاع الاجتماعية والمعيشية للساكنة المقدسية ودعم صمودها وبقائها في القدس”.
واعتبر الوزير، رئيس لجنة الوصاية لوكالة بيت مال القدس الشريف، أن هذا المعطى هو ما بوأ الوكالة سمعة ومكانة رفيعتين وجعلها تحظى باحترام وتقدير من الأشقاء في العالمين العربي والإسلامي بشكل عام والفلسطينيين والمقدسيين بشكل خاص.
وأشار إلى أن “الاحتفال بالذكرى الـ25 لتأسيس الوكالة، يأتي في إطار الحرص المتواصل لجلالة الملك، بالحفاظ على الهوية العربية والإسلامية للمدينة المقدسة، والتزام جلالته الثابت بمساعدة سكانها المقدسيين على الصمود، من خلال العمل الميداني الاجتماعي والإنساني اليومي والمستمر مع المقدسيين”.
وشدد بوريطة، في هذا السياق، على أن “احتفاء الوكالة هذه السنة باليوبيل الفضي هو مناسبة لاستحضار إنجازات وأنشطة ومبادرات المملكة المغربية الممتدة على مدار 25 سنة لفائدة مدينة القدس الشريف، دون كلل ولا انقطاع”، مؤكدا أنه “عمل تضامني أراده جلالة الملك، أن يكون منسجما مع الواقع المعاش، وأضفى عليه مفهوما جديدا يزاوج في تناغم أصيل، بين المساعي السياسية الهادفة وبين العمل الاجتماعي الميداني، الذي تنهض فيه وكالة بيت مال القدس الشريف بواجبها على أحسن وجه”.
غير أنه أكد بأن “هذا المسار الناجح للوكالة لم يكن مفروشا بالورود، بالنظر للتحديات الكبرى التي واجهته إلى جانب خصوصية القدس الدينية والروحية وموقعها في المشهد السياسي الدولي كواجهة لصراع فلسطيني إسرائيلي عمر طويلا”، مشددا على أن “الوكالة قد حرصت على الأخذ بعين الاعتبار هذا الوضع المقدسي المعقد ، مما مكنها من القيام بعملها بواقعية ونجاعة، وأتاح لها فهم الواقع المقدسي من خلال إعطائها الأولوية للعمل الميداني الملموس على الخطابات السياسية”.
وبالنسبة للمغرب، يضيف الوزير، فإنه بفضل الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة، ظلت المملكة المغربية وفية لعهدها في نصرة القضية الفلسطينية العادلة وحماية القدس بشكل خاص، وهي في سبيل ذلك تبذل مجهودات متواصلة لتعزيز وتطوير عمل الوكالة، والتي بات المغرب ومنذ سنة 2011، يتحمل مائة في المائة من ميزانيتها في صنف تبرعات الدول، وحوالي 70 بالمئة في صنف تبرعات المؤسسات والأفراد.
وسجل، في هذا الصدد، بأن الوكالة قد صرفت طيلة 25 سنة من عملها المتواصل حوالي 65 مليون دولار ، معتبرا أن هذه الحصيلة مكنتها من تنفيذ ما يزيد عن 200 مشروع هم جميع فئات المجتمع المقدسي توزعت على مشاريع في قطاعات الإعمار والترميم وحيازة العقارات، والصحة والتعليم، والفلاحة، ودعم الاقتصاد المحلي، وكذا الإعلام والثقافة والنشر والتدوين والشباب والرياضة والطفولة، إضافة إلى الدعم والتمكين والبشرية، والمساعدة الاجتماعية من أيتام، وأرامل، فضلا عن أشخاص في وضعية إعاقة.
وتابع بوريطة بالقول إنه نتيجة لجهد وكالة بيت مال القدس الشريف المتواصل، حظيت ولاتزال بتقدير كبير وبإشادات واسعة في كل القمم الإسلامية والعربية، كان آخرها في القمة العربية الأخيرة بالجزائر في 2 نونبر 2022، بالإضافة إلى الإشادات المتكررة والمتتالية في كل الاجتماعات الوزارية سواء على المستوى العربي أو الإسلامي.
وأضاف أن وكالة بيت مال القدس الشريف ستبقى تعمل لصالح القدس كما أرادها جلالة الملك، من أجل الحفاظ على المدينة المقدسة كأرض سلام وتعايش، يعم فيها الأمن والاستقرار، ومحجا لأتباع الديانات السماوية الثلاث لأداء شعائرهم الدينية براحة وطمأنينة، وفقا لروح نداء القدس، الذي وقعه أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مع قداسة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان في الرباط بتاريخ 30 مارس 2019.
وخلال هذا اللقاء أكد بوريطة أن موقف المغرب ثابت، بقيادة جلالة الملك، رئيس لجنة القدس، الرافض لأي مساس بالوضع القانوني والتاريخي القائم في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك، وضرورة الامتناع عـن كل ما من شأنه تأجيج الأوضاع وجر المنطقة نحو مزيد من الاحتقان والتوتر.
وخلص إلى أن المغرب، بقيادة جلالة الملك، واقتناعا منه بأن السلام في منطقة الشرق الأوسط يبقى خيارا استراتيجيا لا محيد عنه، سيواصل جهوده مستثمرا إمكانياته والعلاقات المتميزة التي تجمعه بكل الأطراف والقوى الدولية الفاعلة، من أجل المساهمة في أي جهد دولي يهدف إلى إعادة إطلاق مسار الحوار والمفاوضات، باعتبار ذلك السبيل الوحيد لوضع حد للنزاع، وتحقيق الأمن والاستقرار والرخاء بمنطقة الشرق الأوسط .