… يجب الآن أن ننتقل من الطموح إلى العمل..

حقوق المرأة هي حقوق الإنسان. ولكن في هذه الأوقات العصيبة، التي يتزايد خلالها عدم القدرة على التنبؤ والفوضى في عالمنا، تُقلّص حقوق النساء والفتيات وتُقيّد وتتراجع.
إن تمكين النساء والفتيات هو السبيل الوحيد لحماية حقوقهن وضمان أن يتسنّى لهن تحقيق كامل إمكاناتهن.
إن الاختلالات التاريخية في علاقات القوة بين الرجل والمرأة، التي تفاقمت بسبب تزايد أوجه عدم المساواة داخل المجتمعات والبلدان وفيما بينها، تؤدي إلى زيادة التمييز ضد النساء والفتيات. وفي جميع أنحاء العالم، يُساء استخدام التقاليد والقيم الثقافية والدين لتقييد حقوق المرأة، وترسيخ التحيز الجنسي، والدفاع عن ممارسات كره النساء.
ويتزايد تآكل الحقوق القانونية للمرأة، والتي لم تكن قط مساوية لحقوق الرجل في أي قارة. ويجري التشكيك في حقوق المرأة في جسدها وتقويضها. وتتعرض النساء بشكل روتيني للتخويف والمضايقة في الفضاء الإلكتروني وفي واقع الحياة. وفي أسوأ الحالات، يؤسس المتطرفون والإرهابيون إيديولوجياتهم حول إخضاع النساء والفتيات واستهدافهن بممارسة العنف الجنسي والجنساني والزواج القسري والاسترقاق الفعلي.
ورغم بعض التحسينات، لا تزال المناصب القيادية في جميع القطاعات من نصيب الرجال، ويزداد اتساع الفجوة الاقتصادية بين الجنسين، بفعل المواقف البالية والغلو الذكوري المترسخ. يجب أن نغير ذلك، بتمكين النساء في جميع المستويات، وبإسماع أصواتهن وتمكينهن من التحكم في حياتهن وفي مستقبل العالم.
إن إنكار حقوق النساء والفتيات ليس فقط خطأً في حد ذاته؛ بل له تأثير اجتماعي واقتصادي خطير يعوقنا جميعا. والمساواة بين الجنسين لها أثر تحويلي، وهو أمر ضروري لكي تؤدي المجتمعات والاقتصادات دورها كاملا.
وحصول المرأة على خدمات التعليم والصحة له منافع تعود على أسرهن ومجتمعاتهن المحلية وتمتد إلى الأجيال المقبلة. والبقاء لسنة دراسية إضافية يمكن أن يضيف ما يبلغ 25 في المائة إلى دخل الفتاة في المستقبل.
وعندما تشارك المرأة مشاركة كاملة في القوة العاملة، فإن مشاركتها تهيء فرصا وتُحقّق نموا. وسد الفجوة بين الجنسين في العمالة يمكن أن يضيف مبلغ 12 تريليون دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي على الصعيد العالمي بحلول عام 2025. وزيادة نسبة النساء العاملات في المؤسسات العامة يجعلها أكثر تمثيلا، وينهض بالابتكار، ويُحسِّن عمليات اتخاذ القرار، ويحقق فوائد للمجتمعات بأسرها.
والمساواة بين الجنسين عنصر محوري في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، الخطة العالمية التي اتفق عليها قادة جميع البلدان بغية التصدي للتحديات التي نواجهها. ويدعو الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة تحديدا إلى تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، وهذا أمر أساسي لبلوغ جميع أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
وإنني ملتزم بزيادة مشاركة المرأة في جهودنا لبسط السلام والأمن. إن النساء المفاوضات يزدن من فرص تحقيق السلام المستدام، والنساء حفظة السلام يُقلصن فرص حدوث الاستغلال والانتهاك الجنسيين.
وإني بصدد وضع خريطة طريق ذات معالم قياسية في إطار الأمم المتحدة لتحقيق المساواة بين الجنسين على نطاق المنظومة، بحيث تمثل منظمتنا بحق الناس الذين نخدمهم. الأهداف السابقة لم تتحقق. ويجب الآن أن ننتقل من الطموح إلى العمل.
فلنتعهد جميعا في اليوم الدولي للمرأة، ببذل قصارى جهدنا للتغلب على التحيز المترسخ، ودعم المشاركة والنشاط، وتعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين المرأة.
 بقلم: أنطونيو غوتيريس

Top