أسدل الستار الجمعة الماضي بالرباط، على أشغال الدورة الثانية للمهرجان الدولي للمعاهد المسرحية، بإعلان الفائز عن الجائزة الكبرى وكذا الفائزين بالجوائز التقديرية للمهرجان.
وحازت أكاديمية الفنون ببرلين الألمانية على الجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للمعاهد المسرحية، الذي تنظمه جمعية إيسيل للتنشيط الثقافي بدعم من وزارة الثقافة وبشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس ودار الأوبر االسلطانية مسقط، وذلك عن مسرحية A Few Messages To Space، وهو ما اعتبره فريديريك غاوشا، طالب من ضمن مجموعة الطلبة الألمان المشاركين في المسرحية، في كلمة له عقب التتويج، أمرا محفزا وشرفا لمعهدهم، لافتا الانتباه إلى كون الجو الأكاديمي والفني الذي يسود المهرجان كان جائزة أولى ممتدة عبر الزمن».
ووقع اختيار لجنة التحكيم أيضا في صنف جائزة التشخيص إناث، على الطالبتين الإيفواريتين ريبيكا وإيف عن مسرحية Les Bonne، أما جائزة التشخيص ذكور فقد عادت لموسياتوفسكي الطالب المشخص للدور الرئيسي في مسرحية The Divil Inside Him للمعهد البولوني.
وحصل على جائزة الإخراج سليمان صاو مخرج مسرحية معهد ساحل العاج، الذي قال «إنني مسرور جدا بالجوائز التي حصلها معهدنا، أي جائزة الإخراج وجائزة التشخيص إناث التي حصلناها في هذا المهرجان الشيق والممتع، والذي أشكر منظميه على كل الجهود المبذولة من أجل إنجاح دورته التي جمعتنا من مختلف الدول من أجل أن نتبادل المعارف الأكاديمية والتجارب الفنية».
أما جائزة البحث المسرحي فقد كانت أيضا من نصيب الألمانيين، الذين كان لهم الحظ الأوفر خلال هذه الدورة والذين أبهروا لجنة التحكيم بمستواهم حيث حصوا على جائزتين خلال هذه الدورة، وأهما الجائزة الكبرى.
هذا وعرف الحفل الختامي، الذي احتضنه مسرح محمد الخامس بالرباط، تسليم درع المهرجان لدار الأوبرا بمسقط بسلطنة عمان، الذين بدورهم سلموا لإدارة مسرح محمد الخامس درع دار الأوبرا، وذلك تتويجا للشراكة التي تجمع إدارة المسرح الوطني محمد الخامس ودار الأوبرا السلطانية بمسقط وكذا التعاون على إنجاح هذا الحدث الفني.
وفي ختام الحفل الذي نظمته إدارة المهرجان بخشبة مسرح محمد الخامس بالرباط، عبر المشاركون من العديد من المعاهد القادمة من أوروبا عن فخرهم وإعجابهم بهذه الدورة من المهرجان الذي ينظمه المغرب، مشيرين إلى أن هذا الحدث كان فرصة للقاء وتبادل الخبرات مع باقي المعاهد الأخرى الإفريقية أو القادمة من بعض الدول الآسيوية، مؤكدين على أنها كذلك فرصة للطلبة المسرحيين من أجل تقييم مسارهم وانطلاقة أيضا قوية لمشاركتهم في المحافل الدولية وصقل خبراتهم في المجال المسرحي.
المسرحيون المغاربة يحيون ليلة تكريمية لمولاي أحمد بدري عرفانا ووفاء له
ليجعلوا من حفل الاختتام لحظة عرفان وشكر للأب الروحي لطلبة «ليزاداك»، اختار منظمو المهرجان الدولي للمعاهد المسرحية أن يخصصوا حفل اختتام فعاليات الدورة الثانية للمهرجان الذي أقيم بالرباط في الفترة الممتدة بين 30 أكتوبر الماضي و4 نونبر الجاري، لتكريم مولاي أحمد بدري أول مدير للمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالمغرب.
لحظة تكريم كان الجانب الإنساني فيها طاغيا، إذ اجتمع ثلة من مشاهير المشهد المسرحي المغربي على ركح المسرح الوطني محمد الخامس، ليذكروا ويتذكروا فضل مؤسس المعهد المغربي المتخصص في تدريس المسرح، في لوحة فنية أخرجها ابن الدار، المخرج المسرحي أمين ناسور، ووضع موسيقاها الفنان فتاح النكادي.
محمد نظيف، كان أول المتدخلين، وقال بنبرة فخر أن «تواجدي بحفل تكريم المدير المؤسس لمعهدنا والأستاذ الأكاديمي والصديق هو فخر لي، وأستغلها فرصة لشكره باسم كل طلبة المعهد منذ أول فوج إلى اليوم»، لتستمر لحظة العرفان الفنية عبر مشهد كان بطله كل من الفنان محمد الشوبي وعبد الرحيم المصطف، اللذين أديا مقطعا يحكيان من خلاله حكايتهما مع المدير حينما كانوا طلبته في السنة الأولى كأول فوج يلج المعهد، ليعبروا له عن جزيل الشكر والامتنان بعد 30 سنة منذ لقائهم الأول، كما تلقى المكرم هدية من طالبه ومدير المهرجان الوطني للدراما التلفزية بمكناس محمود بلحسن.
مولاي أحمد بدري، الذي بدا متأثرا بالجو الشاعري الدافئ الذي سيطر على أمسية الاختتام، شكر جميع طلبة المعهد الحاضرين منهم والغائبين، معتبرا أن تكريمه هو «تكريم لأول مجموعة ولجت المعهد قبل بنائه، والتي كانت تتكون من 20 طالبا و3 أساتذة فقط، بهم انطلق المعهد منذ 30 سنة»، متمنيا الاستمرار والازدهار للمهرجان الذي أسس له طلبة المسرح ومدرسوه ومهنيوه.
ويعتبر مولاي أحمد بدري بلا منازع المؤسس الروحي للتكوين الأكاديمي المسرحي بمعناه الحديث في المغرب، شخصية تنظر إليها أجيال من المسرحيين بتقدير يقترب من القدسية، وتعتبره ومضة وضعت الأسس العلمية للتكوين المسرحي بالمغرب. كان ذلك عام 1986 حين كلفه وزير الثقافة الأسبق محمد بن عيسى بإدارة وتأسيس معهد خلق من لا شيء وبإمكانية ضئيلة في ظرفية تاريخية دقيقة من تاريخ المغرب. قوة بدري تمثلت في إيمانه بقيم الجد والنزاهة المصحوبة بفهم عميق ودراية واسعة بآليات العمل المسرحي في أبعادها الأدبية وإكراهاتها العملية..
*****
سعيد آيت باجا: المهرجان يخطو خطواته الأولى نحو العالمية
في خضم أجواء حفل الاختتام حاورت بيان اليوم مدير المهرجان سعيد آيت باجا، ليقربنا أكثر من أجواء هذه الدورة، ومستقبل هذا المهرجان الذي لا زال حديث العهد، وكذا عمل جمعية «إيسيل» مستقبلا على الدفع بهذا المهرجان نحو العالمية.. في هذا الحوار القصير نجد أن كلمات مدير المهرجان، سعيد آيت باجا، لم تخرج عن السياق الشاعري للأمسية، إذ شبه المهرجان بجنين توجع الجميع في مخاض طويل من أجل إخراجه إلى أرض الواقع، معتبرا أن «هذه اللمة الثقافية ما كانت لتتحقق لولا دعم كل خريجي المعهد وديبلوماسيي سفارة سلطنة عمان ومدير المسرح الوطني محمد الخامس»، معتبرا كذلك أنه «شرف كبير للمنظمين أن تكون هذه الدورة باسم مولاي أحمد بدري..
> بداية، سعيد آيت باجا، باعتبارك مديرا للمهرجان، قربنا أكثر من الأجواء التي مرت فيها دورة هذه السنة خصوصا وأن هذه التظاهرة المسرحية حديثة العهد؟
< كما ترى فالأجواء جميلة وحميمية ولا يمكننا أن نصفها إلا بالرائعة، فكل شيء هنا جميل وطيب، وهذا ما يؤكد أننا اليوم بحاجة ماسة لمثل هذه المهرجانات وأنشطة من هذه الطينة، وكذلك نحن بحاجة إلى دعم المبادرات من هذا القبيل لأنها ستفيد، ليس فقط خريجي المعاهد والمدارس المسرحية، وإنما ستفيد أيضا الشباب الذي يقبل على مشاهدة المسرح والجمهور عموما، فالأكيد أننا يجب أن نساهم في خلق إشعاع وطني للمسرح وخلق فرجة وإثارة، وهذا لن يتأتى إلا بخلق مبادرات من قبيل هذا المهرجان، لأنه دائما كنا نقول إن هناك خصاما بين المسرح وجمهوره، خصوصا الشباب، الآن نلاحظ أنه لم يعد هناك خصام، بل ثمة تصالح، هناك عروض جادة وهناك إقبال من قبل الناس من مختلف الفئات وخصوصا كما قلت الفئات الشابة، التي قدمت اليوم من الرباط وسلا وتمارة والخميسات والقنيطرة وضواحي العاصمة لكي تشاهد هذه العروض، وطيلة هذا الأسبوع الذي نظم خلاله المهرجان لاحظنا إقبالا كبيرا على العروض المسرحية التي قدمها طلبة المعاهد المشاركة، وكما قلت سابقا وأؤكد على أننا بحاجة إلى مهرجانات على هذه الشاكلة لتشجيع الناس على الإقبال على المسارح، كما لا يفوتني أن أؤكد أن هذه اللمة الثقافية ما كانت لتتحقق لولا دعم كل خريجي المعهد وديبلوماسيي سفارة سلطنة عمان ومدير المسرح الوطني محمد الخامس.
> وبخصوص مشاركات هذه السنة، ما هي أهم المميزات التي طبعت العروض المسرحية مقارنة مع الدورة السابقة؟
< بالنسبة للسنة الماضية اقتصرنا على بعض الدول فقط، لكن مشاركات هذه السنة تميزت أساسا بالانفتاح على مجموعة من الدول والمعاهد الأجنبية، حيث شاركت هذه السنة ثماني دول تم انتقاؤها من خلال الاطلاع على كفاءات المعهد والمدرسة المسرحية وتاريخها، وكانت هناك استجابة بحيث شاركت مجموعة من المعاهد العريقة والتي أرسلت خيرة طلبتها وخريجيها من أجل المشاركة في هذا الحدث الفني البارز، أعتقد على أن هذا المهرجان يخطو خطواته الأولى نحو النجاح والعالمية، وكما قلت في الكلمة الختامية للمهرجان فهو كطفل صغير ينمو ويكبر شيئا فشيئا إلى أن يكبر ويصير مهرجانا ذا صيت عالمي. أيضا لا أنسى أن دورة هذه السنة عرفت تكريم كل من جمال الدين الدخيسي ومولاي أحمد بدري، وهذا شرف كبير لنا كمنظمين بأن تكون هذه الدورة تحمل هذين الاسمين الكبيرين والعزيزين.
> كيف تعملون في جمعية إيسيل على دعم هذا المحفل الفني وكيف تعملون على تطويره مستقبلا والإشراف على دوراته المقبلة؟
< جمعية إيسيل تشتغل على العديد من التيمات والعديد من المشاريع والعروض المسرحية، وبعد أسبوعين أو ثلاث أسابيع على أبعد تقدير، سيكون هناك العرض الأول لمسرحية «صالحة اسنطيحة» ومجموعة من المسرحيات، ولكن المهرجان كما قلت هو لبنة من اللبنات التي تجمع لمة الطلبة والخريجين في المعاهد المسرحية في العالم، أقول إن هذا المهرجان سيكون مستقبلا نجمة تضيء مجموعة من المهرجانات المسرحية في المغرب.
انجاز: محمد توفيق امزيان