17 سنة على مقتل الحاج أحمد نبيه..حاكم جماعة سيدي العايدي بإقليم سطات

غالبا ما تسجل بعض جرائم القتل وغيرها من الجرائم، ضد مجهول، في حال عدم تمكن مصالح الشرطة القضائية، من تحديد هوية الجاني أو الجناة، وبالتالي يتم حفظ الملف من طرف النيابة العامة، إلى حين ظهور معطيات جديدة. لكن القضية التي نحن بصدد نشرها في حلقات، والتي تتعلق بجريمة مقتل الحاج أحمد نبيه، حاكم جماعة سيدي العايدي، بإقليم سطات، سيتبين لكل من اطلع عليها، وجود مجموعة من العناصر الكافية، لتوجيه اتهامات لبعض المشتبه فيهم، وهو الأمر الذي لم تقم به النيابة العامة، إذ اكتفت بتسجيل الجريمة ضد مجهول. فهل يتعلق الأمر بتقصير في المسؤولية؟، أم أن الأمر يدخل في إطار التحايل على القانون، وبالتالي حماية المتهمين وإبعادهم نهائيا عن المساءلة القضائية وبالتالي الإفلات عن العقاب؟.
فرغم مرور حوالي 17سنة، على وقوع هذه الجريمة، في 24يوليوز من سنة 2000، التي ذهب ضحيتها الحاج أحمد نبيه، ماتزال عائلته، في سباق مع الزمن، من أجل كشف خيوط هذه الجريمة، التي يختلط فيها الانتقام بالسطو على أملاك الغير، وهي الجريمة التي يتداولها الرأي العام المحلي والوطني، إلى اليوم، في انتظار تحديد هوية الجناة.  ومؤخرا، وقع أعضاء من الكونغرس الأمريكي ينتمون إلى الحزبين الجمهوري والديمقراطي، نداء، أطلقته جمعية حقوقية أمريكية، للكشف عن المتورطين في هذه الجريمة، وقبل ذلك، طرحت هذه الجريمة أمام البرلمان الأوروبي بستراسبورغ.
ولم تتوقف أسرة الفقيد، منذ وقوع الجريمة، أي إلى حد اليوم، في طرق جميع الأبواب، من أجل الكشف عن الحقيقة، حيث توصل كل وزراء العدل الذين تعاقبوا على إدارة وزارة العدل منذ وقوع الجريمة سنة 2000 بملف متكامل عن الجريمة، كما أن الملف كان موضوع تحقيق، من طرف ثلاثة قضاة للتحقيق بمحكمة الاستئناف بسطات، دون أن يتم الكشف إلى الجناة، وما يزال الملف حاليا لدى قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بسطات.
ولتنوير الرأي العام الوطني، بتفاصيل هذه الجريمة، في أفق الكشف عن الجاني أوالجناة، عقدت بيان اليوم، لقاءات متعددة، مع بعض أفراد عائلة الفقيد، كانت مناسبة للوقوف عن قرب عن كل الخبايا والمسكوت عنه في هذه الجريمة، وكذا الأدلة القاطعة التي تتشبث بها عائلة الفقيد، حيث توجه اتهاما مباشرا لبعض الأشخاص في هذه الجريمة، وتكشف بالملموس وبالواضح سجلهم الإجرامي من جهة، والتقصير الذي طال ملف البحث والتحقيق، خصوصا من طرف مركز الدرك الملكي بسطات.
إن قراءة سريعة لهذه القضية التي ننشرها على شكل حلقات، تكشف لمن يسعى فعلا إلى إظهار الحق، أن الحقيقة ساطعة، وأن ما ينقص فعلا، هو الإرادة القضائية لدى المسؤولين القضائيين بمحكمة الاستئناف بسطات، من أجل طي هذه القضية، وتقديم المتهمين أمام العدالة، إنصافا لعائلة الراحل وطي هذه القضية إلى الأبد.

ليلة الجريمة. نهاية مأساوية

الحلقة الاولى

شكلت ليلة 24 يوليوز من سنة 2000، ليلة استثنائية لدى أسرة الحاج أحمد نبيه، حيث ظلت زوجته وابنته تنتظرانه عدة ساعات، دون أن يعود إلى بيته، وهو الذي لم يعتد المبيت خارج المنزل. استبد الخوف بزوجته وابنته، فربطتا الاتصال بمعارفه وأصدقائه، لكن الكل كان يجهل مكان تواجده، ومع بزوغ فجر يوم 25 يوليوز. اتصلت ابنته بعمها الذي يشتغل في وكالة بنكية، ليتوجه مباشرة إلى الضيعة، حيث أيقظ المستخدمين الذين أكدوا له، أن شقيقه غادر الضيعة بعد صلاة المغرب.
أمام هذه المعطيات، اتصل برجال الدرك الملكي لتحرير محضر في شأن اختفاء شقيقه الحاج أحمد نبيه. وبأمر من القائد الجهوي للدرك الملكي بسطات، تم تكوين عدة دوريات تابعة للمركزين القضائي والترابي المحلي، حيث انتقلت إلى ضيعة المختفي والدواوير المجاورة، حيث أجريت عملية تمشيط واسعة النطاق، وفي الساعة العاشرة والنصف صباحا، عثر على الحاج أحمد نبيه مقتولا داخل سيارته بيكوب.
وحوالي الساعة الواحدة بعد الزوال، تم نقل الجثة إلى مستشفى الحسن الثاني بسطات، ثم إلى مركز الطب الشرعي بعين الشق بالدار البيضاء، لإجراء تشريح الجثة. وفي يوم 26 يوليوز، حوالي الساعة الرابعة بعد الزوال، ووري جثمان الراحل الثرى بمقبرة سيدي عبد الكريم بسطات، لكن عشرات من الأسئلة، ظلت عالقة، تساءل الجميع، عمن له المصلحة في قتل الضحية، وبأبشع الطرق. ويتعلق الأمر بشخص كان يبلغ من العمر عند مقتله 77 سنة، أب لتسعة أبناء وحفدة، كان يمارس الفلاحة وتربية الماشية قيد حياته، متدين، حافظ لكتاب الله ورسوله، يحظى باحترام من طرف الجميع، وكان قدوة في الأخلاق الكريمة ومرجعا في العدل والاستقامة والنزاهة، مما أهله لشغل منصب الحاكم الجماعي لسطات لعقدين من الزمن، حيث عكست أحكامه إخلاصه للحقيقة القانونية وسعيه الدؤوب لإصلاح ذات البين مما جعله يحظى بثقة وتقدير الجميع.
وقد انخرط الراحل منذ ريعان شبابه، في صفوف المقاومة والحركة الوطنية، حيث كان أول من أسس النواة الأولى للمقاومة في جهة الشاوية، واتخذ لنفسه إسما حركيا آنذاك هو ” الوادي”، كما تقلد مهام أول رئيس منتخب لجماعة سيدي العايدي بسطات، بعد الاستقلال. وفي يوم 02 / 09 / 2000، تم تنظيم حفل تأبيني للفقيد، حضره أفراد عائلته، وأسرة المقاومة، وأعضاء المجلس العلمي، وفرع رابطة العلماء، وأعضاء المجلس البلدي، والمنتخبون، وأعيان المدينة، وفعاليات المجتمع المدني بسطات.

إعداد: حسن عربي

Related posts

Top