أعلن الاتحاد الهولندي لكرة القدم مؤخرا، عن تعيين الإطار الوطني عادل رمزي، لتدريب المنتخب الهولندي لأقل من 18 سنة.
كان من الممكن أن يكون هذا التعيين الجديد عاديا، بحكم تجربة وتكوين الدولي المغربي السابق، ورصيده المهني والمعرفي، سواء مع أندية هولندية، وأيضا مع فريق الوداد البيضاوي.
إلا أن المثير في هذا التعيين، ما سبقه من تعيينات أخرى مماثلة، وتتجلى في تكليف اسمين آخرين من أصول مغربية، بمنصبين لهما ارتباط بالفئات السنية داخل كرة القدم الهولندية…
ويتعلق الأمر بكل من إبراهيم أفلاي الذي أصبح مساعدا لمدرب لأقل من 20 سنة، وإسماعيل العيساتي الذي سبق أن لعب للمنتخب المغربي مباراتين فقط، وعين كمساعد لمدرب منتخب أقل من 17 سنة…
المؤكد أن هذه التعيينات ليس بريئة، وهناك دراسة مسبقة، تذهب في اتجاه الحد من هجرة المواهب نحو المنتخبات المغربية بجل الفئات، وتعيين أطر لهم أصول مغربية، يساهم في نظرهم في الحد من هذه الهجرة، والتشجيع على اختيار منتخبات بلدان الإقامة والتكوين.
هناك أيضا استشعار عام داخل اتحاد الكرة بالأراضي المنخفضة، بالخطورة التي تشكلها هذه الهجرة المستمرة لأبرز اللاعبين، ممن نشأوا وتكونوا بأهم المراكز الهولندية، إلا أنهم يختارون في الأخير الدفاع عن قميص بلدهم الأصلي، وخاصة المغرب.
وبالرغم من مجموعة من الإغراءات التي أصبح يتبعها مسؤولو الاتحاد الهولندي، من أجل الحفاظ على هذه المواهب، إلا أن مشروع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، كان ناجحا، بعد أن مكن من استقطاب المواهب الكروية من أصول مغربية، وتمكينها من الدفاع عن قميص “أسود الأطلس” على حساب منتخب “الطواحين”، على غرار نصير مزراوي، وحكيم زياش، والأخوين أمرابط، وإسماعيل الصيباري وغيرهم.
وسبق أن ارتفعت أصوات داخل هولندا وأيضا بلجيكا، تطالب بسن قوانين تحرم على مزدوجي الجنسية، الانضمام لمنتخبات بلدانهم الأصلية، بعد أن لعبوا للفئات السنية لبلدان الإقامة، إلا أن المطلب هذا، لم يلق رد فعل إيجابي، نظرا لصعوبة تنفيذه، بالرغم من المساندة الضمنية للاتحاد الأوروبي، إلا أن إظهار عدم الرضا من طرف جهاز (الفيفا)، جعل هذه الأصوات، حبيسة مجال ضيق…
ويعد ظهور أصوات معارضة، وتبني الاتحاد الهولندي -مثلا- سياسة تعيين أطر من أصل مغربي للإشراف على تأطير الفئات الصغرى، مؤشرا لابد من أخذه على محمل الجد، على اعتبار أن حملة الرفض والمصادرة من الممكن، أن تساهم ولو نسبيا في تقليص هامش الاختيار مستقبلا، والتقليل من عدد المواهب التي يمكن أن تختار قميص “أسود الأطلس”، كما أن أصحاب نظرية تقنين عملية تغيير الجنسية الرياضية، أصبح لها مؤيدون حتى من طرف جهات نافذة، كما هو الحال بالنسبة لشخصيات سياسية ومجالات مؤثرة، وهذا من شأنه التقليص من هامش الاختيار، أمام شبكة المنقبين التابعين للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم…
وعليه، فإن مثل هذه المستجدات، تقتضي الانتباه، إلى أن الحل لا يمكن في الرهان المطلق على كل ما يأتي دائما من الخارج، ولابد من إيجاد بديل محلي، يوسع دائرة الاختيار، كما يمكن من إحداث نوع من التوازن المطلوب، بين ما هو محلي، وبين أصحاب التكوين الخارجي…
على هذا الأساس، فإن تقوية وتحسين التكوين الداخلي، من شأنه وضع المنتخبات الوطنية إناثا وذكورا، أمام مساحة اختيار واسعة، وإحداث نوعا من التوازن، أمام الأطقم التقنية المشرفة على قيادة المنتخبات الوطنية بجل الفئات، مع العلم أن التكوين الداخلي له مجموعة من الفوائد، ولعل أبرزها القدرة على التأقلم مع طابع وأجواء المسابقات الإفريقية، والتوفر على إمكانيات تشكيل منتخبات، تمزج بين تكوين داخلي، وآخر خارجي مؤهل للتنافس على أعلى مستوى، وتترقب بعد ذلك إمكانية تحقيق ألقاب وبطولات، تفتقدها خزينة كرة القدم الوطنية…
محمد الروحلي