وماذا بعد 20 مارس ؟

الآن، وقد مرت مسيرات 20 مارس، وبعد كل الذي قيل والذي كتب والذي جرى على الأرض، نعتقد أن من واجبنا كلنا رفع سؤال كبير أمامنا جميعا: وماذا بعد؟
السؤال لا يروم استخفافا أو تغييبا، إنما ينطلق من القناعة بأن لكل دينامية نضالية أو احتجاجية مؤدى وأهدافا وصيرورة، ومن ثم فإن الدينامية التي أفضت إليها احتجاجات 20 فبراير، والسياق العربي الذي تتحرك ضمن مشهديته العامة، يطرحان علينا عديد أسئلة.
ألم يحن الوقت اليوم للتأمل، من طرف الشباب أنفسهم، في مجمل هذه اللحظة؟ وتقييم تفاعلاتها؟ وتحديد أفقها؟
نعتقد أن من حقنا التوجه اليوم إلى هؤلاء الشباب لدعوتهم قصد بلورة تقييم حقيقي لكل الذي جرى ويجري، وذلك من دون أي تسرع أو ارتهان للواقفين في مرحلة (المرض الطفولي)…(لنتذكر لينين بالمناسبة)!!  
الكل اليوم يقول بأن المسيرات تشهد اختلاط المطالب والهويات والمشاريع المعلن منها والمضمر، وجلي أن تعبيرات سياسية (تغزو) هذه المسيرات، منها من يقول بأن (شروط الثورة متوفرة) في المغرب، ومنها من يعلن أنه لن يخرج من الشارع إلا حين يتحقق التغيير الحقيقي (من دون أن يحدد مرتكزاته)، وإذن فالشجاعة تقتضي اليوم من الشباب المبادر إلى الاحتجاج أن يخرج علنا ويقول للمغاربة جميعا  ماذا يريد بالضبط، وفي أي اتجاه تتم المراهنة اليوم على الشارع.
إن ما جرى في الشوارع العربية يؤكد أن التحولات التي تمت لم تجر بصيغة واحدة موحدة، وإنما شرط السياق الداخلي والشرط التاريخي كانا حاضرين بقوة، وانطلاقا من ذلك فإن قراءة حالتنا الاحتجاجية المغربية اليوم لا بد أن تنطلق من الحرص الجماعي على المكاسب، والسعي إلى فتح آفاق المستقبل أمام شعبنا، وأن كل هذه البلدان العربية التي شهدت ثورات وحركات احتجاج لم تعش أية تحولات ديمقراطية من قبل، واعتبرت دائما في الأوساط الحقوقية الدولية من البلدان الأكثر تخلفا على صعيد مؤشرات الانفتاح السياسي والديمقراطية وحقوق الإنسان، وبمقارنة بسيطة لا تحتاج لكثير ذكاء، يبدو المغرب في وضع تاريخي مختلف تماما، وبالتالي فإن الرهان على نقل تلك التجارب أو استنساخ شعاراتها، يبدو رهانا لا يستقيم مع المنطق.
اليوم آن الأوان لنتملك خطاب العقل، وننتقل إلى مرحلة إعداد المقترحات والمطالب، والترافع حولها، وبالتالي استحضار معطيات الأرض وممارسة (التحليل الملموس للواقع الملموس)، التي يبدو أن الرفاق نسوا دلالتها…
وعلى كل حال فليس بالشارع وبالتغطيات الصحفية للمسيرات ننجز الإصلاحات التي يتطلع إليها شعبنا.
فهل تصعد حرارة شعارات الشارع إلى العقول، وتفرض تبلور الأفكار، حتى يتحول النقاش إلى… العمق؟.

[email protected]

Top