قضت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، ليلة أول أمس الأربعاء، بعد حجز الملف للمداولة، ب 20 سنة سجنا لكل واحد من المتهمين الإثنين المتابعين في حالة اعتقال، في ملف ” التهامي بناني ” بعد مؤاخذتهما من أجل المنسوب إليها، وهو الملف الذي تعود وقائعه إلى سنة 2007، قبل أن يأخذ الملف منعطفا جديدا، بفعل إصرار والدة الضحية على كشف كل الحقيقة في ملف ابنها مع معاقبة المتهمين، حيث تحولت هذه القضية، في السنين الأخيرة، إلى قضية رأي عام، خصوصا بعد أن استعانت والدة الضحية بمواقع التواصل الاجتماعي، للضغط على المسؤولين لكشف كل الحقائق التي كانت والدة الضحية، تؤكد أن هناك جهات تحاول إخفاءها في الملف.
وقبل النطق بالحكم، تواصلت في نفس اليوم، مرافعات دفاع المتهمين، الذي طالب ببراءة موكليه بدعوى “انتفاء القصد الجنائي”، بعد أن عمل على دحض التهم المنسوبة إليهما والتأكيد على براءتهما من ذلك.
وأكد الدفاع، أن الشابين المتهمين، تعرضا للظلم جراء متابعتهما في حالة اعتقال، في غياب أي أدلة تؤكد تورطهما في جريمة قتل.
وفي هذا الصدد، قال المحامي محمد السناوي إن “دفاع الضحية بناني يتحدث عن الوفاة وليس القتل، وبالتالي فالموت قد يكون بسبب حادثة أو غير ذلك، ليخلص إلى أن هناك فرقا كبيرا بين الوفاة والقتل.
وأوضح الدفاع أن ” القانون كان واضحا، عندما نص على أنه لا وجود لجناية في غياب القصد الجنائي العام والخاص”، وبالتالي، ففي قضية وفاة التهامي، لا وجود لما يفيد وقوع “جريمة قتل أو محاولة للقتل”، مضيفا، أن جريمة القتل “تكون عن طريق العنف،” وفي حالة الضحية بناني، لاوجود في محاضر الضابطة القضائية مايفيد وجود أي أثر للعنف.
كما أثار الدفاع، مايعرف بقصة الجثة الحاملة للرقم 440 التي كان يعتقد الجميع أنها تعود لجثة التهامي بناني، حيث أمر قاضي التحقيق آنذاك باستخراجها وإجراء خبرة عليها للتأكد من هوية صاحبها.
قبل أن يستدرك الدفاع، أن “ماحصل هو أن المحافظ أعطى رقم الجثة 440، وعندما تم استخراجها كشفت الخبرة أنها تعود لإمرأة وبالتالي فلا وجود للجثة وهو ما يجعل قرار الإحالة باطل، وبالتالي لا وجود لتهمة القتل العمد”.
كما أورد الدفاع، تصريحات مايعرف ب “مولات النعناع”، التي إستمعت إليها المحكمة، والتي حسب الدفاع تتناقض تصريحاتها مع تقرير الخبرة المنجزة من طرف مختبر الدرك الملكي، حيث قالت إنها شمت رائحة الماء “القاطع” على الجثة التي وجدتها ملفوفة في غطاء بلاستيكي أخضر، مضيفا أن ” الخبرة المذكورة لم تشر لوجود مادة “الماء الحارق”، كما أن صور مكان الجريمة واضحة ولا وجود ل ” الغطاء البلاستيكي”.
وأبرز الدفاع تناقضات أخرى لنفس المصرحة، التي قالت أنها أشعرت حارس الفيلا المجاورة باكتشافها الجثة، وهو الأمر الذي نفاه الحارس في شهادته.
من جهة أخرى، ذكر الدفاع بخلاصات الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي أكدت إنعدام وجود جريمة القتل العمد واكتفت بالحديث عن جرائم تتعلق بالتغرير بقاصر وإخفاء جثة، وعدم تقديم مساعدة لشخص في وضعية خطيرة”.
وأكد الدفاع أيضا، أن ملف الضحية التهامي بناني “خال تماما من أي وسيلة إثبات”، مشددا على أن البراءة هي الأصل في الملف.
وكان ممثل الحق العام، في مرافعته في الجلسة السابقة، قد أكد أن جريمة قتل بناني تبقى ثابتة، مشيرا إلى أنه تم العثور على الرأس مفصولة عن الجسد، إلى جانب وجود كدمات على مستوى الجسم.
والتمس الحكم بأقصى العقوبات في حق المتهمين المتابعين في حالة اعتقال بسجن عكاشة.
وتعود أطوار هذا الملف المثير للجدل إلى سنة 2007، وبالضبط منتصف أبريل؛ حين خرج الشاب التهامي بناني، البالغ آنذاك 17 عاما، رفقة أصدقائه على متن سيارة تعود ملكيتها إلى أحدهم، لكنه لم يعد بعد ذلك ولَم يظهر له أثر.
وتحكي حياة العلمي والدة المختفي، في تصريحات سابقة لبعض وسائل الإعلام، أنها رأت بأم عينها ابنها وهو يغادر رفقة أصدقائه لكنه لم يعد واختفى منذ ذلك الحين عن الأنظار، وكانت تلك آخر مرة تراه فيها.
ومنذ اليوم التالي، انطلقت الأم في رحلة البحث عن ابنها، في كل الاتجاهات ووسط كل معارفه وأصدقائه، دون أن يسفر ذلك عن نتيجة، لتقوم بتقديم شكاية لدى السلطات الأمنية، حيث باشرت الأخيرة التحقيق الذي أفضى إلى استدعاء الشباب الذين رافقوا المختفي حسب شهادة الأم، لكنهم أنكروا لقاءه يوم الاختفاء، قبل أن يسدل الستار، بعد هذا الحكم على المرحلة الأولى من هذا الملف.
حسن عربي