بعد أربعين عاما على اكتشاف فيروس نقص المناعة البشرية، ما هي المراحل الرئيسية التي مر بها مرض الإيدز منذ ظهوره وصولا إلى الآمال الراهنة بالقضاء عليه؟
ولم تكن الأوساط العلمية تدرك آنذاك شيئا عن هذا المرض الذي لم يكن له اسم حتى.
وس جلت إصابات بهذا النوع من “العدوى الانتهازية” لدى متعاطي مخدرات بالحقن (نهاية العام 1981)، ومصابين بالهيموفيليا لجأوا إلى عمليات نقل الدم (منتصف عام 1982) وهايتيين مقيمين في الولايات المتحدة (منتصف عام 1982). وأطلق حينها على المرض اسم “4H” (أي الحرف الأول من أربع فئات تتمثل بالمثليين (Homosexuals) ومدمني الهيروين (Heroin) والمصابين بالهيموفيليا (Hemophilia) والهايتيين (Haitians).
وظهر مصطلح “الإيدز” (“متلازمة نقص المناعة المكتسب”) في العام 1982، فيما أ طلق عليه اسم “سيدا” بالفرنسية.
لكن تبين أن “ال ايه في” و”اتش تي ال في-3″ هما نفس الفيروس الذي سمي في العام 1986 بفيروس نقص المناعة البشرية أو “في آي اتش”.
لكن في عام 2008، فاز لوك مونتانييه وفرانسواز باريه- سينوسي فقط بجائزة نوبل عن هذا الاكتشاف.
توفي في أوائل تسعينات القرن العشرين نجوم كثيرون جراء إصابتهم بالإيدز، أبرزهم المغني فريدي ميركوري الذي غيبه الموت في نوفمبر 1991، والراقص رودولف نورييف الذي توفي في يناير 1993. وسنة 1994، كان الإيدز السبب الرئيسي لوفاة الأميركيين الذين تراوح أعمارهم بين 25 و44 عاما.
في 1995-1996، شكل ابتكار فئتين جديدتين من الأدوية محطة بارزة في تاريخ المرض، وهما مثبطات الأنزيم البروتيني ومثبطات النسخ العكسي غير النوكليوزيد.
وكانت هذه المرحلة بداية للاستخدام المشترك لأكثر من عقار مضاد للفيروسات القهقرية، فيما ثبت أن العلاج بثلاثة أدوية فعال ضد فيروس نقص المناعة البشرية. وفي العام 1996، انخفض للمرة الأولى عدد الوفيات الناجمة عن الإيدز في الولايات المتحدة.
أما اليوم، فبات متوسط العمر المتوقع لدى المصاب بالايدز الذي يبدأ في وقت مبكر بتلقي العلاج، مماثل لبقية الأشخاص.
بعدما وقع “يو ان ايدز” (برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز) وخمسة مختبرات بارزة اتفاقا في العام 2000 يرمي إلى توزيع علاجات ميسورة التكلفة في البلدان الفقيرة، تم التوصل في 13 نوفمبر 2001 اتفاق وقع في منظمة التجارة العالمية ويتيح للبلدان النامية تصنيع أدوية جنيسة لمكافحة الإيدز.
شفي الأميركي تيموثي براون، المعروف بلقب “مريض برلين”، من الإيدز نتيجة خضوعه لعملية زرع نخاع عظمي (لعلاج اللوكيميا) من متبرع مقاوم وراثيا لفيروس نقص المناعة البشرية. وسجلت لاحقا حالات أخرى مماثلة لكن من دون أن تفضي إلى معالجة فورية.
في العام 2017، كان للمرة الأولى أكثر من نصف حاملي فيروس نقص المناعة البشرية في مختلف أنحاء العالم يخضعون لعلاج بمضادات الفيروسات القهقرية. وباتت هذه النسبة اليوم تبلغ نحو ثلاثة أرباع، إذ يعالج 28,7 مليون شخص من أصل 38,4 مليون مصاب بالإيدز (أرقام تقديرية لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية).
عرقلت جائحة كوفيد-19 إتاحة الفحوص والعلاجات لمرضى الإيدز، وسجلت 650 ألف حالة وفاة بسبب الإيدز و1,5 مليون إصابة جديدة في العام 2021، في أرقام فاقت الأهداف التي يضعها برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية.
وتأمل المنظمة في “ألا يبقى مرض الإيدز تهديدا للصحة العامة بحلول العام 2030”. وسجل وفاة 40,1 مليون شخص جراء اصابتهم بالإيدز منذ ظهور هذا المرض.
40 عاما مرت على اكتشاف فيروس الإيدز .. معركة شرسة وطويلة من الرعب إلى الأمل
الوسوم