قال الوزير المنتدب المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، عبد الكريم بنعتيق إن مغاربة العالم يحظون بأهمية كبيرة لأنهم جزء من مشروع حداثي، مبرزا، في هذا الصدد، الأهمية والعناية التي ما فتئ يوليها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لهذه الفئة.
وأضاف بنعتيق، الذي كان يتحدث يوم الاثنين الماضي بالصخيرات في حفل تقديم برنامج الجولات العالمية للعروض المسرحية الأمازيغية لفائدة مغاربة العالم، تحت شعار “الفنانون المغاربة.. صلة وصل مع مغاربة العالم”، (أضاف) أن وزارة المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة حريصة على ربط الوصل بين مغاربة العالم ووطنهم، مشيرا إلى أن لهم الحق في الاستفادة ليس فقط من الخدمات الاجتماعية والاقتصادية بل والثقافية أيضا”، معتبرا حدث إطلاق جولات المسرح الأمازيغي بالعالم “لحظة تاريخية واستثنائية بكل المقاييس”.
وبعد أن ثمن عمل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي انتقى وعمل على ترجمة هذه الأعمال، أكد عبد الكريم بنعتيق أن البرنامج المسطر للجولات العالمية للمسرح المغربي الأمازيغي هو بمثابة جسر بين مغاربة العالم ووطنهم الأم، مشيرا إلى أن مغاربة العالم مجموعة من الكفاءات في صناعة الإبداع الثقافي وتسيير مجموعة من القطاعات الرائدة.
من جهته، قال الحسين مجاهد، الأمين العام للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، في ذات اللقاء الذي حضرته شخصيات سياسية ومثقفون وفنانون، وفعاليات حقوقية ومدنية وإعلامية إن هذه المبادرة الواعدة منبثقة عن أعمال الشراكة القائمة بين الوزارة والمعهد.
وفي هذا الصدد، أبرز مجاهد أن هذه الشراكة تتأسس على اتفاقية/إطار وضعت بمقتضاها أسس العمل المشترك في عدة مجالات، بقصد التشاور والتنسيق من أجل النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين وتعابيرها المادية وغير المادية لدى المغاربة المقيمين بالخارج.
وأوضح مجاهد أن برنامج تنظيم جولات فنية تتضمن عروضا فنية ومسرحية باللغة الأمازيغية لفائدة مغاربة العالم المقيمين في عدة بلدان أجنبية يندرج ضمن الشراكة التي نربط المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والوزارة المنتدبة المكلفة بمغاربة الخارج وشؤون الهجرة، مشيرا إلى أن هذه الانطلاقة تتزامن مع الاحتفالات المقامة بمناسبة الذكرى السابعة عشرة للخطاب الملكي بأجدير، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وذكر بأن المعهد سبق له وأن قام بتسليم جائزة الفن المسرحي إلى جانب مجموعة من الجوائز في أصناف مختلفة من الثقافة المغربية.
من جانبه قال الكاتب المسرحي والإعلامي الحسين الشعبي إن إقبال وزارة مغاربة الخارج وشؤون الهجرة على تخصيص برمجة المرحلة الثانية من هذه الجولات للمسرح الأمازيغي، سيزيد من تعميق العناية والرعاية التي ما فتئ المسرح الأمازيغي يناشدها ويتطلع إليها، مشيرا إلى أن هذه الخطوة تثمن التنوع الثقافي الذي يميز المغرب .
وأوضح الحسين الشعبي، في كلمة ألقاها في هذا الحفل باسم الفرق المسرحية الأمازيغية، أن المسرح المسرح المغربي غني بتجاربه وتياراته، بتنوعه وتعدده، إن على المستوى اللغوي، أو الفني أو الفكري أو الجمالي.. وبذلك فهو يعكس تنوع الشخصية المغربية وغناها الثقافي والهوياتي، وتعددَ روافدها ومنابعها تاريخيا وحضاريا.. فالمغرب بلد أمازيغي، عربي، صحراوي، إفريقي، متوسطي.. تلاقحت وتعايشت في أعاليه وأعماقه مختلفُ اللغات والديانات والقوميات، ما أثرى بالفعل خزَّانَه الثقافي والفني والرمزي… لذا، يؤكد المتحدث، لا غرو إن جاء دستور المملكة سنة 2011 ليقر ويحتفي بهذا الفسيفساء.. وأضاف الشعبي أن المسرح لا يمكنه بدوره إلا أن يعكس هذا الثراء، بل مطلوب منه ذلك ليشكل إحدى الروافع الفكرية والتواصلية والاجتماعية التي تنتصر للهوية الوطنية في إطار من التفاعل الجدلي بين الإخلاص للأصول والانفتاح على الحديث المتجدد، ومن ذلك الانفتاح على الثقافات الإنسانية..
يمكن، في هذا الصدد، يقول المسرحي الحسين الشعبي، أن نقر بأن هذا المسعى استطاع المسرح الأمازيغي، خلال العشرين سنة الأخيرة، تحقيقه من خلال تظافر مجموعة من العوامل، حيث شهد هذا المسرح طفرة مهمة في ظرف وجيز، بعد أن عانى من ويلات الإقصاء والتهميش منذ الاستقلال، واستطاع أن يتطور ويتنامى مضمونا وشكلا، واتسعت رقعة المهنيين المشتغلين فيه، كتابا ومخرجين وسينوغرافيين ومصممين وممثلين وتقنيين، كما حظيت أعماله الفنية باستقبال إعلامي ونقدي وأكاديمي لائق بتنامي مسارات تجاربه.
وأبرز الحسين الشعبي أن هناك مجموعة من العوامل ساهمت في طفرة المسرح الأمازيغي المغربي، لخصها في ثلاث عوامل أساسية، أولها: “الدور الطلائعي والتقدمي الذي لعبه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في تأهيل وتبني ودعم ومصاحبة وتثمين الإبداع المسرحي الأمازيغي في عموم التراب الوطني، بتعبيراته اللغوية الثلاث وبمختلف مدارسه الفنية، التراثية منها والتجريبية” يقول الشعبي، مضيفا أن العامل الثاني يكمن في “الدعم العمومي الموجه من قبل وزارة الثقافة للمسرح المغربي عموما ومنه المسرح الأمازيغي، سواء في الشق المتعلق بدعم الإنتاج، أو دعم الترويج، أو شراء العروض المسرحية، أو دعم التظاهرات المسرحية، بالإضافة إلى العمل الجاد الذي يقوم به المسرح الوطني محمد الخامس سواء تعلق الأمر بالمشاركة في الإنتاج أو شراء العروض أو دعم المشاركات في المهرجانات”.
وبالنسبة للعامل الثالث حدده الشعبي في “تنامي الوعي الفني والمهني لدى الفرق المسرحية الأمازيغية، بحرصها الدؤوب والمتواصل على تطوير أدائها وطرق اشتغالها، وانفتاحها على المسارح المختلفة من داخل المغرب وخارجه، واستنادها على الصنعة والحرفية، واعتمادها كفاءات مهنية وطنية عالية ومجرِّبة ومكرَّسة.. وتمكنها من أن تجعل من الأمازيغية، عن طريق المسرح، لغة كونية قادرة على استيعاب العالم”.
في ذات السياق أشاد الشعبي ببادرة الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، التي قال إنها تنضاف إلى العوامل التي ساهمت في الطفرة والإشعاع الذي هم المسرح الأمازيغي المغربي.
إلى ذلك عرف هذا اللقاء الذي احتضنه قصر المؤتمرات بالصخيرات، إقامة حفل فني على هامش إعطاء انطلاقة الجولات المسرحية الأمازيغية لفائدة مغاربة العالم، حيث عرف الحفل تقديم مجموعة من الفقرات الفنية التي ساهمت فيها نخبة من الفنانين من مختلف الأشكال الفنية التعبيرية، وطبعها التنوع في الفقرات والأهازيج الموسيقية، ومن بينهم الفنانة فاطمة تيحيحيت، والفنان نعمان الخلو، والمطرب عبد العالي الغاوي، وآخرون..
جدير بالذكر أن البرنامج الخاص بالجولات العالمية للمسرح الأمازيغي – المغربي يروم العناية بمتطلبات الجالية المغربية بالخارج بمختلف مشاربها، كما يذكر أن هذا البرامج الذي أطلقته الوزارة المنتدبة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة بشراكة مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، يهم 12 فرقة مسرحية ستقدم 51 عرضا مسرحيا أمازيغيا لفائدة مغاربة العالم في جولات تشمل عددا من الدول بقارات أوروبا، أفريقيا، آسيا، بالإضافة إلى القارتين الأمريكيتين.
وتشمل لائحة العروض المسرحية المختارة: “أوسان – ن تاضسا” لفرقة مسرح الصورة من الدار البيضاء، و”تمغارت أيسقلاين نتات ايزوكوزن” لفرقة الأنامل الساحرة للموسيقى والمسرح من الرباط، و”تاوجا” لفرقة أناروز للمسرح الاحترافي، و”تاكزيرت” لفضاء تافوكت للإبداع من الدار البيضاء، و”تكنزا” لمحترف وفاء أكادير للمسرح، و”بريكولا” لجمعية تيفسوين للمسرح الأمازيغي بالحسيمة، و”ماسين غ كرا ن تمديازين” لجمعية آفاق الجنون للفنون الدرامية من أكادير، و”ألوان الشوق – أوكلان ن تغوفي” لفرقة من أكادير، و”من أحرق الشمس” لجمعية أريف للثقافة والثرات بالحسيمة، و”أفوس غوفوس” لفرقة إمازيغن للموسيقى والمسرح من الخميسات، و”ارفيهام ن جحا” لجمعية الفضاء الأورومتوسطي لفنون الفرجة بالحسيمة، و”رماس” لجمعية مارتشيكا للمسرح والسينما.