تتواصل سهرات مهرجان موازين بمشاركة عشرات الفنانين المغاربة والقادمين من مختلف أنحاء العالم، وتشهد مختلف الخشبات المقامة في الرباط إقبالا جماهيريا كثيفا، يؤسس المغاربة عبره لحظة فرح واحتفاء، هي وحدها تقدم الموقف الحقيقي لشبابنا وعموم شعبنا من الفن ومن المهرجانات ومن الفرح، وضدا على كل المجانين والتائهين. لقد لاحظ مستعملو القطارات والحافلات في الأيام الأخيرة توافد عشرات الشباب، وأسر بكاملها من مدن مختلفة على الرباط لمشاهدة نجومهم المفضلين، والكل أعرض عن صراخ المتطرفين، وبقيت وحدها المنصات والساحات المملوءة بعشرات الآلاف من الناس تعطي الجواب الواضح والصريح.
ومكنت التلفزة الوطنية عموم الناس في كل جهات المملكة من متابعة السهرات، بما في ذلك عبر النقل المباشر، وهنا تابع المشاهدون أيضا تصريحات عدد من المتفرجين من عين المكان، واكتشفوا كيف أن المغاربة يتابعون الفنون وموسيقات كل العالم، ويعرفون النجوم ويحفظون أغانيهم ومساراتهم.
موازين أتاح أيضا فرص البروز لعدد من الفنانين المغاربة، ولعشرات المواهب الشابة، وعدد منهم اصطفوا إلى جانب كبار الغناء العربي والعالمي، وبذلك يكون المهرجان مناسبة لهؤلاء للاحتكاك بمبدعين كبار، والاستفادة من تجاربهم، وأيضا الاطلاع على تقنيات حديثة، وتطوير المهارات الفنية والتكنولوجية والتنظيمية.
موازين ليس فقط احتفاء جماهيريا، وتفاعلا فنيا وإبداعيا، إنما هو آلية لتجسيد الانفتاح والتحديث بامتياز، ووسيلة لتسويق صورة المغرب على الصعيد الدولي والتعريف بها، وهذه العملية وحدها اليوم تتطلب إمكانيات هائلة، ومهنية عالية لكسب رهنها.
موازين، ومهرجانات كبيرة أخرى تقام في مدن مختلفة من بلادنا، تتيح لنا ترويج اسم وصورة المغرب عالميا، وتوجد لنا أصدقاء ومدافعين من أوساط الفنانين والنجوم والإعلاميين، وتقدم البلاد بوجهها الحداثي المنفتح، وهذا ما لا يقبله المتطرفون، وهنا لب المعركة ضد المهرجانات وضد الفن وضد الفنانين وضد الهوية المتميزة للمغاربة.
وهذه الأيام عندما يحيط عشرات الآلاف من المغاربة بمنصات موازين، وتضاء شموع الفرح والاحتفال في ليل العاصمة ويردد الجمهور مع كبار الفنانين أغانيهم وموسيقاهم، ندرك جميعا جواب المغاربة واختيارهم بشأن الموقف من المهرجانات الفنية.
في السياق ذاته، حضر المغاربة السهرات وغنوا ورقصوا مع إيقاعات العالم، ثم انصرفوا إلى بيوتهم، ولم تسجل أي حوادث لحد الآن، ولله الحمد والشكر، كما أن المهرجان لم يمس لا أخلاق المغاربة ولا سلوكياتهم الجنسية أو غير الجنسية، ووحدهم الذين أصروا على إهانة المغاربة بالحديث عن الحياة الشخصية لبعض الفنانين، وحدهم هؤلاء “طاحت يدهم في الما” ولا شك أن عيونهم بقيت جاحظة، وتأكدوا أن المغاربة يرفضون من يريد أن يحجر عليهم وعلى أذواقهم وحريتهم، ويرسم لهم مسارهم السلوكي والحياتي.
المغاربة ليسوا بلا أصل ياناس، وليسوا بلا تاريخ أو بلا اختيارات
وفي موازين سجل المغاربة موقفهم واختيارهم، وانصرفوا إلى حياتهم…