يبرز بشكل لافت هذه الأيام اهتمام بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية بالمغرب، حيث تواصل قناة «نسمة. تيفي» مثلا بث أفلام وحوارات من المغرب، وعبرت قناة «بيبيسي- عربي» عن اهتمامها بتعزيز تواجدها في المملكة، وشروعها في إعداد برامج خاصة بجمهورها المغربي، كما لاننسى أن قناة «الجزيرة» أيضا ليست لها نشرة من خارج الدوحة، إلا من العاصمة المغربية، بالرغم من كل ما يمكن أن يقال بهذا الخصوص… وعلاوة على القنوات المذكورة، نشير كذلك إلى أن قنوات أخرى، تخصص برامج للمغرب، بل ومنها من تبث أحيانا حلقات من بعض برامجها مباشرة من الرباط، وبموضوعات مغربية…
لا نناقش هنا المضامين والمنطلقات وخلفيات ما قد يرد في ثنايا الرسائل الإعلامية، هذا موضوع آخر، نود هنا لفت الاهتمام فقط إلى كون المغرب نقطة جذب لدى هذه المؤسسات الإعلامية عربية كانت أو دولية.
وفي السياق نفسه، يمكن أن نستحضر أيضا اهتمام عدد من الصحف العربية والأوروبية بالمغرب…، لنخلص إلى التساؤل عن أسلوب تعاطي المغرب مع هذا الملف، أي علاقة البلد بالإعلام الدولي والعربي، وحضور المغرب في هذا العالم، وهل هناك إستراتيجية شاملة ومتكاملة بهذا الخصوص تروم تطوير الحضور المذكور وتعزيزه، وجعله يخدم صورة البلد وديناميته الديمقراطية والتنموية ومصالحه الوطنية والاقتصادية والإستراتيجية…
السؤال هنا ليس بصيغة تحميل المسؤولية، إنما بغاية لفت الانتباه إلى خطورة الإعلام ضمن الاستراتيجيات الديبلوماسية المعاصرة، وهنا ستصير المسؤولية مشتركة وبحجم التحديات المطروحة على البلد برمته.
معلوم أن الدول تستعمل إلى جانب منظومتها الديبلوماسية الرسمية أدوات أخرى معززة مثل الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والفنانين والمثقفين والرياضيين والفاعلين الاقتصاديين، علاوة على الإعلام.
وحيث أن إعلامنا، خصوصا السمعي البصري، لا يبالي اليوم بالتوجه إلى الخارج، بما في ذلك محيطه المغاربي أو الجمهور العربي، ولا يطمح إلى أكثر من التواصل مع مغاربة المهجر، فإن التوجه إلى الإعلام الأجنبي وإشعاع المغرب عبره، مهمة لا تخلو من حيوية اليوم.
في مرات كثيرة تلجأ الدول إلى مراكز بحث وإلى لوبيات ضغط في العديد من عواصم الدول الكبرى في محاولة للتأثير على صناع القرار، كما هو رائج في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا، وهذا أسلوب بات عاديا، لكنه يقتضي تمويلات باهظة، وأحيانا يمكن لحضور إعلامي ذكي في الوقت المناسب وفي المؤسسة المناسبة وبالشكل المهني المناسب أن يفعل أكثر مما قد تفعله لوبيات الضغط وبأموال أقل، وهنا تتجلى سلطة الإعلام وخطورة الصورة…
المغرب يمتلك عناصر قوة بإمكانها أن تشكل أوراق جذب للإعلام ، ويمتلك كفاءات مهنية، بما في ذلك خارج البلاد وفي مختلف المؤسسات الإعلامية العربية والعالمية، من الضروري اليوم بلورة خطة تحرك منظمة ومتكاملة على هذا الصعيد…