حطم رئيس الوزراء الاسباني الرقم القياسي لأقصر اجتماع. الرقم السابق كان في حوزة المدير التنفيذي لشركة عالمية. الفرق بين صاحب الرقم القياسي السابق ورئيس الوزراء الاسباني هو أن الأول استطاع، خلال 60 ثانية توجيه دفة مساعديه نحو الوجهة التي تحقق مزيدا من الأرباح للشركة، وكانت الرسالة واضحة حققت المراد منها، فيما لم يفلح صديقنا بيدرو سانشيز، خلال 29 ثانية، سوى في جمع كم هائل من مواقف السخرية، ليس فقط في الصفحات الاجتماعية لبلاده، بل أيضا في كل بقاع العالم.
وسائل الإعلام الاسبانية الرسمية لم تجرؤ، كما كان متوقعاـ على إظهار شريط أو صور ضافية لرئيس حكومتها وهو” يختلس” بعض الحديث مع بايدن في مقر حلف “الناتو” عند توجهه إلى مدخل الجلسة حيث يعقد رؤساء الدول والحكومات جانبا من القمة. لكن، على العكس من ذلك، قامت الصفحات الاجتماعية للجارة الشمالية بتحليل دقيق لهذه الصور. فبدا رئيس الحكومة، في بداية الشريط، كتلميذ يتحين فرصة ظهور الأستاذ، للتبرك بالسلام عليه، وحين لاح طيف هذا الأخير عند البوابة، سارع إلى اللحاق به، متوددا الحديث إليه، دون أن يستطيع انتزاع لحظة توقف واحدة يستغلها للتسويق لديبلوماسية بلده، ولإنقاذ ماء وجه حكومته التي فشلت في إدارة الأزمة مع المغرب. ويبدو في الشريط أن بايدن كان واثق الخطى يمشي ملكا، لا يلتفت يمنة ولا يسرة. وهو دليل على عدم الانتباه إلى ثرثرة صاحب فضيحة “بطوش غيت”، وبالأحرى التفاعل معه. نعم. كان مصير اللقاء الأول من نوعه منذ وصول بايدن إلى البيت الأبيض الفشل الذريع، والانتكاسة لوسائل الإعلام المسخرة من قبل الحكومة الاسبانية التي أقامت الدنيا ولم تقعدها من خلال الأخبار والتحاليل التي همت هذا اللقاء وما سيطرحه سانشيز على سيده الأمريكي من قضايا تهم العلاقات الثنائية والدولية والإقليمية، بما فيها الخلاف حول الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء. لقاء توج ليس فقط بالفشل، بل بالإهانة وما أعقبها من سخرية ركزت فيها وسائل التواصل الاجتماعي على نهاية الممر حين انسل الزعيم الاسباني خائبا دون أن يحضى حتى بالتفاتة وداع من الرئيس الأمريكي الذي لم يعره أدنى اهتمام.
المشهد الكامل المروع لتهجم بيدرو سانشيز على جو بايدن، والذي نقلته عدسات وكالات الأنباء العالمية، يؤكد رسالة واضحة مفادها أن إسبانيا خارج أجندة بايدن الذي ضرب غرورها في مقتل، ويعطي تفسيرا لما تشهده الديبلوماسية المغربية خلال السنوات الأخيرة من دينامية تقوم على تطبيق المقولة التاريخة “صنع غرور الآخر يأتي من إعطائه قيمة لا يستحقها”.
< مصطفى السالكي