الاحتجاجات في عدد من مناطق البلاد ضد فرض جواز التلقيح، وضد الارتجال الحكومي بهذا الخصوص، تبقى مشروعة ومتفهمة، كما أن العديد من الهيئات والقوى أدلت بمواقفها حول الموضوع، وعرضت على السلطات حلولا للخروج من ورطة الارتباك، لكن مقابل هذا، لم تخل بعض الوقفات الاحتجاجية وما ينشر حواليها من تصريحات ومواقف من انزلاقات تقتضي حزما ووضوحا في التصدي لها.
كل السجالات ومواقف الرفض المعبر عنها تجاه الطريقة التي فرضت بها الحكومة جواز التلقيح، لا علاقة لها بالتلقيح نفسه، ولا تطعن في أهمية التلقيح، وفِي ضرورة الحرص الجماعي على صحة وسلامة شعبنا وبلادنا.
لقد واجهنا في بداية انتشار الوباء تنامي الأخبار الزائفة والشائعات وأفكار الخرافة والدجل ذات الصِّلة بالفيروس، ثم لاحقا باللقاح، واليوم بدأت نفس هذه الأفكار والخرافات تتسلل من بين صفوف المحتجين، وعاد من يروج للمؤامرات وإنكار وجود الوباء، ومن يضع الأزمة الصحية بكاملها ضمن صراع ديني متخيل…
هنا يفرض الوضوح نفسه، وتطرح، من جديد، مسؤولية التنوير، وأيضا التصدي للمشعوذين.
هناك بالفعل جائحة تضرب العالم بأسره، وهناك حرب حقيقية تخوضها الدول والمجتمعات لإنقاذ شعوبها من الفيروس القاتل، ومن حق شعبنا على سلطات بلاده العمل لحماية صحته وحياته وسلامته.
لا بد هنا أن نسجل أن بلادنا، برغم ضعف مواردها وإمكانياتها، بذلت جهدا تمويليا وتدبيريا ضخما لمواجهة الوباء وتوفير اللقاح مجانا للشعب، وكل هذا من الواجب الاعتراف به والتنويه به وتثمينه.
اليوم نحن في المراحل الأخيرة تقريبا في هذه المعركة الوبائية الكونية، وسيكون من باب اللامسؤولية التفريط في كل هذه المكتسبات، وترك فئات من شعبنا من دون تلقيح، ومعرضة لمخاطر صحية…
نسجل فعلا أن طريقة فرض جواز التلقيح من طرف الحكومة كانت عبثية، ويجب إيجاد حلول للخروج من هذه الورطة، والتفكير في صيغ إدارية أخرى، ولكن في نفس الوقت، من الضروري تمتين التعبئة الوطنية لإكمال عملية التلقيح، ومن أجل الوصول إلى تعزيز المناعة الجماعية لشعبنا، وحتى تعود البلاد إلى حياتها الطبيعية في كل المجالات والقطاعات.
في السياق ذاته، على الحكومة والإعلام السمعي البصري تقوية التواصل مع المغاربة بشكل منتظم، وتعزيز التنوير والتوعية، والتفاعل مع الانشغالات المعبر عنها من طرف الناس في الواقع، وذلك لدحض الخرافات والشائعات، ومحاربة الجهل والدجل والشعوذة.
الحكومة مدعوة لتكون شجاعة في بلورة حلول لورطتها في فرض جواز التلقيح بشكل عبثي، وهي مدعوة كذلك للكلام مع المغاربة وتنويرهم وطمأنتهم والرد على أسئلتهم، وكل هذا لكي تعيد حملة التلقيح امتلاك ديناميتها، ولكي تستطيع بلادنا ربح تحدي المناعة الجماعية في أقرب وقت.
<محتات الرقاص