يعتبر التعامل مع القضايا البيئية والمواكبة اليومية لمجموعة من المواضيع التي تهم المواطن والمحافظة على التنوع البيولوجي والنظم الايكولوجية وغيرها من أهم المحاور التي يمكن أن يتناولها الإعلامي البيئي، تلك المحاور التي يمكن أن تحيط بالبيئة والتنمية المستدامة، حيث يتم طرح عدة ملفات كبرى تتعلق بتلوث المنظومات الايكولوجية الهشة بمعاصر الزيتون، اجتثاث القطاع الغابوي، مقالع الرمال، تدهور المنظومات الساحلية، العجز المائي وتغير المناخ، مع تحري الأسباب بكل موضوعية. وتجدر الإشارة أنه في المغرب زاد اهتمام وسائل الإعلام السمعية البصرية بقوة بالقضايا البيئية، خصوصا بعد التنظيم الناجح لقمة المناخ بمراكش في نسختها الثانية والعشرون، ورافق هذا النجاح دينامية إعلامية على مستوى المؤسسة الوطنية للإذاعة والتلفزيون بالمغرب. وتكشف الربورتاجات واستطلاعات الرأي والتقارير الإخبارية بالفعل هذه الدينامية الإعلامية القوية، حيث عرفت سنة 2020 لوحدها تسجيل ما يزيد عن 993 موضوعا إعلاميا على القناة الأولى المغربية له علاقة مباشرة بالبيئة والتنمية المستدامة. بينما خلال سنة 2021، تم تقديم ما يفوق عن 1256 مادة إعلامية على القناة الأولى. كما تعزز المشهد الإعلامي بصفة عامة والمشهد الإعلامي البيئي، مؤخرا، بميلاد المجلة العلمية ”عين على البيئة” منذ شهر أكتوبر 2021، البرنامج الذي تقدمه الإعلامية هدى مساهل على القناة الأولى والذي أغنى المجال الإعلامي البيئي بدقة الأرقام المقدمة وجودة الخبراء الذين يستضيفهم منذ أولى حلقاته. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل عن تحول تدريجي في التوجهات الإعلامية نحو رؤى أكثر صحة وإعلام دقيق ينقل آلام البيئة وآمال الخبراء من الواقع إلى وسائل الإعلام وعبرها الى المواطن والمتتبع، حيث يتم إنتاج هذه المواد الإخبارية مع العلماء والخبراء وفعاليات المجتمع المدني.
الاحترافية المهنية في الإعلام الإيكولوجي الهادف
للخبير البيئي نصيب خاص في التغطية الإعلامية للقنوات الإخبارية المغربية من منطلق دور الإعلام في تنمية وترسيخ الوعي البيئي عبر التقارير والربورتاجات التي يتم بثها عبر النشرات الإخبارية وباللغات الأربع العربية، الأمازيغية، الفرنسية، الإسبانية، مواد إخبارية ترصد الإشكالات البيئية وتتابع عن كثب مختلف الظواهر الطبيعية، وهكذا تقارب الربورتاجات علاقة المغاربة بالبيئة وبمحيطهم البيئي. هذه التغطية المتواصلة والمستمرة وبحنكة عالية توجت بميلاد مجلة علمية تعنى بالقضايا البيئية أطلق عليها ” عين على البيئة” عين مجردة ترى الإشكالات البيئية بعين الخبير والعالم والمتخصص وترصد مكامن الخلل وتوصل الخبر إلى المواطن البسيط وإلى الفلاح والمقاول، إلى الطفل والشاب والمرأة والشيخ، ”عين على البيئة” موعد إعلامي قار يرصد القضايا البيئية الوطنية كما يواكب المجهودات الكبرى التي تبذل في سبيل تنزيل اتفاق باريس، ويحتفل بنجاحات المغرب التاريخية في مجال التنمية المستدامة والعمل المناخي، ويحتفل معه كل المغاربة عند احتلال مراتب عالمية جد متقدمة. مجلة علمية ذات وعاء زمني لا يتعدى 13 دقيقة يقف فيه المختصون عند مبادرات المجتمع المدني والمقاولات الخضراء والتعاونيات المواطنة وجميع الأفكار التي ترمي إلى الحفاظ على موروثنا الطبيعي. مدة زمنية قليلة يتم فيها تسليط الضوء على قضايا التلوث برا وجوا وبحرا، والتطرق إلى تداعيات التغيرات المناخية على الثروات الطبيعية وتقرير النموذج التنموي الجديد.
الخبرة الكندية في الإعلام الإيكولوجي
قبل ثلاث سنوات كنت محظوظا بحضور أشغال مؤتمر وطني حول الإعلام البيئي رفقة العديد من الخبراء الذين جمعهم معهد العلوم البيئية جامعة كيبيك في مونتريال، حيث أيقنت أنه من الممكن أن تعطي وسائل الإعلام مساحة أكبر وأكثر للبيئة، ولكن دون أن تنجح في إبهار خيال سكان كيبيك بما فيه الكفاية. وتأكدت بعد مداخلات العديد من رجالات الإعلام الكندي أنه من الصعب جدا جعل الأزمة البيئية ملموسة، فالظاهرة البيئية التي يتم الحديث عنها أكثر من غيرها في وسائل الإعلام هي ظاهرة يصعب الشعور بها بواقعية معينة، إنها حقيقة تبدو بعيدة ولا يوجد في وجهها عدو حقيقي، عكس ما يحدث عندما تحشد بلدا ضد عدو حقيقي فأنت تعرف العدو جيدا والانقسام واضح جدا، لكن هنا العدو في النهاية هو أنفسنا ونحن هم المسؤولون عن هذا الدمار. واتفق المتحدثون في المؤتمر على حقيقة واحدة ووحيدة هي أن تعقيد الظواهر والقوانين والأحداث يجعل من الصعب تقريب الأزمة البيئية ونشرها للجمهور من المواطنين، لذلك يبدو من الضروري شرح هذه الظاهرة بشكل أفضل ولكن أيضا لجعل التكيف مع تغير المناخ أكثر واقعية، لذا فإن مهمة الإعلام البيئي هي مهمة العلماء والنشطاء المناخيين أيضا وليس فقط الصحفيين. ولكن يجب أيضا على العلماء والناشطين تغيير الخطاب لإيصال الخطوات التالية بشكل أفضل مما يجعل من الممكن الخروج من صراع مجرد للتركيز على المزيد، فنحن في الأخير نود أن نعتقد أن وسائل الإعلام مسؤولة ونود منها أن تخبرنا بما يجب فعله، بينما في الممارسة العملية ستنقل وسائل الإعلام ما ستقدمه لها مجموعات الضغط، فنحن نخضع لما سينتج عن الأخبار وليس بالضرورة للعادات الجيدة التي نرغب في توليدها. بالإضافة إلى ذلك قد يحجم بعض الخبراء عن إيصال نتائج أبحاثهم عبر وسائل الإعلام بسبب ضيق المساحة والوقت المخصصين لشرح الظواهر المعقدة. وتجمع القضايا البيئية العديد من الجوانب المختلفة لذا فإن أخذ العديد من القضايا تحت نفس مصطلح “البيئة” في الحسبان يمثل تحديا كبيرا لوسائل الإعلام التي لديها عدد قليل من الصحفيين المتخصصين في البيئة، وبالنظر إلى هذا الواقع المعقد هناك سبب للاعتقاد بأن خبرة الصحفي البيئي أصبحت ضرورية أكثر من أي وقت مضى.
تجربة مغربية مميزة في مواكبة مؤتمر المناخ
بصفتها المؤسسة الإعلامية الوطنية المكلفة بالبث الرسمي لفعاليات مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي احتضنته مدينة مراكش عام 2016 وتماشيا مع أهدافها العامة المرتبطة بتعزيز تواصل القرب مع محيطها الخارجي، أخرجت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة مئات البرامج البيئية في مواكبة خاصة لفعاليات هذه التظاهرة الدولية الهامة: ربورتاجات حية تلك التي أصدرتها مديرية الأخبار بالتلفزة المغربية، بالإضافة إلى برامج الإذاعة الوطنية والإذاعة الدولية والإذاعة الأمازيغية وكذا قنوات “الأولى” و”تمازيغت” و”الثقافية” و”السادسة”، مع التذكير بالمكانة التي تشغلها قضايا البيئة والإيكولوجيا في الشبكات البرامجية لمختلف القنوات الإذاعية والتلفزيونية التابعة للشركة، والتي تتضمن برامج وثائقية على الأولى. وتجدر الإشارة أنه تم تخصيص 16 برنامجا تلفزيا يهم هذا المؤتمر، تتراوح مدتها ما بين من 13 و26 دقيقة، إضافة إلى نقاشات وحوارات مع مختصين في البيئة من داخل الجناح الأخضر والأزرق للمؤتمر، بهدف تزويد المشاهدين بشكل متواصل بأخبار متدفقة من عين المكان قصد تقريبهم من تفاصيل الأجواء التي ميزت فعاليات هذا اللقاء العالمي، بالإضافة إلى برامج خاصة بالبيئة والإيكولوجيا والتغيرات المناخية. كما أعدت الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية ستة وعشرين مجلة إخبارية تبث كل يوم سبت، بينما تم إنجاز وبث 800 تقريرا وربورتاجا خلال الأسابيع التي سبقت انعقاد المؤتمر الدولي للمناخ، برامج تهم في مجملها قضايا التغير المناخي والتحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة، تضمنتها النشرات الإخبارية اليومية بهدف نشر ورفع الوعي البيئي.
تفعيل الميثاق الوطني للإعلام والبيئة والتنمية المستدامة
تفعيلا للتوصيات الصادرة عن قمة المناخ في دورتها الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ تم إخراج الميثاق الوطني للإعلام والبيئة والتنمية المستدامة لحيز الوجود، ميثاق وقعت عليه 30 مؤسسة وطنية تمثل قطاعات وزارية وهيئات ترابية وقطاع الخاص ومؤسسات التكوين والبحث وجمعيات المجتمع المدني ومتعهدي الاتصال السمعي البصري والصحافة المكتوبة، فضلا عن جملة من الفعاليات المعنية بالبيئة والإعلام. ميثاق يهدف إلى الرفع من تأثير الإعلام الوطني، في مواجهة التحديات الكبرى التي يعرفها المغرب في مجالات البيئة والتنمية المستدامة، ويأتي الدور الفعال والاستباقي الذي يتعين أن يلعبه الإعلام على مستوى انتقاء ومعالجة المعرفة العالمة في المجال البيئي، والقيام بمهام الإخبار الآني والتوعية النقدية المواطنة بالموازاة مع تنشيط النقاش العمومي والترافع للتأثير على السياسات العمومية، حيث كان الجميع يمني النفس بالتزام جميع الشركاء بمضامين هذا الميثاق والحرص على تتبع تنفيذه، ميثاق وصفه الخبراء بــالميثاق ذو المضمون النبيل والآني والاستعجالي الذي انخرط فيه المغرب بطريقة إرادية. هذا الميثاق ”المبادرة” لا يقتصر على ما هو ذاتي فقط، بل يتعداه إلى تجليات وطنية وكونية وإنسانية، ميثاق كان من المفترض أن يعكس تضامن عدد كبير من الشركاء، مبادرة مواطنة تمثل مرآة الدينامية الشاملة التي يشهدها المغرب منذ عقود من الزمن في المجال البيئي، وفق رؤية بآفاق زمنية محددة.
وإذا كانت لوسائل الإعلام أهمية قصوى في إيصال المعطيات والأبحاث الخاصة بمختلف الظواهر الطبيعية، فإنها تعتبر جسرا للعلم والمعرفة يعرف بالأنشطة الحكومية وبرامج المجتمع المدني والمقاولات المواطنة، وتعتبر كذلك أداة لتحسيس المواطنين بالرهانات التي تفرضها حماية البيئة وبالحاجة الماسة إلى الحفاظ على الموارد الطبيعية، كما تعتبر آلية وقوة ضاغطة على السياسات العمومية وآلية ناجعة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 فإن إصدار هذا الميثاق يتماشى مع توجهات المملكة المغربية التي تتوفر اليوم على جميع المقومات للسير قدما على درب تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، وفي الوقت الذي يلعب فيه الإعلام دورا أساسيا في دعم البرامج التنموية، فإنه أصبح من الواجب العمل على خلق إعلام متخصص في قضايا البيئة، يحلل مخططات مجالس الجهات ويلعب دور السلطة الرابعة، وتجدر الإشارة إلى أن من بين الأهداف الكبرى لهذا الميثاق تحقيق رهان النهوض بثقافة التنمية المستدامة من خلال سعي الإعلام الوطني لتعزيز دوره بقدراته الذاتية وتعهد إرادي من كافة الشركاء للرقي بهذا الدور ورفع التحديات البيئية الكبرى على المستوى الوطني والكوني، ويبقى الميثاق الوطني للإعلام والبيئة والتنمية المستدامة إطار تعاقدي إرادي بين فاعلين مؤ سساتيين و مهنيين ومدنيين، لدعم الإعلام الوطني بما يساهم بشكل دال في تعزيز جهوده الذاتية للرفع من الأثر المتوخى من أدائه، على مستو ى الرفع من الوعي النقدي الفردي والجماعي بقضايا البيئة والتنمية المستدامة وتحفيز الطاقات المحدثة للتحول في هذا المجال، ترسيخا لأسس نموذج تنموي مستدام ومدمج يضع الإنسان ومحيطه متعدد الأبعاد في صلب الاهتمام والفعل، الميثاق الذي تم إدراجه في سياق التحديات الكبرى المتعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة التي تتميز بتزايد و تعقد وتسارع المخاطر التي تفرزها على مستو ى كوكبنا، و التي ترهن حال ومآل الأفراد والمنظومات الطبيعية خاصة منها الأكثر هشاشة، وتهم هذه التحديات، على الخصوص المكونات السبعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة : التغير المناخي، الصراعات والكوارث، إدارة النظام الإيكولوجي، الإدارة البيئية، مواد ضارة، فاعلية الموارد والبيئة قيد الاستعراض.
وفي هذا السياق، يشهد المغرب منذ أكثر من عقدين من الزمن دينامية حقيقية في التفاعل مع التحديات البيئية المشار إليها، تميزت باعتماد مقاربات حمائية ونسقية وشمولية، ففضلا عن تنصيص الدستور على الحق في بيئة سليمة وتنمية مستدامة، تم الانخراط دوليا في العديد من الاتفاقيات والمبادرات، ووطنيا في إصدار قوانين ووضع استراتيجيات وخطط عمل إجرائية، مما ساهم في تنامي الوعي البيئي على مستوى الأفراد والمؤسسات، وانعكس إيجابا على السياسات والممارسات والسلوكات، وتواصلت هذه الدينامية بزخم كبير مع احتضان المغرب للدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ بمراكش في شهر نونبر 2016، وهي القمة التي انعقدت تحت شعار الفعل بدءا بالجواب على السؤال المحوري “هل نسير في الطريق الصحيح؟” الذي تضمنه الخطاب الافتتاحي لجلالة الملك محمد السادس ، مستحضرا صيانة كرامة البشر كموضوع وغاية للالتزام بقضايا البيئة بشكل عام، وداعيا، بعد التأكيد على انبثاق وعي إيجابي، إلى المضي قدما لتدارك الزمن الضائع، في إطار تعبئة متواصلة وشاملة، وبالنظر لما شكلته هذه التظاهرة من فر ص متاحة على مستوى التعبئة الوطنية، فقد اجتهدت وسائل الإعلام للمساهمة في إنجاحها، وأبرزت من خلال ذلك قدراتها المؤسساتية والمهنية وطاقاتها الإبداعية على مستوى التفاعل مع اللحظة، سواء عبر المتابعة الإخبارية أو البرامج المنتقاة والمنتجة ذات العلاقة بقضايا البيئة و التنمية المستدامة، من شأن هذا المنحى أن يسجل نتائج إيجابية إذا تظافرت الجهود ليحافظ على استمرار يته و يرفع من نجاعته وفعاليته، في إطار ما يعرف “بالإعلام التنموي، و تتبنى هذه الأرضية مفهومي البيئة و التنمية المستدامة، وفق التعريف المعتمد من قبل المشرع المغربي، الذي اعتبر موضوع البيئة وحمايتها جزءا لا يتجزأ من السياسات التنموية، إلى جانب أبعادها الأخرى، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تهدف إلى الاستجابة لحاجيات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المقبلة في هذا المجال، وتستند على المرجعيات التالية: روح الدستور ومقتضايته ذات الصلة بالشأن البيئي والتنمية المستدامة، وخاصة منها تلك التي تنص على الحق في بيئة سليمة وتنمية مستدامة؛ التوجيهات الملكية المعبر عنها في مناسبات عديدة والتي تضع الإنسان في قلب الانشغال بقضايا البيئة والتنمية المستدامة؛ أهداف التنمية المستدامة 2030 وأجندة 2063 بشأن التحول السوسيو-اقتصادي للقارة الإفريقية على مدى الخمسين سنة المقبلة، والجهود المبذولة من قبل المغرب كعضو نشيط في المجتمع الدولي في ميدان المحافظة على البيئة والتنوع البيولوجي ومكافحة التغيرات المناخية من أجل تنمية مستدامة و متضامنة؛ نتائج الدورتين 21 و22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ وما سبقهما و رافقهما وتلاهما من فعاليات؛ المقتضيات القانونية والتنظيمية الضابطة للشأن البيئي بمختلف تجلياته والقائمة على إدماج بعدي البيئة والتنمية المستدامة في مختلف السياسات العمومية والاستراتيجيات قطاعية؛ المقتضيات القانونية والتنظيمية المتعلقة بالمجال الإعلامي، الأولويات الاستراتيجية الوطنية البيئية 2016-2030 والمتعلقة بوسائل الاتصال كأدوات أساسية في جمال التوعية وتشكيل مواطنة بيئية نشيطة البرنامج الحكومي لسنة 2017 الذي أكد على التنمية المستدامة كمحور أساسي في السياسات العمومية، وتراكمات وسائل الإعلام على مستوى التعامل مع قضايا الشأن البيئي والتنمية المستدامة، التزامات و تراكمات عدد كبير من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على المستويات الوطنية و الجهوية والمحلية، و يستمد الميثاق الوطني للإعلام والبيئة زالتنمية المستدامة روحه من قيم ومبادئ الحرية والمسؤولية والتعددية والمشاركة والشراكة والمساواة والقرب والالتزام، بينما ينبني الميثاق على ثلاثة مكونات أساسية ومترابطة تتمثل في الدور المتجدد للإعلام بناء على الرؤ ية المعبر عنها، الأطراف الملتزمة بدعم هذا الدور، ثم الحاجيات الرئيسية موضوع الدعم:، ويتمثل هذا الدور في تجاوز المواكبة، مع أهميتها، إلى تأثير دال يساهم في تدارك سرعة المخاطر المحدقة بالبيئة مقدما من خلال أداء متعدد الأبعاد والأهداف، قيمة مضافة ريادية واستباقية تعتمد التنبيه والتحذير والتنوير والتثقيف تجاه صانعي القرار وسائر المواطنات واملواطنين؛ تتكون الأطراف المعنية بتحفيز دور الإعلام فضلا عن أدوارها المباشرة لفائدة البيئة، من فاعلين أساسيين على مستوى الدولة والمجتمع، من حكومة، مؤسسات وطنية، جهات و جماعات ترابية، مؤسسات عمومية، قطاع خاص، هيئات أكاديمية ومجتمع مدني، وتشمل حاجيات الإعلام المعبر عنها تجاه مختلف الأطراف المعنية مجتمعة أو كلا على حدة، سرعة وسلاسة الولوج إلى المعلومات بمختلف أنواعها ومستوياتها ومصادرها، وإلى ذوي الخبرة، بمختلف اختصاصاتهم، تقوية القدرات المهنية المرتبطة بالتواصل بشأن قضايا البيئة، فضلا عن التحفيز والتشجيع هذا الميثاق الوطني للإعلام والبيئة والتنمية المستدامة الذي نشأ كفكرة في إطار احتضان المغرب للدورة 22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ و تطور كمشروع تعاقدي إرادي متعدد الشركاء، هذا الميثاق الوطني للإعلام والبيئة والتنمية المستدامة الذي وقعته كل من الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري، المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الشركة الوطنية الإذاعة والتلفزة، مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، المعهد العالي للإعلام والاتصال، كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، جمعية الإذاعات والتلفزات المستقلة، المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة كتابة الدولة المكلفة بالماء المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما، قناة ميدي 1 تي في، النقابة الوطنية للصحافة المغربية والمركز السينمائي المغربي.
بدايات الاعلام الإيكولوجي من فرنسا
إن بدايات الإعلام الإيكولوجي أو ما يسمى بالصحافة البيئية تعود إلى نهاية الستينيات حيث تمكنت من إنشاء الحركات الجمعوية الأولى لحماية الطبيعة حيث حصلت رابطة الصحفيين من أجل الطبيعة والبيئة عضويتها بالاتحاد الفرنسي لجمعيات حماية الطبيعة، هذه الشبكة التي أصبحت في عام 1989 تحمل اسم بيئة الطبيعة في فرنسا، هذه المنظمة التي لا تستقطب الصحفيين فقط بل هي مكان لتطوير مناقشة القضايا الطبيعية والبيئية. ويمكن تفسير إعادة توجيه المنظمة في أوائل التسعينيات من خلال هذه الحاجة إلى التخلص من التوجه النقابي الى التوجه العلمي حيث تم قطع الحبل السري مع الرابطة الأم لبيئة الطبيعة الفرنسية، بينما يتم التركيز على القضايا الأكثر ارتباطا بالإنسان وأنشطته كالتلوث والنقل والصرف الصحي والأمن المائي والغذائي. ويبقى الأهم في تاريخ الإعلام الايكولوجي هو صعود البيئة في التسلسل الهرمي للاهتمامات العامة حيث في أوائل القرن الحادي والعشرين انتقل الاهتمام بالشأن البيئي من التحولات الاجتماعية المنتشرة حيث بدأ الحديث عن مأسسة الصحافة البيئية أي كتابة تاريخ طرق إدارة الأخبار البيئية في وسائل الإعلام المختلفة عبر رسم خرائط وتاريخ الطرق المختلفة لإدارة المعلومات البيئية، فإضفاء الطابع المؤسساتي على البيئة كتخصص صحفي ولد تغييرا في الصورة الاجتماعية للصحفيين مما أدى إلى توظيف صحفيين تختلف علاقتهم بالبيئة بشكل كبير عن علاقتهم بأسلافهم بينما لا ينظر الصحفيون المسؤولون عن البيئة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين إلى هذا التخصص على أنه نوع من الالتزام، كما يعبر البعض عن ذلك فهم يتعاملون مع الأخبار البيئية برؤية أقل تميزا بالتناقض المرتبط بظهور الصحافة البيئية ويشعرون بأنهم أقل اضطرارا لفرض أوراقهم لأنهم يعتقدون أنهم ينشرون ما يكفي منها، وينظر الصحفيون إلى مشكلة تغير المناخ على أنها مجرد فكرة مجردة وبعيدة في الزمان والمكان وتعاني من الكثير من الشمولية والافتقار إلى المظاهر الحساسة فيما يتعلق بمنطق عمل المجال الإعلامي ويترتب على ذلك أن الصحفيين لا يسعون إلى جعل الناس يفهمون أكثر مما يسعون إلى زيادة الوعي، وبفضل هذا النوع من الصفة الرسمية، استفاد تغير المناخ من اهتمام أكثر استدامة وانتظاما حيث كلما تحدث المزيد من الصحفيين عن تغير المناخ زادت الأهمية التي يعلقونها على عواقبه حيث يتطلب الأمر إضفاء الطابع الجمالي على التقرير الإعلامي الإيكولوجي مع تقليل مخاطر التعرض للنقد بسبب الافتقار إلى الموضوعية، وبالتالي فإن إخلاء تعقيد المشكلات إلى فئات من التجربة العادية يتم من خلال استدعاء تعارضات الفطرة السليمة مثل تلك الخاصة بالحرارة والباردة أو الرطبة والجافة، لذا فإن هذا النوع من الظواهر المتطرفة هو الذي يحسس الناس لأنه يؤثر عليهم بشكل مباشر في أجسادهم أو في أجساد أحبائهم. وهم يرون بعبارات عملية مصورة ، كيف يمكن أن يبدو الأمر إذا واصلنا ذلك، حيث يصبح في بعض المرات من الممل الخوض في مزيد من التفاصيل حول المعلومات المقدمة حول تغير المناخ في أخبار التلفزيون حيث يتم التقييم الصحفي للبيئة إلى حد كبير خارج مجال الإعلام، ولتجنب الوقوع في مأزق مركزية الوسائط من خلال إنتاج المعلومات البيئية.
الخبراء في خدمة القضايا المتعلقة بتغير المناخ
يبرز الصحفيون علاقاتهم الجيدة مع الخبراء الذين يضيفون مصداقية إضافية للأخبار البيئية، على سبيل المثال يلعب الخبراء دورا حاسما في تعزيز قضية المناخ في وسائل الإعلام وفي مواقع التعامل بين المجال العلمي والمجالات السياسية والصحفية مما يدعم هذه الدينامية، فمنذ بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ظهرت عدة مبادرات لتعبئة المتخصصين في مجال الإعلام من خلال التدخل في غرف الأخبار وتنظيم الندوات التكوينية للصحفيين، وهكذا ظهر تكوين جديد حيث يتعاون عدد قليل من العلماء والخبراء مع الصحفيين لتقديم حد أدنى من الإجماع في المجتمع العلمي حول صحة تغير المناخ بسبب الأنشطة البشريةـ
ويسمح استثمار العديد من الشركات في التسويق الأخضر للبيئة بأن تصبح مصدر دخل لا يستهان به لشركات الصحافة، توقعا لتقدير صورتهم بناء على معايير أخلاقية حيث تشتري الشركات العديد من المساحات الإعلانية للتواصل حول فضائلها البيئية بينما تستجيب الأخبار البيئية لهدف إعلاني يضاعف قدرته المتزايدة لتحقيق هدف الجمهور دون أن تكون مدينا لإرادة صحفية، فإن هذا لا يحبذ إنتاج المعلومات الهامة، على الأقل فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي، أما فيما يتعلق بتغير المناخ فنادرا ما يتم التشكيك في القطاع الصناعي في مجموعة التقارير التي تم تحليلها، على العكس تماما لاسيما بعد دخول بروتوكول كيوتو حيز التنفيذ في فبراير 2005 و “تبادل حصص ثاني أكسيد الكربون” – تنقل العديد من الموضوعات “الإجراءات النموذجية” التي تنفذها الشركات الخاضعة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
دور الإعلام الإيكولوجي في ترسيخ الوعي البيئي
أصبحت البيئة موضوعا مبتكرا لوسائل الإعلام. على الرغم من أن علم البيئة في وسائل الإعلام لا يعرف على أنه نظرية فقد أصبح مهما بشكل متزايد لأنه يدرس أفضل طريقة للتصرف في البيئة التي نعيشها حاليا، الهدف الرئيسي لوسائل الإعلام في علم البيئة هو الوعي البيئي للجمهور العام الذي يؤثر على البيئة بكل الطرق ونتيجة لذلك فإن التعبئة الفعالة لهذا الجمهور العام حول القضايا البيئية من أجل تغيير السلوك تشكل التزاما من قبل المنظمات الذي يعتمد أساسا على اختيار الطرق والأدوات لتحقيق هذا الهدف بشكل فعال، ومع ذلك فقد تم انتقاد فعالية الوسائط البيئية بعد ظهور التحيزات الخضراء، ونلاحظ أن مصطلح “علم البيئة” الإعلامي قد تم تسليط الضوء عليه من أجل جعل الأفراد أكثر وعيا بحقيقة أنهم يعيشون في بيئة طبيعية تتكون من الموارد والثروة فوسائل الإعلام البيئية تتناول أسئلة حول تفاعل الإنسان مع وسائل الإعلام هل يسهل أو يعيق وعيه البيئي، بينما تعرف الوسائط البيئية بأنها دراسة الوسائط فيما يتعلق بالبيئة بناء على فكرة أن التكنولوجيا والتقنيات وأنماط المعلومات وأنظمة الاتصال بالرموز تلعب دورا رئيسيا في الحفاظ على البيئة وبالتالي لا تقتصر نظرية الوسائط البيئية على دراسة المحتوى الإعلامي فقط، بل تدرس أيضا كيفية تأثر الوسائط بالثقافة والتكنولوجيا والعكس صحيح، وتدرس هذه النظرية وسائل الإعلام كبيئة تؤثر على الإنسان والمجتمع.
ولا ننسى تأثير الإعلام البيئي على الوعي البيئي نظرا لأهمية الوعي البيئي لوسائل الإعلام في المجال البيئي، حيث يشير مفهوم الوعي البيئي إلى عوامل نفسية محددة تتعلق بميل الأفراد للانخراط في السلوكيات البيئية لذلك فإن الفرد الواعي بيئيا هو الشخص الذي يشارك في مجموعة واسعة من السلوكيات الصديقة للبيئة فضلا عن الاحتفاظ بقيم ومواقف معينة ربطتها نظريات مختلفة بهذا النوع من السلوك، بينما يمكن اعتبار الوعي البيئي بعدا سلوكيا أو نفسيا للسلوك الملائم للبيئة لهذا السبب يشمل هذا المفهوم العوامل الداخلية الرئيسية التي لها تأثير على هذا النوع من السلوك، ومع ذلك ، يجب أن نأخذ في الاعتبار أن السلوك البيئي يمكن أن يتأثر أيضا بعوامل أخرى غير سلوكية وبالتالي بناء على اقتراح، يتكون الوعي البيئي من أبعاد عاطفية ومعرفية، ويعتقد أن هذا العامل هو المفتاح لتفعيل كل من المعايير الشخصية التي توجه السلوك وعملية استيعاب القيم والمعتقدات للسلوكيات الصديقة للبيئة، ويعتبر النشاط البيئي الذي يشمل السلوكيات الجماعية مثل الانتماء إلى مجموعة بيئية والمظاهر البيئية التعاون كمتطوعين والسلوكيات الفردية التي ينبغي يمكن تمييزها إلى سلوكيات منخفضة التكلفة مثل إعادة التدوير وغيرها التي تنطوي على تكاليف أعلى الاستهلاك “الأخضر”، وتقليل استخدام السيارة وما إلى ذلك، فبعد تحديد الوعي البيئي وتحديد أبعاده أصبح من الضروري دراسة عملية تأثير الخطاب الإعلامي في المجال البيئي بالفعل أي وسائط مهما كان مجالها ومحتواها الإعلامي تم تصميمه و تم نشرها من قبل الجهات الفاعلة وما إلى ذلك من أجل إعلام وتوعية وتثقيف الأفراد ويهدف الاتصال المقنع إلى التأثير على الجمهور من أجل خلق أو تعديل أو تعزيز سلوكيات معينة.
محمد بن عبو
خبير في المناخ والتنمية المستدامة رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة