أزمات العالم الاقتصادية – الحلقة 3-

تعتبر الأزمات المالية والاقتصادية إحدى أبرز الظواهر الاقتصادية التي لها أثر عميق على حركة النشاط الاقتصادي وعلى العلاقات الاقتصادية الدولية.
وتحتاج الأزمات المالية مدة زمنية، قد تكون طويلة جدا، للتعافي من آثارها السلبية، كما أنها تهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي للعلم بشكل عام والدولة المعنية بشكل خاص.
وأمست الأزمات المالية والاقتصادية من أبرز سمات العقود الأخيرة، مثيرة اهتمام الكتاب والباحثين والاقتصاديين وحتى السياسيين في مختلف دول العالم، محدثة بذلك تطورا للفكر الاقتصادي الذي يتناول الأزمات ويبحث في مسبباتها وكيفية معالجتها.
ولا غرو أن الأزمات الاقتصادية والمالية لها آثار سلبية عديدة تتعدى الجانب الاقتصادي ممتدة إلى الجوانب السياسية والاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها، لذا فإن دول العالم تحاول قدر الإمكان التخفيف من آثار هذه الأزمات.
وفي هذا الصدد، سنحاول خلال هذه الفقرة اليومية طيلة هذا الشهر الفضيل، تسليط الضوء على أبرز الأزمات الاقتصادية التي عرفها العالم، مسلطين الضوء على سياقها وأبرز أسبابها ونتائجها.

“عام بوهيوف”

تعتبر الأزمات المالية والإقتصادية إحدى أبرز الظواهر الإقتصادية التي يكون لها أثرا عميقا على حركة النشاط الاقتصادي وعلى العلاقات الاقتصادية الدولية.

وتحتاج الأزمات المالية، مدة زمنية قد تكون طويلة جدا، للتعافي من آثارها السلبية، كما أنها تهدد الاستقرار الاقتصادي والسياسي للعلم بشكل عام والدولة المعنية بشكل خاص.

وأمست الأزمات المالية والاقتصادية من أبرز سمات العقود الأخيرة، مثيرة اهتمام اهتمام الكتّاب والباحثين والاقتصاديين وحتى السياسيين في مختلف دول العالم وتطور الفكر الاقتصادي الذي يتناول الأزمات ويبحث في مسبباتها وكيفية معالجتها.

ولا غرو أن الأزمات الإقتصادية والمالية لها آثار سلبية عديدة تتعدى الجانب الاقتصادي ممتدة إلى الجوانب الأخرى كالسياسية والاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها، لذا فإن دول العالم تحاول قدر الإمكان التخفيف من آثار هذه الأزمات.

وفي هذا الصدد، سنحاول خلال هذه الفقرة اليومية طيلة هذا الفضيل، تسليط الضوء على أبرز الأزمات الاقتصادية التي عرفها العالم، مسلطين الضوء على سياقها وأبرز أسبابها ونتائجها.

وسنتطرق في فقرة اليوم، إلى أزمة “عام البون”، وهو العام الممتد ما بين 1944 إلى 1945 والذي عانى من خلاله سكان المغرب من المجاعة والأوبئة نتيجة الجفاف وإجراءات فرضتها الحماية الفرنسية على توزيع وشراء المواد الغذائية الأساسية.

ويشار إلى أن تسمية عام البون مأخوذة من كلمة “Bon” وهي كلمة فرنسية تعني صالح لي. وكان البون يطلق على ورقة السماح (صالحة ل) لشراء الغذاء والتي فرضها الفرنسيون في المغرب. وسمي العام كذلك بأسماء كثيرة مثل عام الجوع وعام القحط وعام بوهيوف وعام خمسة وأربعين.

وبدأت هذه الأزمة، مع فرنسا خلال الحرب العالمية الثانية حيث أصبحت بعض المستعمرات ومن بينها المغرب الجبهة الخلفية للحرب، حيث كان ينتج كل ما تحتاجه فرنسا كالمواد الغذائية ومعدنية. يتم تصدير هاته المواد لتغطية الخصاص الحاصل في فرنسا من جراء الحرب. مما أدى إلى فرض سلطات الحماية الفرنسية على المغاربة مجموعة من الإجراءات والقوانين حول توزيع وشراء المواد الغذائية الأساسية. ضرب المنطقة خلال هاته الفترة جفاف كبير نتج عن غياب الأمطار لسنوات مما أدى إلى قلة المواد الغذائية الأساسية كالقمح والدقيق والزيت والبيض والسكر والشاي والخضر.

ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية ودخول فرنسا فيها سنة 1939 وانهزامها في 1940، رغبت في سد الديون والنفقات المتراكمة، ومن هنا أصبح المغرب يشكل مستعمرة حقيقية تدر على فرنسا الذهب، وتوفر لها كل ما يتم إنتاجه من مواد غذائية، ومعدنية، وموارد بحرية، وحيوانية، ومواد الصناعة التقليدية.

وعانى المغاربة من الاستنزاف والاستغلال، فتدهورت الحالة الاقتصادية للبلاد. ولمواجهة هذه الظرفية، اُتخذت عدة إجراءات من طرف الاستعمار الفرنسي، من بينها فرض نظام البون على الشعب.

وكانت النتيجة مجاعة طالت شريحة واسعة من المغاربة الذين أوجدوا وجبات من النباتات والأعشاب والحشائش لقهر الجوع. كما أقبل المغاربة أيضا على البلوط والخروب، واضطروا لصيد وأكل الجراد. كما نتج عن المجاعة العديد من الأمراض المرتبطة بالجوع وقلة النظافة مثل مرض السل وداء الحصبة والزهري.  كما عانت الدول المجاورة من مجاعات مشابهة كأجزاء من الجزائر.

وتولت البلديات عملية التوزيع، فوضعت دفاتر خاصة، تحتوي على بطاقات التموين ذات الألوان والأرقام، كل بطاقة خاصة بنوع من المواد الغذائية من الزيت والبيض والسكر والشاي والقهوة والصابون والخضر والوقود، ومنها ما يخص الأثواب والألبسة على اختلافها. وكان التموين يوزع على المتاجر بحسب الأحياء والدروب والمناطق. وكانت إدارة التموين تغير لون البطاقة كل ستة أشهر.

وفي عام البون قسم المستعمر المغرب إلى منطقتين، واحدة عسكرية والثانية مدنية. وتمثلت العسكرية في المناطق التي عُرفت بمقاومة الاحتلال، والثانية هي المناطق التي أخضعها الاستعمار لسلطانه بشكل كامل، وكانت تلك المناطق تحظى بكميات أكبر من التموين على عكس المناطق “العسكرية”، التي كانت الأكثر تضررًا من المجاعة.

وخلال عام البون كانت بعض السلع مثل الصابون والقهوة من مظاهر الغنى والترف، حتى كان الأغنياء يلتقطون الصور مع فناجين القهوة. وكان صوت طحن بن القهوة يحيل إلى أغنى البيوت.

وغيرت فاجعة المجاعة مسار تاريخ المغرب، وتركت وراءها دروسا متجذرة في المجتمع المغربي، فاخترع المغاربة أكلا جديدا، وتعلموا طمر القمح والشعير تحت الأرض، بالإضافة إلى تجفيف الخضر والفواكه واللحم، خوفا من عودة المجاعة في أي وقت.

وخلّف عام البون العديد من الأمراض المرتبطة بالجوع وقلة النظافة، والتي راح ضحيتها الآلاف، إذ تسبب مرض السل في وفاة أكثر من 8760 شخصا، وارتفع عدد مرضى داء الحصبة، فيما أصاب مرض الرمد أكثر من 126 ألفا و911 شخصا، كما ارتفعت أعداد المصابين بالزهري خمسة آلاف حالة عن السنة التي سبقت عام البون.

رحل عام البون مخلفا مأساة مستقرة في ذاكرة المغاربة، ويضربون بها المثل، فنشأت ثقافة أزمة خلفت حراكا اجتماعيا ضد المستعمر، وتفجرت قريحة المغاربة بالأمثلة من واقع مأساة المجاعة، مثل: “فرنك قهوة كيعطر وجدة”، أي “كمية صغيرة من البن يمكن أن تفوح رائحتها في مدينة وجدة”.

عبد الصمد ادنيدن

Related posts

Top