مدرب عنيد جدا
يجمع الكل على أن خاليلوزيتش مدرب عنيد جدا ولدرجة لا تتصور، فهو لا يقبل إطلاقا أن يتدخل أي شخص في عمله مهما كان منصبه، بل إنه لا يستمع لأي رأي آخر حتى إن تأكد بالملموس أن قراراته خاطئة ولا تصب في صالح المنتخب الوطني. ولعل أبرز دليل على “قسوحية الراس” لدى خاليلوزيتش أن رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع الذي يترأس أيضا لجنة المنتخبات الوطنية، فشل فشلا ذريعا في إقناع المدرب البوسني بإعادة مجموعة من اللاعبين وفي مقدمتهم حكيم زياش الذي استبعد لأسباب انضباطية، حسبما أكده خاليلوزيتش أكثر من مرة.
فلسفة متعبة
منذ قدومه لتدريب “أسود الأطلس” صيف 2019 خلفا للفرنسي هيرفي رونار، لم ينجح خاليلوزيتش في وضع فلسفة لعب واضحة وخاصة بمنتخب عربي-إفريقي كالمغرب، وكان الأداء المتواضع والمتذبذب السمة الأبرز في المنتخب الوطني طيلة 30 مباراة (20 فوزا و7 تعادلات و3 هزائم). فقد أتعب المدرب البوسني الشارع الكروي المغربي باختيارات غريبة جدا كإقصاء لاعبين من العيار الثقيل لأسباب كان يمكن تجاوزها بسهولة كزياش ونصير مزراوي وأمين حارث، واستدعاء أسماء لا تملك التنافسية المطلوبة للعب للمنتخب الوطني الأول، مثلا أيمن برقوق.
خيبة CAN
كان من المفروض على الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أن تتحلى بالشجاعة وتقيل خاليلوزيتش بعد المشاركة المخيبة بكأس أمم إفريقيا 2021 بالكاميرون (الإقصاء من دور الربع على يد مصر 1-2)، بناء على العقد الذي ينص أساسا أن الوصول إلى دور نصف النهاية بالبطولة القارية شرط أساسي في احتفاظ المدرب البوسني بمنصبه. لكن الجامعة -ومع كامل الأسف- فضلت استمرارية خاليلوزيتش في إطار الحفاظ على تماسك المجموعة على بعد أشهر قليلة من المونديال القطري، قبل أن يتضح لها مؤخرا أنه بات من الضروري التخلص من المدرب البوسني لتهدئة الأجواء.
خلاف مع زياش
لعل دخوله في خلاف مع اللاعب “المدلل والمشاكس” في المنتخب الوطني حكيم زياش، من أبرز العوامل التي أنهت مشوار خاليلوزيتش مع المنتخب الوطني، لأن جل المغاربة لم يتقبلوا استبعاد أحد أفضل المحترفين المغاربة في واحد من أفضل البطولات في العالم (الدوري الإنجليزي الممتاز). وكان من الممكن أن تستمر مغامرة المدرب البوسني رفقة “اسود الأطلس”، وبالتالي الحضور في مونديال 2022، لولا عناد متوسط ميدان تشيلسي الذي رفض هو أيضا العودة للعب تحت إشراف خاليلوزيتش وتمسك بقرار الاعتزال دوليا.
أداء غير مقنع
أشرف خاليلوزيتش على المنتخب الوطني في 30 مباراة، وفي المجمل لم يكن الأداء مقنعا خاصة أمام منتخبات ضعيفة، حتى وإن كانت الأرقام تصب في صالحه (20 فوزا و7 تعادلات و3 هزائم). فمثلا في تصفيات كأس العالم، خاضت كتيبة “أسود الأطلس” مباريات سهلة للغاية أمام منتخبات من قبيل السودان وغينيا وغينيا بيساو، مع الإشارة إلى أن المنتخب الوطني خاض جميع مباريات دور المجموعات في المغرب. كما كان خاليلوزيتش محظوظا جدا عندما أوقعته الدور الفاصل في مواجهة الكونغو الديمقراطية، دون أن ننسى المعاناة التي واجهها المنتخب الوطني في بعض المباريات بكأس الأمم الإفريقية 2021 ضد جزر القمر ومالاوي.
ضغط الجمهور
بدأ المغاربة يسأمون -بالفعل- من خاليلوزيتش تحديدا بعد الإقصاء من كأس أمم إفريقيا، في وقت كان الجميع يحلمون بمشاركة رائعة أقلها أن يبلغ “أسود الأطلس” المباراة النهائية للمرة الأولى منذ 18 عاما (دورة تونس 2004). وبعد هذه النتيجة، رفع الجمهور المغربي البطاقة الحمراء في وجه المدرب البوسني الذي فشل في تحقيق واحد من هدفين رئيسين في عقده، علما أن الكثيرين لم يكونوا مقتنعين منذ البداية بهذا الاختيار. كما أن العوامل السابقة كعناده الكبير وخلافه مع لاعبين أساسيين وأسلوب لعبه غير المفهوم وغيرها، أججت كثيرا غضب المغاربة من خاليلوزيتش، وباتوا يطالبون بإقالة فورية لهذا المدرب “العجوز”.
ماض أسود
لم تكن إقالة جامعة كرة القدم لخاليلوزيتش في هذا التوقيت وبهذه الطريقة، مفاجئة على الإطلاق للعارفين بالسيرة الذاتية لخاليلوزيتش الذي سبق أن طرد من منصبه بطرق أكثر إهانة لأسباب مختلفة. فمثلا طردت إدارة نادي باريس سان جرمان الفرنسي المدرب البوسني في موسمه الثاني مع فريق العاصمة، لكن أشهر حالات الطرد كانت مع منتخبات قادها إلى التأهل إلى كأس العالم. وفي كأس أمم إفريقيا 2010 دفع الغضب الشعبي الاتحاد الإيفواري لكرة القدم لإقالة خاليلوزيتش من منصبه بعد الإقصاء من البطولة رغم نجاحه في تأهيل “الأفيال” إلى مونديال جنوب إفريقيا في نفس العام. وبعدها بثماني سنوات مع المنتخب الياباني، لم تكن مغامرة خاليلوزيتش بالذكرى السعيدة، إذ رماه الاتحاد المحلي “في سلة المهملات” على حد تعبيره، قبل شهرين فقط من انطلاقة مونديال 2018 في روسيا.
صلاح الدين برباش