وزارة الصحة تسعى إلى “سد الفجوة” الحاصلة في مجال الصحة العقلية

صعوبات ولوج العلاج المرتبطة بالكلفة الاستشفائية الثقيلة ومشكل الوصم المجتمعي، نقص في البنية التحتية والموارد البشرية، ضعف الميزانية التي لم تتجاوز 83.5 مليون درهم سنة 2022، إطار قانوني متقادم يعود إلى سنة 1959 وغير مواكب للواقع والتوجهات الحالية، وطنيا وعالميا.
تلك هي العناوين الكبرى لإشكالية متعددة الأبعاد تواجهها الصحة العقلية والطب النفسي ببلادنا، وتفاقم المعاناة اليومية للمرضى النفسيين والعقليين وعائلاتهم، حيث كثيرا ما يجد هؤلاء أنفسهم وحيدين في مواجهة صعوبات المرض، خاصة أن الحالات تكون معرضة للتفاقم لدى تعذر العلاج في الوقت المناسب، أو لدى استحالة مواصلته لمدة كافية بسبب عدم القدرة على تحمل التكاليف الباهظة للمستشفيات والأدوية الضرورية.
وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، وخلال جوابه على طلبات إحاطة حول موضوع “الطب النفسي”، ضمن جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب ليوم الاثنين الماضي، أقر بأن هناك “فجوة في مجال الصحة العقلية”، خاصة على مستوى الموارد البشرية، إذ لا يتعدى عدد الأطباء الاختصاصيين في الطب النفسي ببلادنا 121 طبيبا، منهم 11 طبيبا التحقوا سنة 2021 و15 سنة 2022. فيما لم يتجاوز عدد الخريجين من هذه الفئة خلال سنة 2022 سبعة أطباء نفسانيين، مبررا ذلك بـ”ضعف الإقبال على هذا النوع من التخصصات”. وهذا من الأسباب التي تجعل الاستفادة من خدمات الطبيب النفسي بعيدة المنال بالنسبة إلى عموم المغاربة (بمعدل طبيب 1 لكل 100.000 ألف نسمة مقارنة مع المعدل العالمي 1.7، والمعدل الأوربي 9.4).
ومما يزيد من حدة الخصاص، مشكل البنيات الاستشفائية، إذ رغم توفر 25 مصلحة للطب النفسي في المستشفيات العامة (بطاقة 825 سريرا)، و11 مستشفى للأمراض النفسية (جامعية وعمومية بـ1341 سريرا)، إضافة إلى 3 مصالح استشفائية جامعية لطب الإدمان (46 سريرا)، إلا أن هذه الطاقة السريرية لا تستوعب الحاجيات الكبيرة في المجال، لاسيما، وكما يقول الوزير، أن 20% منها تعتبر معطلة، بفعل احتضانها لمرضى استقرت حالتهم العقلية لكن يتم تمديد مدة استشفائهم لدواعي اجتماعية وإنسانية.
ومن أجل سد هذه الفجوة، أفاد الوزير أن هناك عددا من التدابير القائمة والمبرمجة التي تشمل، على الخصوص، العمل على التزويد الكافي والمستمر للمؤسسات الأولية والمستعجلات بالأدوية، فضلا عن الرفع من عدد الأطباء الاختصاصيين بالطب النفسي الذين يتم تكوينهم سنويا، والدفع في اتجاه ملاءمة الإطار القانوني لمهنة الأخصائي النفسي، وإعادة توزيع الموارد البشرية المتخصصة في الصحة النفسية والتي يتم توظيفها في المؤسسات الصحية ذات التخصصات الأخرى.
وبخصوص الأسرة الاستشفائية، أكد الوزير أنه سيتم الاستمرار في إنشاء مصالح الطب العقلي المدمجة في المستشفيات العامة، وبناء وتجهيز 3 مستشفيات للصحة العقلية بكل من أكادير والقنيطرة وبني ملال تضم 120 سريرا لكل منها، وإعادة بناء مستشفى الأمراض النفسية ببرشيد، علاوة على تعزيز عدد من نقط الاستشارات الطبية المتخصصة في الطب النفسي بالمراكز الصحية الأولية من أجل تغطية أوسع.
وفيما يتعلق بالإطار القانوني، الذي يتمثل في ظهير شريف يرجع إلى سنة 1959، ذكر آيت الطالب أن الوزارة قامت بمراجعته من خلال إعداد مشروع القانون 71.13 الذي يسعى إلى أن يكون ملائما أكثر للتطورات الحاصلة في المجال، ومحترما لحقوق المرضى في الحماية من التمييز والوصم والاستغلال وعلاجهم في الوسط القريب لوسط عيشهم، وهي الحقوق التي يستحضرها كذلك، يضيف أيت الطالب، المخطط الوطني الاستراتيجي متعدد القطاعات للصحة العقلية، الذي تعمل الوزارة حاليا على بلورته.
ومن جانب آخر، أشار الوزير إلى العمل الجاري على مستوى الوزارة لإعداد مشروع لتقييم منظومة الصحة النفسية بدعم من منظمة الصحة العالمية، وكذا إصدار وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للوقاية من الانتحار للفترة 2023-2030 بمشاركة القطاعات الأخرى المعنية بالظاهرة.

< سميرة الشناوي

Related posts

Top