يتحدث الجميع عن ضرورة استثمار النجاح الذي حققته مشاركة الفريق الوطني المغربي لكرة القدم بكأس العالم قطر 2022.
وتعد أهمية الاستثمار في النجاح المونديالي مسألة حيوية، إلا أنها لا ترتبط فقط بتقديم صورة إيجابية، عن كل مكونات كرة القدم الوطنية، بل في وضع ركائز أساسية لممارسة سليمة مؤهلة للتطور، وامتلاك القدرة على العبور نحو مراحل جد متقدمة مستقبلا، تجعل الاستعانة بالمواهب المتكونة بمختلف مراكز التكوين على الصعيد الأوروبي، مجرد جزء من العملية، وليس الكل في الكل.
إلا أن هذا التطور المطلوب، لابد وأن يمر بالضرورة عبر تقوية القاعدة، ووضع أسس ممارسة سليمة، وعدم فصلها عن المنظومة، والاعتماد دائما على لاعبين جاهزين، من أبناء الجالية المغربية بمختلف الدول الأوروبية.
صحيح أن كل من يحمل جوازا مغربيا وبطاقة وطنية، له كل الحق في الانتماء للمنتخبات الوطنية، شريطة توفر الكفاءة والأهلية لارتداء القميص الوطني، إلا أن
توجيه البوصلة، باستمرار نحو مغاربة العالم، والتسابق الدائم لكسب أبرز اللاعبين بجل الفئات، لا يجب أن يستمر إلى ما لا نهاية.
ففي ظل الأصوات المرتفعة حاليا ببعض الدول الأوروبية، المطالبة بوضع قوانين، تمنع انضمام لاعبين تكونوا بمعاهد القارة العجوز ، لصفوف منتخبات بلدانهم الأصلية، ستصبح العملية معقدة خلال السنوات القادمة، بعد أن بدأت هذه الأصوات تكسب، دعم لافتا من طرف جهات مؤثرة على الصعيد القاري.
هذه المطالب التي تحركها مطامع احتكارية، إن لم نقل عنصرية، تفرض إعادة النظر فيما يخص، استمرار الاعتماد الكلي على كل ما يأتي من الخارج، وبالتالي لابد من تقوية منظومة التكوين داخليا، والعمل على إفراز مواهب من مختلف جهات الوطن.
إلا أن التوجه الداخلي، لا يجب أن يلغي بأي شكل من الأشكال، الاعتماد على كفاءات مواطنينا المكونين بالخارج، والذين يظهرون رغبة قوية في تمثيل بلد الآباء والأجداد، شريطة إعطاء الأسبقية للأفضل والأحسن والأكفأ.
فتقوية منظومة التكوين القاعدي، تتطلب تعدد المداخل، من أندية ومعاهد ومدارس، لابد وأن تستوفي الشروط المطلوبة، إضافة إلى تكوين يراعي خصوصيات ومناهج، علمية متكاملة مفتوحة على المستقبل بكل رهاناته.
فهل واقع الأندية الذي نعاين يوميا تفاصيله الصادمة، ومشاكله المعقدة ومظاهره السلبية، يمكن أن يساهم في إفراز مواهب من مختلف جهات المغرب؟.
الجواب بالنفي دون أدنى تردد، وبالتالي لابد من الحرص على إعادة النظر في طرق تدبير وتسيير الأندية والفرق، بصفة جذرية، وفرض رقابة صارمة -لا هوادة فيها-، حتى تعلب هذه الأندية الدور المطلوب منها بروح مواطنة عالية…
>محمد الروحلي