مع اقتراب العيد، تشهد المحلات التي تبيع منتجات أو تقدم خدمات مرتبطة بعيد الفطر بالدار البيضاء إقبالا هائلا. تجمعات غير معهودة لمواطنات ومواطنين محملين بأكياسهم وقوائم مشترياتهم، تعلو وجوههم فرحة المناسبة.
إقبال ينعكس على المشهد العام، حيث تعرف شوارع وأحياء العاصمة الاقتصادية ازدحاما كبيرا يتحول إلى فوضى في كثير من الأحيان، بسبب الإقبال المكثف على المحلات التجارية والأسواق الشعبية لاقتناء مستلزمات يراها المقبلون على اقتنائها ضرورية.
جريدة بيان اليوم، في جولتها للعديد من أحياء الدار البيضاء، ولجت “قسارية درب السلطان”. كانت الأجواء رمضانية بامتياز. بما في ذلك الازدحام الذي تشكل من صنفين. زمرة من الرجال هنا وهناك، يتحلقون حول محلات الحلوى لاقتناء ما لذ وطاب من أجل عرضه على مائدة العيد. أما النساء ففضلن زيارة محلات بيع الأثواب والملابس مرفوقات بصغارهن. هذا التوافد الرهيب شل حركة السير بشارع محمد السادس وأفرز العديد من الاحتكاكات والصراعات بين السائقين والراجلين، بل حتى بين المنتظرين أمام محل للحلويات.
يقول عبد الغفار، مسؤول عن تسيير هذا المحل إن الازدحام أمر عادي كل عام مع اقتراب مناسبة دينية، مشيرا إلى أنه عمد إلى تقديم تشكيلة متنوعة من الحلويات لتلبية جميع الأذواق والميزانيات، ويتطلع دائما إلى رؤية العملاء يغادرون المحل بابتسامة على وجوههم.
وشدد عبد الغفار في تصريح لبيان اليوم على ضرورة احترام الصف أثناء اقتناء المستلزمات والحاجيات، معتبرا ذلك وسيلة منظمة لتجنب الصراعات والفوضى، ومؤكدا أنه ضمانا للسلاسة، نطالب الزبون بالتوجه لقضاء احتياجاته الأخرى بدلا من الانتظار، حتى يتسنى لشخص آخر الوصول وتأكيد طلبيته، مما يساهم في الحفاظ على النظام وتجنب التكدس.
من جانبه، يقول خالد، صاحب محل لبيع الفواكه الجافة، في تصريح للجريدة، إن “كراج علال وقيسارية الحفارين تعرف في مثل هذه المناسبات توافدا كبيرا للمواطنين لشراء الفواكه الجافة”، مشيرا إلى أن “الطلب يكون مرتفعا مقارنة بالأيام العادية”. ففي هذه الفترة تشهد المنطقة ازدحاما قل نظيره، خاصة أن العشرات من الشاحنات المحملة بالسلع تكون مركونة، فيصعب العثور على مكان لركن السيارة، وهو ما يجعل المنطقة تغرق في حالة فوضى.
غير بعيد عن هذا المحل، تلوح في الأفق المنطقة التجارية “درب عمر” التي تعرف بدورها إقبالا كبيرا لاقتناء الفواكه الجافة، والأواني وأيضا ملابس العيد التي أخذت الحيز الأوفر من فضاءات المحلات التجارية، كان أبرزها من حيث جمالية الترتيب، محل التاجر هشام الذي قال لبيان اليوم إنه بمناسبة حلول عيد الفطر، يعرف “درب عمر” ازدحاما ملحوظا بسبب التوافد الكبير عليه من كل أنحاء الدار البيضاء، بل أيضا من المدن المجاورة.
وبعد أن أوضح أن محله يسعى دوما لتقديم أحدث صيحات الموضة وأفضل جودة للزبائن، دعا هشام إلى تجنب السير على الطريق رغم ازدحام الرصيف المحاذي للمحلات التجارية، داعيا الزبناء إلى الصبر وعدم التسرع كوسيلة لتجنب الفوضى وتسهيل عملية التسوق للعملاء.
من جانبها، تحدثت كريمة، وهي زبونة تبلغ من العمر 28 عاما، عن تجربتها الصعبة أثناء محاولتها شراء ملابس العيد في شوارع البيضاء المكتظة بالزوار والسيارات. وصرحت لجريدة بيان اليوم قائلة: “كانت تجربة مرهقة للغاية، حيث وجدت نفسي محاصرة في متاهة من الأزقة المكتظة، الازدحام لا يطاق، ومن الصعب الوصول إلى المحلات التي أردت زيارتها”.
وأشارت كريمة إلى أنها اضطرت للانتظار لفترات طويلة من الزمن، رغم محاولاتها لتوفير الوقت والتخطيط المسبق، ولكن الازدحام جعل الأمر مستحيلاً، معبرة عن أملها في أن تتخذ السلطات إجراءات إضافية لتنظيم حركة المرور وتقليل الازدحام خلال هذه الفترة الفاصلة عن العيد، مشددة على أهمية توفير بيئة تسوق مريحة وممتعة للمواطنين خلال مواسم الاحتفالات.
ولا يقتصر الأمر على الأسواق الشعبية، بل حتى المحلات التجارية الكبرى، تتحول إلى وجهة للعديد من المواطنين من أجل اقتناء ملابس العيد. كما أن ولوج محلات الحلاقة قبيل العيد يصبح أمرا صعبا.
هذه المحلات، بالنظر إلى ضغط الطلب، لا تعتمد في فترة ما قبل العيد تسعيرة موحدة، إذ لاحظت بيان اليوم وجود تباين واضح في الأسعار بين محل وآخر، فهذا يقوم بحلاقة الشعر بعشرين درهما، بينما تجد محلا آخر يقوم بنفس العملية بثلاثين درهما، ورغم هذا فإن لكل محل زبائنه الذين لا يحاولون تغييره والسبب بكل بساطة هو أن الحلاقين تعودوا على حلاقتهم وهم لا يحتاجون للحديث كثيرا، بل يمكنهم أن يغمضوا أعينهم حتى ينتهي الحلاق من عمله.
ومن جانب آخر أكد عدد من الحلاقين أنهم عملوا بشكل متواصل لتلبية جميع الطلبات منذ عصر يوم الاثنين وحتى قبيل صلاة العيد، مشيرين إلى أنهم قدموا خدمات متنوعة للزبائن منها الحلاقة وقص الشعر وتنظيف الوجه والبخار، وغيرها من الخدمات الأخرى التي تعطي نضارة للبشرة.
ولفتوا إلى أن الأسعار ثابتة على كافة الخدمات التي يطلبها الزبائن، ولم تشهد الخدمات أي ارتفاع بالأسعار استغلالا العيد كما يعتقد البعض، إذ إنهم يعملون وفق لائحة الأسعار الواضحة لديهم التزاما وتقيدا بالقوانين.
أما بالنسبة لمحلات الحلاقة المخصصة للأطفال فكان لها نصيب كبير أيضا، حيث توافد عدد كبير من الأطفال عشية العيد للحلاقة في هذه المحلات.
تقول عائشة، صاحبة محل الحلاقة والتجميل، إنها تشهد إقبالا كبيرا من طرف الزبونات بمناسبة اقتراب العيد، حيث يأتي الكثير من النساء في هذه الفترة لتغيير مظهرهن والاعتناء بجمالهن لأنفسهن ولأحبائهن بمناسبة العيد.
وكشفت عائشة أنها، بالنظر إلى خبرتها الكبيرة في مجال العناية بالبشرة والجمال، تبذل قصارى جهدها لتلبية احتياجات الزبونات وضمان رضاهن، بالرغم من الازدحام الذي يعم بالصالون، خصوصاً بعد الإفطار.
وأضافت في حديثها مع بيان اليوم، أنه توجد ضرورة ملحة اليوم لمحاولة معالجة مشكل الازدحام بأخذ موعد مسبق لتجنب الفوضى، لأن كل النساء يأتين إلى الصالونات التجميل في وقت واحد، ويرغبن في أن يظهرن في أبهى حلة احتفالاً بالمناسبة السعيدة.
وأدى هذا الإقبال الكبير على المحلات التجارية إلى اختناق كبير في الطرقات، الشيء الذي جعل حركة السير والجولان في عدة شوارع تعرف فوضى تنجم عنها خلافات بين السائقين وترتفع منبهات السيارات، زيادة على حدوث حوادث اصطدام فيما بينها، وهو ما يربك أكثر حركة السير ويوقفها لمدة طويلة.
أما على مستوى طريق أولاد زيان، فتشهد هي الأخرى ازدحاما كبيرا، نظرا لقلة العناصر الأمنية المسؤولة عن تدبير وتيسير حركة المرور، الشيء الذي دفع مسؤولا كبيرا بمصلحة السير والجولان، تابعا لولاية أمن الدار البيضاء، إلى التنقل إلى هذه المنطقة من أجل تسهيل انسيابية العربات.
بدوره، يشهد شارع محمد السادس، المؤدي إلى درب السلطان، هذه الأيام، خاصة في وقت الذروة وبعد الإفطار، ازدحاما كبيرا للسيارات بسبب الإقبال الكبير للبيضاويين على المحلات المتواجدة به لاقتناء ملابس العيد.
دنيا بنلعم (صحافية متدربة)