د. مسعود بوحسين: نعيمة لمشرقي رمز حقيقي للمرأة الفنانة التي تجمع ما بين أصالة “تمغربيت” والحداثة
أعتبر وفاة الفنانة نعيمة المشرقي خسارة كبرى للمشهد الوطني الفني، لكونها واحدة من كبار الفنانات والمثقفات الملتزمات. نعيمة المشرقي فنانة كبيرة من خلال أدوارها الكبيرة في المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة والتي جعلت منها نجمة معروفة ومحبوبة وتحظى بشعبية كبيرة لدى الجمهور المغربي الواسع، وهي أدوار متنوعة وبطبائع متباينة أدنها خلال كل مراحل مسارها الفني. فنانة كبيرة اشتغلت أيضا مع الكبار وتحت إدارة مخرجين كبار، كما أنها كانت من الفنانات اللواتي ساعدن الكثير من الشابات والشباب في ولوج المهنة، وكانت تجسد جسرا حاضنا لكل وافد جديد وحلقة وصل معطاءة ما بين الرواد والشباب.
نعيمة المشرقي أيضا فنانة مثقفة ومطلعة على الجديد الثقافي والفكري دائما، وهذا أمر مهم أكسبها احتراما وتقديرا ورمزية. هي كذلك امرأة مناضلة سواء في المجال الفني أو في المجال الاجتماعي، ومدافعة صلبة عن القضايا الوطنية. كانت من بين النخبة الأولى المؤسسة للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح، واحتلت مواقع قيادية مرموقة بفضل نفسها النضالي واستماتتها في الدفاع عن حقوق الفنانين.. إنها من نوع الفنانات اللواتي لا تتوقف نظرتهم للفن على أنه مجال مهني فقط، بل محط ومنبع تأثير إيجابي في المجتمع. نعيمة المشرقي، بابتسامتها المتعاطفة والحنونة و”الكاريزما” التي كانت تتمتع بها، كانت لها قدرة هائلة على التأثير الإيجابي وزرع الحماس والأمل والطاقة الإيجابية. وهذا ما جعل منها رمزا حقيقيا للمرأة الفنانة المغربية التي تجمع ما بين أصالة “تمغربيت” والحداثة، ليس في مجال الفن فقط، بل في التأثير الإيجابي الذي كانت تتمتع به… رحمها الله وأسكنها فسيح جناته. و”إنا لله وإنا إليه راجعون”.
********
د. بوسلهام الضعيف: المبدعون لا يموتون.. فقط يغيرون مكان إقامتهم
الفنانة نعيمة لمشرقي ممثلة من طينة نادرة، بصمت تجربتها بروحها المعطاء، بكلماتها الرقيقة، بنبلها الفياض. عندما التقينا لأول مرة أحسست وكأنني أعرفها منذ زمن بعيد، إنسانيا تعطيك الإحساس بعمق الإنسان، حتى أن الجميع يظن أنه ينتمي إليها وأن كل فرد تعرف عليها، تكون هي الأقرب إليه، وبالفعل كانت قريبة من الجميع، لا حدود لعلاقتها الإنسانية…
هذه السمة التلقائية جعلت صورتها في الدراما التلفزية تدخل إلى قلوب المشاهدين بعفوية، فامتزجت صورتها بصورة الأم والمرأة البسيطة المناضلة والمكافحة في الحياة اليومية، حتى أنني أكاد أجزم أن الكثيرات من النساء المغربيات يتعرفن على حياتهن عبر أدائها العفوي، فما أصعب أن تكون عفويا وعميقا، شعبيا بدون تبسيط، وتلقائيا بدون شرح مبالغ فيه ..
هي هكذا السيدة نعيمة، المرأة المناضلة في المجتمع والتي لم تكتف فقط بمهمة الإبداع، بل حاولت أن تذهب إلى تضاريس المجتمع للاشتغال في المجتمع المدني وتعانق قضاياه المتعددة.
أنا جد حزين لأن الفن المغربي، سينما، مسرح، فقدوا قامة كبيرة، بل الوطن بكل مكوناته فقد أيقونة للمجتمع المغربي ما بعد الاستقلال.. ويمكن العودة إلى أعمالها لنكتشف ما تمثله صورة نعيمة، الممثلة، الرمز.
في الصيف الماضي، اتصلت بها للاطمئنان عليها، بصوتها الدافئ والهادي، تواصلنا.. شكرتني على المكالمة.. وبعد انتهاء المكالمة.. كان ثمة حزن في القلب… ثمة شيء غامض… السيدة منذ مدة انزوت، ابتعدت تماما، ربما فضلت العزلة على ضجيج الشهرة في خريف العمر… كانت مثل طائر نادر. تماما….. فالعصافير تختبئ لكي تموت. هي لم تمت، فالمبدعون لا يموتون.. فقط يغيرون مكان إقامتهم.
********
د. عبد الله الشيخ: لالة نعيمة سفيرة قيم الجمال والخير والحق
“تشرفت بمعرفة الممثلة القديرة لالة نعيمة المشرقي بشكل فعلي في رحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك مطلع عام 1992 حينها كنت أتابع مساري التعليمي العالي للحصول على دبلوم إجازتي الثانية تخصص “التنشيط الثقافي”، وذلك بعد محطة جامعية أولى تخصص “اللغة العربية وآدابها” بكلية ابن زهر بأكادير. كانت المناسبة هي مساهمة هذه الفنانة الوديعة في الأيام الفيلمية الخاصة بسينما الهجرة، وكم وجدت فيها من كياسة وطيبوبة وتواضع قل نظيره في حياة النجوم الذين نتابع مستجدات فنهم. كانت نعيمة المشرقي من أنصار قضية المغاربة المقيمين بالخارج، ومن دعاة حوار الثقافات وتعايش أساليب العيش انطلاقا من أرضية حقوقية نبيلة تنبني على مبدأ الحق في الاختلاف والعيش المشترك. شاءت الأقدار الجميلة أن ألتقي بها مرة أخرى ضمن فعاليات المهرجان الدولي للفنون الجميلة بسطات المقام من قبل جمعية بصمات بدعوة كريمة من رئيستها الفنانة التشكيلية والفاعلة الثقافية ربيعة الشاهد، حيث تحاورنا حول عدة قضايا تهم المسرح، والسينما، والتلفزيون، والمرأة، وأهمية المهرجانات والأحداث الفنية…
اكتشفت فيها، أيضا، تضامنها الكبير مع الشباب وضرورة إتاحة الفرصة لهم من أجل تأكيد مسارهم والإفصاح عن مواهبهم وترجمة تطلعاتهم وانشغالاتهم الآنية والمستقبلية. ستظل لالة نعيمة من رموز المرأة المغربية الفاضلة والمكابرة، ومن أيقونات الإبداع بصيغة المؤنث على الصعيدين الوطني والدولي… لم ترحلي عنا أيتها المبدعة الاستثنائية. فما زال شريط ذكرياتك وبوحك يهدهد مخيلتنا: حديثك السلس حول فرقة المعمورة، وفرقة البساتين وفرقة الإذاعة والتلفزة المغربية… ما زالت أدوارك الطلائعية في أفلام “خريف التفاح” و”البركة في راسك”، و”عرس الدم” و”آخر طلقة” و”التكريم” تستجيب لأفق انتظارنا الجمالي. ما زالت طلعاتك النوعية والبهية والمائزة في مسلسلات “الغالية”، و”سوق الدلالة”، و”أولاد الناس” وغيرها موشومة في ذاكرتنا الجماعية. لا غرابة، إذن، أن تعين هذه الفنانة الوديعة والمواطنة سفيرة للنوايا الحسنة لدى اليونيسف، ومستشارة للمرصد الوطني لحقوق الطفل. كانت وستظل سفيرة قيم الجمال والخير والحق التي شكلت منذ العهد القديم جوهر الفن ورسالته الكونية.
*ناقد فني وباحث جمالي*
*******
عبد الجبار خمران: نعيمة المشرقي فنانة من طراز خاص جدا
فقدنا برحيل الممثلة المبدعة نعيمة المشرقي فنانة من طراز خاص جدا.. فنانة مغربية أصيلة ذات موهبة جلية في الأداء والتشخيص..
لن أنسى ذلك اليوم الذي دعاني فيه المسرحي العراقي الكبير جواد الأسدي لأحضر تدريب مسرحية (المصطبة) بقاعة با حبيني في الرباط وأنا طالب في السنة الرابعة بالمعهد العالي للفن المسرحي… المسرحية التي كانت تؤدي فيها نعيمة المشرقي دورا مسرحيا مميزا أظهرت عبره علو كعبها في التشخيص المسرحي، إلى جانب المسرحي العراقي الكبير الراحل بدري حسون فريد.. رفقة مجموعة من طلبة المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط… وما كان منها إلا أن وجهت لي كلمات عميقة الفهم: المسرح مختلف.. قالت مهم جدا أن تحضر عرض جواد الأسدي إنه مخرج مسرحي مختلف.. ومسرحه يفتح آفاق رحبة لفن تشخيص حي يتدفق حيوية وحياة جوانية.. سيفتح شهيتك إن كنت ممثلا للأداء والوقوف على الخشبة بشهية ولذة مختلفة عما هو معتاد في معظم المسرحيات التي نشاهدها…
كانت اللحظة، وكأنها درس قصير عميق ترك أثرا مزدوج الدهشة في نفسية طالب يبدأ مساره المسرحي… فهي بداية صداقتي مع المسرحي الكبير جواد الأسدي وفرصة فريدة ألتقي فيها لأول مرة مع الممثلة نعيمة المشرقي مباشرة.. ما يزال صوت الممثلة نعيمة المشرقي حتى اليوم، مليئا بحرارة إنسانية وفنية لن أنساها أبدا.. هي التي أعشق أداءها العميق وتشخيصها المختلف.. فقد أبانت عن موهبة مميزة في المسرح والشاشتين الكبيرة والصغيرة.. من خلال عدة مسرحيات مع فرق مسرحية مختلفة.. كفرقة المعمورة، ومسرح الأنس، وفرقة الإذاعة والتلفزة المغربية.. ومن ينسى دورها في دراما «عائلة رام دام»، وأداءها في أفلام مغربية وإيطالية وفرنسية، ممثلة بمواصفات محلية وعالمية لا تخطئها عين المختص والناقد والفنان وأي متتبع لفن المسرح والدراما عامة.. ناهيك عن التزامها كفنانة بالقضايا الاجتماعية والنقابية..
فنعيمة المشرقي كانت مستشارة للمرصد الوطني لحقوق الطفل، وسفيرة للنوايا الحسنة في اليونسيف، كما كانت عضوا نشيطا بالمكتب التنفيذي للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح.
مثل نعيمة المشرقي لا يعوض.. ولا يجود به الزمان إلا فيما ندر.. لها الرحمة والسكينة والذكر الطيب.
*******
مامون إدريس: نعيمة لمشرقي ممثلة لن يجود الزمان بمثلها
نفقد برحيل الفنانة الكبيرة السيدة نعيمة المشرقي أولا المناضلة في نقابتنا العتيدة. نفقد الإنسانة الطيبة (الفم بلا عار). نفقد الممثلة الشامخة. عندما تشاهد المرحومة نعيمة المشرقي على الركح، تشاهد التشخيص الصادق، القادم من الأعماق. فهي الممثلة التي أكاد أجزم بأن الزمان لن يجود بمثلها في الساحة المسرحية المغربية والعربية.. بحيث بصمت طابعا خاصا وكبيرا في المسرح العربي..
كنت شخصيا من عشاقها وتتبعت مسارها الفني منذ تجربة المعمورة.. ولازلت أتذكر أنني التقيت بها بمدينة بجعد لتقدم عرضا مسرحيا من إخراج زوجها الفنان الكبير عبد الرحمان الخياط، رفقة فرقة البساتين مع الراحلين عزيز موهوب وإدريس التادلي.. وكم احنرمتها بكثير من التقدير حين التمست منها أن تقدم نفس العرض بمدينة واد زم المتعطش جمهورها للفرجة المسرحية، ولم تتردد في الاستجابة..
رحمك الله سيدتي. سيظل جمهورك العريض يذكرك بكل فخر واعتزاز. أنت التي أمتعته بأعمالك الفنية أكانت على المسرح، أو في الشاشتين الكبيرة والصغيرة..
عزاؤنا واحد في فقدان فنانة من القامات المسرحية الخالدة.
عبارات المواساة لرفيق دربها المخرج السي عبد الرحمان الخياط ولكل أفراد العائلة الكريمة.
******
فاطمة أكنفر: ما أقساه من خبر، نعتصر الدمع، نصمت وتستمر الحياة…
اليوم نبكيك بدموع صامتة يا من كانت بحق ممثلة شامخة، وفنانة راقية وأنيقة، وسفيرة الشاشة المغربية، اجتمعت فيها خصال الإنسانة الخلوقة، والفنانة الملتزمة والمخلصة في مهنتها، ولئن اختطفها منا الموت، فإن أعمالها وفنها وروحها لا تزال حاضرة معنا اليوم، لن يستطع الموت محو إنسانيتها وحبها وعشقها للفن، وسيظل هذا الميراث الفني حيا نابضا، ومن غير الممكن أن ينسى، بالرغم من تحوله إلى صيغة الماضي، إلا أنه سيظل حاضرا ومؤثرا… إن الفنانة المثقفة التي تترك فنا ينتفع به لا تموت، أنت حية بالنسبة لأهلك وأصدقائك ومحبيك، وكل من عرف عن قرب معدنك الطيب والأصيل… على أجنحة الحلم ترحلين أيتها الكبيرة في كل شيء…
لروحك الحية السكينة…
******
حسن نرايس: مسار متميز ومسيرة استثنائية
يعلم الكل قيمة الفنانة نعيمة المشرقي كمشخصة متميزة من المسرح إلى السينما مرورا بالشاشة الصغرى. مسار متميز ومسيرة استثنائية منذ ريعان الشباب… وهي أيضا إنسانة راقية تندمج فيها الفنانة الأنيقة المحبوبة… إنسانة فنانة كبيرة بتواضعها وطيبوبتها تخترق الأعماق. خدومة ساعدت الكثيرين في المجال الفني وعليها إجماع حب الفنانين والإعلاميين والأدباء… جديرة بسفارة النوايا الحسنة هنا وهناك… وما سمعناها يوما تشتكي أو تركب موجات الاحتجاج… دخلت العالم الفني بحب وبادلها هذا العالم كل الحب والمحبة والتقدير… فقدنا فنانة مثقفة بمواقف إنسانية… وستظل في القلب والذاكرة…
******
دة. نزهة حيكون: نعيمة لمشرقي مدرسة فنية تنبض بالحياة
الراحلة نعيمة المشرقي كانت من أبرز الوجوه الفنية المغربية التي تركت بصمة عميقة في مجال التمثيل والمسرح. قدمت أعمالاً خالدة امتزجت فيها الأصالة بالمعاصرة، وكانت مثالًا للإبداع والالتزام الفني. مسيرتها الفنية، التي امتدت لعقود، عكست شغفها الكبير بالتمثيل وقدرتها على تقمص مختلف الأدوار ببراعة وإتقان، لتصبح رمزًا للمرأة القوية والمثقفة في الساحة الفنية المغربية.
كانت نعيمة المشرقي أكثر من مجرد ممثلة؛ بل كانت مدرسة فنية تنبض بالحياة، تمثل جيلًا من المبدعين الذين أسسوا للدراما والمسرح المغربي. فقد كانت تحمل همّ تقديم رسائل اجتماعية وثقافية من خلال أعمالها، وكانت تسعى دائمًا لتقديم الفن الراقي والمضمون القيمي.
رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جناته، ستظل ذكراها حية في قلوب كل من أحبوا فنها ورأوا في إبداعاتها مرآةً تعكس قيم الإنسانية والروح المغربية الأصيلة.
****
د. يوسف الريحاني: الفنانة التي امتلكت القدرة على الجمع بين الحضور المسرحي المتوهج والأداء السينمائي البارع
كل القوافي لن تفي حق سيدة وهبت حياتها وروحها لفن التمثيل؛ كل الكلمات لن يكون بوسعها التعبير عن مسار سيدة لم تنتعل سوى مسرحيات ربما قليلة ولكنها خالدة ولا تتكرر؛ كل العبارات لن تحيط بحضورها الجماهيري والمشع في السينما والتلفزيون؛ فالأمر لا يتعلق بسيدة مثلت وأنتجت فحسب؛ بقدرما يتعلق أيضا بطاقة مشعة ساهمت في فورة الفن التمثيلي ببلادنا؛ واختارت الوطن لتحقق أحلامها بصيغة الـ (نحن) رغم أنها الوحيدة التي اقتحمت بلا مركب نقص غمار الإنتاج الدرامي العالمي وقدمت أدوارا لا تنسى على الشاشة الفرنكفونية؛ أدوارا فتحت لها الباب واسعا لتكون من نجمات عاصمة الأنوار، لو أرادت.
على خشبة المسرح المغربي قدمت أدوارا كبيرة مع الطيب الصديق وعبد الرحمن الخياط وجواد الأسدي في أعمال مسرحية بمعايير خاصة، ولا تخضع لمنطق الربح والخسارة.. مسرحيات حققت بها معادلة العام (شروط الإبداع) والخاص (لذة الجمهور) معا.. وهل يعقل ذلك في بيئتنا؟..
.. نعم ولكن فقط مع نعيمة المشرقي؛ الفنانة الأصيلة التي انتصرت للموروث في (النور والديجور) ولم تهادن في (الخادمات) كما صرخت بملء صوتها في (المصطبة)…
ولأن الجمهور الكبير عرفها من خلال كل الفنون الأدائية؛ فقد حق لنا أن نشبهها بالرائعة إيزابيل هوبير من حيث قدرتها على الجمع بين الحضور المسرحي المتوهج والأداء السينمائي البارع.
كل الكلمات لن تفي حق نعيمة المشرقي؛ لأنها ليست مجرد ممثلة موهوبة أو حتى منتجة خبيرة؛ نعيمة المشرقي فوق كل ذلك هي سيدة مغربية أصيلة راهنت على الوطن وعلى قدرة فنانيه على النهوض بالصناعات الإبداعية، وبأن المسرح والسينما والتلفزيون بإمكانهم الإسهام في صناعة حضور مشرق للأمة المغربية في زمن الردة الذي يحرم فيه البعض التمثيل؛ ويتنكر فيه الجميع للمسرح؛ فكانت بحق كدون كيشوت الذي وقف في وجه طواحين هرست الجميع، فيما ظلت إلى جوار قلة قليلة شامخة ومستعصية على الهرس.
تغمد الله الفنانة الكبيرة نعيمة المشرقي بواسع رحمته، وأسكنها فسيح جناته..
عزاؤنا لكل أسرتها الصغيرة وفي مقدمتهم الأستاذ الكبير سيدي عبد الرحمن الخياط أطال الله في عمره؛ وأسرتها الكبيرة من فنانات وفناني هذا الوطن الغالي، وكل الجمهور المغربي الذي لا شك أنه تأثر بسماع هذا الخبر الحزين. وإنا لله وإنا إليه راجعون.
******
أسماء هوري: ستبقى الفنانة نعيمة لمشرقي رمزا للمرأة الواعية والمسؤولة في اختياراتها الفنية والثقافية
تعرفت على الفنانة الراحلة نعيمة المشرقي أثناء دراستي في المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي. التقيت بها خلال رحلة إلى الديار الفرنسية، حيث كانت من بين أعضاء الوفد الذي يمثل المغرب ويرافق الفرق المختارة من فرنسا والمغرب لتقديم عروض في الارتجال المسرحي. سيظل لقائي بها راسخا في ذاكرتي إلى الأبد، فقد كانت نموذجا للتواضع والإنسانية. كانت تتحدث بدون تكلف وبكل محبة وكأننا نعرف بعضنا منذ زمن بعيد، ولم تبخل علي بتوجيهاتها ونصائحها. لقد توطدت علاقتي معها من خلال لقاءاتنا المتكررة في مناسبات مختلفة، حيث كانت تصافحني بحرارة وحب في كل مرة. كنا نتبادل الحديث والنقاش، وكانت الابتسامة لا تفارق شفتيها.
كانت تحظى بالاحترام وتمنحه في آن واحد بشكل طبيعي وعفوي، إذ كانت هذه هي طبيعة شخصيتها، ترفض النفاق والمغالاة. هكذا عرفتها وهكذا ستظل معرفتي بها.
لقد تركت الفنانة نعيمة لمشرقي بصمة واضحة لدي ولدى جميع المغاربة باحترامها لفنها وللناس من حولها. لقد قدمت الكثير بسخاء كبير، وهي بالنسبة لي كانت وستبقى رمزا للمرأة الواعية والمسؤولة في اختياراتها الفنية والثقافية. كانت محبة للفن وتمارسه باندماج ونبل لا يضاهيهما شيء خاصة في عصرنا الحالي. كانت تختار ظهورها الإعلامي بعناية وربطته دوما بشكل واضح بالإنجازات الفنية التي كانت تحققها؛ فهي ليست من الفنانين الذين يسعون للظهور والكلام بلا حدود وبدون مناسبة..
لروحك الرحمة والسكينة يا نعيمة، فإن أعمالك وابتسامتك ستظل حاضرة في ذاكرتنا إلى الأبد.
*******
أيوب العياسي: نعيمة لمشرقي الفنانة التي استحقت أن تحتل مساحة خاصة في قلوب المغاربة
الفنانة الراحلة نعيمة المشرقي بصمة مغربية حقيقية تشخيصا وصوتا وبهاء. إنها تنتمي لذلك الجيل من الممثلين والمبدعين الذين صاروا أفرادا من العائلة المغربية، يدخلون بيوتنا عبر التلفزيون وأمواج الإذاعة. والمرحومة نعيمة المشرقي، قبل أن تكون “لالة ققيهتي” في برنامج “ألف لام” لمحو الأمية على التلفزة المغربية، هي سفيرة للنوايا الحسنة لمنظمة اليونسيف ومتطوعة في الهلال الأحمر منذ فجر الاستقلال وعضوة مؤسسة للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية. مشخصة مسرحية راقية ضمن فرقة الطيب الصديقي وفي المسرح العمالي تحت إدارة الصديقي وبتأطير من عبد الصمد الكنفاوي وفي مسرح الناس وفي عدد من الملاحم الوطنية والتاريخية. وفي التلفزيون والسينما، يكاد لا يخلو فيلم أو مسلسل من حضورها أو وصلة إشهارية أو تحسيسية من إمضائها الصوتي. بعد أن كانت لها تجربة التنشيط الإذاعي في إذاعة البحر الأبيض المتوسط. وبهذا تكون، رحمها الله وأسكنها فسيح الجنان، قد عاشت وستعيش حيوات متعددة. ولقد استحقت أن تكون حكيمة في الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، لأنها خبرت مجال الإعلام والسمعي البصري بأدق تفاصيله. تماما كما استحقت أن تحتل مساحة خاصة في قلوب المغاربة. عزائي لزوجها المخرج عبد الرحمان الخياط ولابنتهما الإعلامية ياسمين الخياط ولكل أفراد أسرتها الصغيرة والفنية الكبيرة. إنا لله وإنا إليه راجعون.
******
إدريس السبتي: نعيمة لمشرقي.. أيقونة المسرح والإذاعة
شمعة أخرى من شموع الفن الأصيل تنطفئ. وورقة أخرى من وريقات الفن الجميل تودعنا قبل الخريف. رحم الله الأستاذة والأم والممثلة البشوشة الفنانة المغربية نعيمة المشرقي، أيقونة المسرح والإذاعة مند أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، وسيدة الشاشة الصغرى والكبرى بأعمالها المتميزة والتي لازالت راسخة في أذهان ووجدان الجمهور المغربي. اجتمع فيها ما تفرق في غيرها من خصال النضال ونجومية الأبطال، واحدة من مؤسسي النقابة الوطنية لمحترفي المسرح (النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية حاليا) عينت في مناصب عدة لحنكتها وحكمتها ومصداقيتها وتفانيها في العمل. محبة للكل والكل يحبها، خدومة مجتهدة وجادة في عملها. رحمها الله وأسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء والصالحين والأنبياء وحسن أولئك رفيقا. وألهم أهلها وأسرتها الصغيرة والكبيرة جميعًا الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.
******
الزبير بنبوشتى: نعيمة لمشرقي الأيقونة المحبوبة لدى الجمهور العريض
في الثمانينات استقرت الراحلة العزيزة نعيمة المشرقي بمدينة طنجة حيث اشتغلت لمدة ليست بالطويلة في إذاعة ميدي1.. وكم كنت فخورا بحضور هذا الطيف الآتي من دار بيضاء الطيب الصديقي ومسرحه البلدي.. وكم سعدت بلقائها فيما بعد بطنجة وهي تقوم بجولة لعرض مسرحية “بنت الخراز” إذ وافقت بأن تمنحني لقاء صحافيا لحساب جريدة “الاختيار” التي أسسها المرحوم عبد القادر شبيه وإبراهيم الغربي ونخبة من زملائهما الميديانيين..
ومنذ ذلك الإبان وأنا أحتفظ لنعيمة المشرقي بركن خبيئ في قلبي كأيقونة محبوبة لدى جمهورها العريض..
تعرفت في الراحلة على المرأة الفنانة والإنسانة المنخرطة بوعي مواطن في قضايا اجتماعية وإنسانية مكنتها من أن تحظى بمحبة الجميع وبلقب سفيرة النوايا الحسنة لدى اليونيسيف. كما أن انخراطها الملتزم بقضايا الفن والفنانين ببلادنا إلى جانب رفيق دربها المخرج العتيد عبد الرحمن الخياط جعلها تتقلد مسؤوليات تسييرية في المرحلة التأسيسية الصعبة للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح… رحيل سيدة الركح والشاشتين الصغرى والكبرى لا شك سيترك فراغا مؤلما لدى محبيها وعشاقها داخل وخارج المغرب.
******
محمد فراح: نعيمة.. الأستاذة الممثلة
ماذا عساي أقول في زهرة الرياض المسرحي وأنا أستحضر ذاكرتي لستين سنة خلت مذ كانت تسكن بدربنا وهي في ريعان الصبا حيث كانت تعرف عند نساء الدرب بالأستاذة الممثلة وكم كانت فرحتهن عندما يلتقين بها في حمام الدرب والمعروف باسم حمام “تكشبيلة”.. وكم حدثتني والدتي رحمها الله عنها وخصوصا عن طيبوبتها وحسن معاشرتها لسكان الدرب..
وتعرفت عليها عن كثب عند مرافقتي لشقيق زوجها الأصغر الأخ عبد الحق الخياط وهناك اكتشفت سيدة الخشبة المسرحية بأنها امرأة متعددة في مجموعة من المهام أستاذة، ممثلة، ربة بيت بامتياز..
وقد كان لقائي معها رحمها الله سنة 2016 صحبة مدير ديوان عامل مقاطعات الفداء مرس السلطان حيث طلبا مني كتابة بعض الشعارات لترفع في مسيرة تضامنية بالرباط مع إخواننا المحتجزين بتندوف.
فليرحمها الله تعالى ويسكنها فسيح جنانه.
******
حسن هموش: مسيرة من العطاء بكل حب وسخاء
ورقة أخرى تسقط من شجرة الإبداع المغربي. سيدة استثنائية بامتياز، مبدعة فوق الركح وعلى الشاشة، وأيضا في الحياة. ترحل عنا المبدعة نعيمة المشرقي، بعد مسيرة من العطاء بكل حب وسخاء. سيدة كما عرفتها وتعرفت عليها أول مرة، تغمرك بالحب والابتسامة وحلو الكلام، رقيقة المشاعر قوية المواقف. كانت لها إسهامات كثيرة، ليس فقط داخل المجال الإبداعي بل أيضا في العمل النقابي، حيث ساهمت إلى جانب ثلة من صديقاتها وأصدقائها في ترسيخ أسس العمل النضالي المتسم بالجدية ونكران الذات. كيف لا وهي سفيرة النوايا الحسنة، النوايا الحسنة التي كانت تجسدها في سلوكها اليومي. كانت في كل أعمالها وتحركاتها مناصرة للضعيف وبجانب المحتاج، كانت حقا نموذجا للإنسان المغربي المشبع بقيم التضامن والمواطنة. كلما ذكر اسم نعيمة المشرقي إلا وتجلت أمامك القيم النبيلة، والمواقف الإنسانية، والابتسامة التي لم تفارقها قط..
رحمكِ الله سيدتي، وأسكنكِ فسيح جناته، وجعلكِ في أعلى عليين مع النبيين والصديقين والشهداء، إنا لله وإنا إليه راجعون.
******
حسن مراني علوي: سيدة الخشبات.. مبدعة بدون منازع
سيدة ليست ككل السيدات…
سيدتي نعيمة.. سيدة الابتسامة…. والقلب الكبير… والروح الطيبة… والقبول والرحابة ..
سيدة الجماهير… عبر الشاشات… والإذاعات… والخشبات… سيدة مبدعة… بدون منازع…
أنت نسمة ريح عطرة …
من عاشرك نال من “بارفانك” الأبدي..
من صبح عليك أصبح يومه مصباحا…
من صافحك نزلت عليه السكينة والسلام..
من كلمك تعلم علم الكلام…
وأبجدية الحروف والشاهد: ألف.. لام …
مناضلة على كل الواجهات…
ها هي شامخة في المسرح… ها هي حاضرة من أجل حقوق المرأة والأطفال…
أينما حللت حل الربيع …
من طلب منك العون أعنته…. وعاضدته في محنته ولا تخدليه…
فقد قال صلى على الله عليه وسلم…
إن لله عبادا اختصهم لقضاء حوائج الناس…
وهم الٱمنون في القيامة…
والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه…
أنت في الفردوس الأعلى..
مقامك في جنة عدن.. يا نعيمة…
د. عبد الله الشيخ