شخصيات فنية ورياضية وإعلامية وسياسية تودع نعيمة المشرقي إلى مثواها الأخير في جنازة مهيبة

ووري الثرى، ظهر أول أمس الأحد، بمقبرة الشهداء في الدار البيضاء، جثمان الفنانة المغربية نعيمة المشرقي، التي أسلمت الروح لبارئها يوم السبت المنصرم عن سن يناهز 81 سنة.
وشهدت جنازة الراحلة التي توفيت بمنزلها بضواحي مدينة الدار البيضاء، حضور عدد من الفنانين رفقاء دربها وعدد كبير من الفاعلين في الحقل الثقافي، الذين توافدوا بكثافة لتقديم واجب العزاء، مثنين على ما قدمته هذه الأيقونة المغربية لخدمة الثقافة في بلادنا على مدار مشوار يمتد لعقود حافلة بالعطاء.
كما شهدت جنازة الراحلة حضور مجموعة من الشخصيات الرياضية والإعلامية والسياسية البارزة التي أبت إلا أن تودع أيقونة المسرح والسينما بالمغرب الوداع الأخير، يتقدمها محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية.
وفي لحظة مؤثرة، أكد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن الراحلة تميزت بعطائها الوفير للثقافة المغربية في كافة تجلياتها.
وأضاف نبيل بنعبد الله، في تصريح لبيان اليوم، أن الراحلة عاصرت أجيالا من الفنانين، وكان لها حضور متميز، وهي تشكل مصدر فخر واعتزاز للساحة الفنية والثقافية المغربية.

                                                                             محمد نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية

ولم تخل فضاءات مقبرة الشهداء من وجوه إعلامية حضرت مراسيم الجنازة المهيبة، كان من ضمنها الزميل الصحافي محتات رقاص مدير نشر جريدتي “البيان” و”بيان اليوم”، والذي أكد في تصريحه لجريدة “بيان اليوم”، أن الساحة الفنية المغربية فقدت إحدى أيقونات المسرح والتلفزيون والسينما في بلادنا، نعيمة المشرقي، والتي تعتبر من رائدات الفن المغربي.
وأوضح محتات الرقاص أنه “عندما نقول إن الراحلة نعيمة المشرقي، رائدة من رائدات الفن المغربي، فنحن نستحضر جميع بداياتها، والأزمنة الثقافية التي عاشتها، والثقافات والتقاليد المجتمعية التي كانت سائدة فيها، وبالتالي امتلكت الراحلة الموهبة، وامتلكت أيضا شجاعة البدايات، وانغمست في العالم الفني الذي لم يكن ولوجه سهلا بالنسبة للمرأة المغربية، لكن الراحلة، يضيف المتحدث، مارست الفن طيلة عقود بكثير من الجدية والمثابرة، والكثير من الإبداع.. وفضلا عن ذلك كانت لها أنشطة واهتمامات جمعوية ارتبطت دائما بقضايا بلادنا الكبرى، وارتبطت أيضا بالصداقة مع الكثير من الصحافيات والصحافيين المغاربة، من بينهم مؤسستنا الإعلامية “البيان”، التي من خلالها عشنا مع الراحلة الكثير من لحظات التواصل الإنساني والفني، والثقافي والمهني.
من جانبه، اعتبر الفنان محمد مفتاح أن الحديث عن الراحلة نعيمة المشرقي ومسارها الذي دام على مدى أكثر من ستين سنة، لا يمكن اختزاله في وقت وجيز ولا حتى خلال يوم بكامله، لأن الراحلة صرفت عمرها كاملا للفن، وكرست حياتها لمهنتها، وظل الاجتهاد والمثابرة ميزتين لوفائها لعملها الفني.
وأضاف محمد مفتاح، في حديثه لبيان اليوم، أن الراحلة تعتبر قامة من قامات الفن المغربي، بالنظر إلى إنتاجاتها سوى على المستوى المسرحي، أو على الصعيد التلفزيوني، أو على المستوى السينمائي، ناهيك عن برامج إذاعية وتلفزية أخرى حملت في طياتها محتوى ثقافيا كبيرا، كبرنامج “ألف لام”، والذي دام لمدة سنتين، بالإضافة إلى الأعمال الأجنبية التي شاركت فيها، كالإنتاجات الفرنسية والإيطالية والإنجليزية.

جثمان الراحلة الفنانة نعيمة المشرقي

وأبرز محمد مفتاح أنه تعرف على الراحلة نعيمة المشرقي، في سنة 1965 عندما التحق بفرقة المسرح البلدي بمدينة الدار البيضاء، حيث وجد نفسه أمام فنانة مقتدرة في فرقة ضمت آنذاك فنانين كبار من أمثال عبد القادر مطاع، والشعيبية العدراوي، ومحمد مجد، وعبد الرحيم إسحاق، ومصطفى سلمات، وصلاح الدين بنموسى، ومولاي العربي العلوي، إضافة إلى الفنان سي مصطفى شتيوي رحمه الله، والفنان سي محمد الخلفي أيضا.
من جهته، قال الممثل والفنان صلاح الدين بنموسى، في تصريح لجريدة بيان اليوم، إن رحيل الفنانة نعيمة المشرقي سيترك ثغرة كبيرة في المجال الفني المغربي، فنحن اليوم نودع أيقونة كبيرة ومتميزة، أعطت للمجال الفني والثقافي بسخاء كبير، فأبدعت في المسرح والسنيما والتلفزيون.
وأضاف صلاح الدين بنموسى أن الراحلة كانت متميزة في جميع أدوارها التي قدمتها سواء في أعمال مغربية أو أجنبية، ما جعلها فعلا أيقونة استثنائية.
وقال المخرج محمد عبد الرحمن التازي، لبيان اليوم، إن الحقل الثقافي والفني، فقد معلمة من معالم الفن المغربي، مشيرا إلى أن الراحلة شاركت معه في أربع أشرطة سينمائية كانت من إخراجه، وأنها تميزت بحس إبداعي واحترافي في تقمص جل أدوارها.
وفي السياق ذاته، اعتبر الفنان الصديق مكوار أنه بوفاة نعيمة المشرقي، فقد المسرح المغربي أحد أعمدته، فالراحلة جزء أساسي من تاريخ المسرح المغربي، ومن رواده، ومن جيل أعطى الكثير للفن.
وأبرز الصديق مكوار، في تصريحه للجريدة، أن الراحلة تميزت أيضا بالجانب الإنساني، فتعيينها سفيرة للنوايا الحسنة لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، يعد اعترافا بسخاء إنسانيتها، وحبها للخير.
من جهته، لفت الفنان عبد الكبير الركاكنة، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن العطاء المسترسل لمدة 60 سنة ليس بالأمر السهل إلا على القامات الكبيرة من أمثال الراحلة نعيمة المشرقي، مسترسلا بأن هذه الفنانة “يحبها الجميع، وهي عزيزة على قلوب المغاربة لكونها كانت إنسانة ومناضلة، مدافعة عن الفنانين باستماتة وعن القطاع.”
وشدد الركاكنة على أن عطاء المشرقي كبير جدا في المجال الفني والإنساني والاجتماعي والنضالي، واصفا رحيلها بالخسارة الكبرى لكونها فنانة فوق العادة وبمعايير ثقيلة.
ومن جهتها قالت الفنانة المغربية نعيمة إلياس إن نعيمة المشرقي كانت فنانة كبيرة ورائدة من رائدات الفن المغربي، وكافحت منذ صغرها لتكون للفنان كرامة، مؤكدة أنها ستفتقد الراحلة لأنها صديقة وأستاذة تعلمت منها الشيء المثير وتحب بلادها.
وأشارت نعيمة إلياس إلى أن الفنانة الراحلة ساهمت في تأسيس “جمعية وطننا” من أجل استرجاع المغاربة المحتجزين في تيندوف، ونظمت مسيرة وطنية حاشدة، كما أنها ساندت العائدين منهم.
ومن جانبه قال الممثل الكوميدي سعيد الناصري، “إن الراحلة المشرقي يجب أن تكتب عنها مؤلفات، مشيرا إلى أنها بصمت على مسيرة فنية طويلة منذ سن 15 سنة”.
ولفت الناصري إلى أن الراحلة اشتغلت بالجانب الاجتماعي والوطني مفيدا أنها كانت تحب بلادها والفنانين المغاربة ودافعت عن الصحراء المغربية والمحتجزين بتيندوف.
بدوره، قال نور الدين عيوش، رجل الأعمال والفاعل الجمعوي، في تصريحه لجريدة “بيان اليوم”، إن “الفقيدة المشرقي ليست ممثلة فقط، بل رائدة في المسرح وكل ما له علاقة بالثقافة. امتلكت قلبا كبيرا، وكانت تساعد الناس، واشتغلت في مؤسسات جمعوية كبيرة. أكن لها حبا كبيرا، وقمت بتكريمها سابقا، لأنها تحظى بمعزة خاصة لدى كل المغاربة. رحمها الله”.
وتعد الراحلة من الوجوه المسرحية والسينمائية البارزة، حيث أبانت عن موهبة متميزة من خلال مجموعة من الأعمال في المسرح مع أشهر الفرق الوطنية كفرقة المعمورة، وبساتين، وفرقة الإذاعة والتلفزة المغربية.
كما سطع نجم الراحلة في مجال التلفزيون، حيث قامت بأداء أدوار رئيسية في عدد من المسلسلات من بينها سلسلة “عائلة رام دام”.
وفي مجال السينما شاركت الراحلة في حوالي 20 فيلما مطولا مغربيا وأجنبيا، فضلا عن العديد من الأفلام القصيرة والمطولة المغربية مثل “عرس الدم”، و”لالة حبي”، و”معركة الملوك الثلاثة”.
فإلى جانب شهرتها في عالم الفن، سبق أن عينت الفقيدة نعيمة المشرقي سفيرة للنوايا الحسنة لدى “اليونسيف”، ومستشارة للمرصد الوطني لحقوق الطفل، ونائبة لرئيس النقابة الوطنية لمحترفي المسرح. وبرحيلها، يفقد المغرب أيقونة استثنائية في عالم الفن، وابنة بارة ستخلد سيرتها في الذاكرة المغربية.

هاجر العزوزي

تصوير: طه ياسين شامي

Top