نظمت الجمعية الإسماعيلية بالجديدة، بشراكة مع مؤسسة عبد الواحد القادري، مساء يوم السبت 2 نونبر الجاري، حفل تقديم وتوقيع ديوان “تتمنع عني العبارة” للشاعرة مينة الأزهر.
وانطلق اللقاء الثقافي بكلمة محافظ مؤسسة عبد الواحد القادري عبد الرحمان الساخي الذي رحب خلالها بالحضور، كما أكد على أن باب المؤسسة مفتوح في وجه العموم.
وفي السياق نفسه، أعرب رئيس الجمعية الإسماعيلية بوشعيب نفساوي عن سعادته بهذا اللقاء الثقافي المميز، مع توجيهه تحية الترحيب لعموم الحضور.
وبعد الكلمتين الترحيبيتين، قدمت المحتفى بها مينة الأزهر كلمة استهلتها، بالترحم على الزجال عبد الكريم ماحي، لتنتقل بعدها إلى إبراز بعض خصائص الشعر الحديث، حيث أشارت إلى أهمية الشعر في التعبير عن قضايا وهموم الشعوب، خاصة الشعب العربي، وبالموازاة مع حديثها عن أهمية الشعر في الحياة الإنسانية، حاولت أن تقرب الحضور من سيرتها الذاتية وتجربتها الترحليَّة من مدينة إلى أخرى.
وبعد هذا التقديم، تم فسح المجال للقراءات النقدية التي توزعت بين ثلاث قراءات، أول قراءة نقدية كانت من نصيب الأستاذة نعيمة الوجيدي، التي ركزت في قراءتها على مفهوم أساس في تاريخ النقد يتجلى في مفهوم “العتبات” من خلال استثمارها للأدوات الإجرائية والمنهجية التي يتيحها المنهج الحجاجي، خصوصا نظرية الحجاج اللغوي الضمنية الموسعة، مع توسل الناقدة الآليات التي يتيحها المنهج السيميائي، من خلال الوقوف عند لوحة غلاف الديوان لصاحبها الفنان المغربي بلعباس.
واسترسلت الباحثة والناقدة نعيمة الوجيدي في الحديث عن مفهوم العتبات من خلال وقوفها عند عتبة الديوان، إذ خلصت إلى أن العنوان جاء عبارة عن جملة فعلية تامة، مع استعمال مبدإ التقديم والتأخير من لدن الشاعرة، كما أشارت إلى الدور الذي لعبه الانتقاء المعجمي في اختيار مفردة “تتمنع” التي ترمز إلى القصدية، ولتوضح الباحثة دور هذا الانتقاء المعجمي، انطلقت من طرح سؤال جوهري تمثل في كيف تتمنع العبارة عن شاعرة لها ثلاثة دواوين شعرية؟.
غير أن الناقدة لم تقف عند حدود البعد التركيبي والدلالي لعنوان الديوان، بل انتقلت إلى الكشف عن مفهوم آخر يتمثل في مفهوم التناص المتضمن في العنوان، لتخلص الباحثة إلى أن التناص ملمح من ملامح الأصالة عند الشاعرة، كما أبرزت أن مبدأ التقديم والتأخيرأسهما في خلق وظيفة إيقاعية، تتضح من خلال التجاوب الصوتي مما جعل العنوان مشحونا بطاقة دلالية، كما خلصت إلى أن التقديم والتأخير سمة مميزة من خصائص الشاعر الأسلوبية، أما سيميائية اللون الأصفر الذي كتب به العنوان، فقد توصلت الناقدة على أنه يحيل إلى الامتداد، بينما قامت سيمائية اللوحة على ثنائية الأمل والفرح، وانبنت على استعارة تشخيصية، مما جعلها تنسجم ومضمون الديوان حسب رأي الناقدة.
أما الباحث والإعلامي سعيد منتسب، فقد وسم مداخلته بـ “ماوراء اللسان: الوجود جرح والشاهد عبارة”، انطلق من قراءة دلالية وتأويلية لعنوان الديوان، مع إبرازه لما حمله الديوان من تناص مع أبيات شعرية أخرى، كما وقف عند القاموس المفعم بتيمة الحزن الذي اعتمدت عليه الشاعرة، إذ قال: “داخل كل مقطع، يطل جرح ما”، مشيرا إلى مبدإ الاقتضاب الذي ميز مقاطع الديوان عند الشاعرة.
بينما تحدث الباحث في مجال الفلسفة محمد مستقيم عن “شعرية المفارقة في ديوان تتمنع عني العبارة”، مقدما مفهوم القصيدة الومضة، التي تتميز بالاختزال والتكثيف الدلالي حسب قوله، كما أشار إلى الثنائيات التي ضمنتها الشاعرة لقصائدها، حيث قال: “إن الثنائيات الموظفة تشير إلى الحالة النفسية للشاعرة”، مع استنتاجه أن ومضات الشاعرة مينة الأزهر؛ تتقاطع مع شعر الهايكو في محطات عديدة.
وأضاف في مداخلته حول الديوان: “يتميز شعر الأزهر بطابع انفعالي وبلاغي وبعد فلسفي يعبر عن الوجود والكينونة مع توضيحه لأهمية الإيجاز والتكثيف اللذين يعدان مسألة صعبة، تحتاج إلى دربة عالية شكلا ومضمونا”، مشيرا إلى أن الشاعرة تمكنت كل التمكن من هذين الميزتين.
جدير بالذكر أن هذا اللقاء أدارت جل فقراته الشاعرة والإعلامية حفيظة الفارسي، كما ختم بقراءة شعرية من إلقاء المحتفى بها، مرفوقة بفقرات موسيقية من أداء الفنان عز الدين لحسيني، كما كان الحفل فرصة لتوقيع الشاعرة دواوينها لعموم القراء والمهتمين بالجنس الشعري.