طفلي «يسرق».. ما العمل؟!

تكون صدمة الأهالي عالية عندما يفاجأون أن طفلهم يسرق أشياء الآخرين، يشعرون حينها أنهم فشلوا في تربيته ولا يعرفون كيف يتصرفون.
لكن ماهي السرقة وفي أي عمر يمكن تسميته بالطفل اللص؟ وما هو التصرف السليم في مثل هذا الموقف؟
 يبدأ السلوك من الفترة التي يتعلم فيها الطفل الاستقلالية في الحركة والتقاط الأشياء التي حوله، لكنها هنا ليست سرقة لأن الطفل لا يعلم بعد معنى الملكية ولا يستطيع التمييز حقا بين الخطأ والصواب.
ويبدأ بالتمييز في سن الـ 3 سنوات أو قبلها بفترة بسيطة. وفي هذه المرحلة العمرية معظم الأطفال يذهبون للحضانة ويبدأ مع خروجهم من المنازل ظهور مثل هذه العلامات فيعود للبيت معه أغراض ليست له، وتسأله الأم عن  مصدرها فيجيب بكل براءة بأنها ليست له، لكنه لا يفهم أنها سرقة وأنه لا يستطيع أن يأخذها بدون استئذان. من الممكن أن يكون ولد وحيد في البيت ومعظم الأشياء متاحة له او ملكه بشكل أو بآخر، لذلك ليس هناك من حدود للملكية ليتعلمها، كما أن مفهوم الضمير لدى الطفل لم يكتمل بعد، إذ تنتهي هذه الفترة في عمر الـ5 سنوات لذلك هو غير مدرك لمعنى العيب أو الحرام أو غضب الأهل لأخذه أغراض الآخرين .

 سلوك طبيعي..؟
يفضل الخبراء عدم تهويل الأمر والقسوة على الطفل في مرحلة أولى إذ تعتبر هذه الفترة من عمر الطفل مرحلة التجارب الحياتية العملية التي يتعلم منها من خلال المواقف وليس التوجيهات والتنبيهات، لذا من الطبيعي جدا أن يقع في مثل هذه المواقف .
والنقطة الأساسية هنا هي الابتعاد عن العنف لأنه لن يجدي نفعا في هذا العمر، وسيقوده للبحث عن رد فعل المناسب والأسهل بالنسبة له وهو الكذب، لذلك يتوجب على الأهل استغلال هذا الخطإ في تعليم الطفل وتربيته  من خلال مساعدته على التمييز بين ملكيته وملكية الآخرين بالقول له بأن هذه الأغراض ليست له وعليه أن يستأذن قبل أن يأخذها. ونسأله أيضا عن سبب أخذها، وذلك ليفهم أن هناك دائما حاجة لدى الإنسان، فنطلب منه إخبارنا دائما بحاجاته ليتعلم أن هناك طرقا مثالية لتلبية الحاجات من خلال الأهل. وهنا مدخل آخر لتعليم الطفل بأن هناك حاجات تلبى وأخرى تحتمل الانتظار، فليس بالضرورة كل ما يطلبه مستجاب بشكل فوري. وهنا لا بد من توعية الطفل  بأهمية تصرفاته كأن نقول له “لو أخذت أغراض أصدقائك سيغضبون منك ويبتعدون عنك” ،أو أن “آنسة الحضانة سوف تغضب منك” وبذلك سيتعلم الصحيح من الخطأ.

أعراض السرقة عند الطفل
يختلف الامر طبعا بالنسبة للأطفال الذين بلغوا سن 5 سنوات، حيث يصبحون يميزون أكثر بين الصواب والخطأ. وهناك عدة تصرفات تجعل الأم تشك تجاه سلوك ابنها وبالتالي تراقبه، ورغم أنها ليست علامات حاسمة إلى أن الأسلوب الجيد للتربية يقتضي مراقبة الأهل لطفلهم عند استشعارهم لمثل هذه الأعراض .
< عندما تزداد طلباته ويبدأ بمقارنة أغراضه بأغراض زملائه في المدرسة.
< الطفل الذي لا يناقش كثيرا عند رفض طلباته لأن ذلك قد يكون بسبب وجود وسيلة أخرى لديه للحصول على ما يريده.
< عندما تلاحظ الأم أشياء غير مألوفة عن محيطه وألعابه واستخداماته، وتسأله فيجيب بأعذار مختلفة مثل “أعطاني إياها صديقي”، “وجدتها في المدرسة”.
< عندما يمتنع عن التشارك مع أطفال الأقارب ألعابه أو أغراضه الخاصة، وغالبا ما يفضل نفسه ويطلب جميع الأشياء له أولا.
< والسرقة من المنزل ظاهرة تستحق التوقف عندها أيضا مثل اختفاء باقي النقود من الطاولة، أو منع الأم ابنها من أخذ الهاتف المحمول معه إلى المدرسة وتجده في اليوم التالي في حقيبته، بمعنى أخذ أشياء من المنزل خلسة.

كيف نتصرف؟
بعد سن الخامسة، يعتبر أن الطفل قد تجاوز مرحلة إدراك الملكية، كما انتهت فترة تكوّن الضمير، فهو يعرف تماما ماذا يفعل، وبالتالي يمكن الانتقال لمرحلة الثواب والعقاب .
على الأهل اعتماد عقاب بعيد عن جنس الفعل الذي قام به الطفل، كأن يعاقب بحرمانه من التلفزيون أو اللعب الالكترونية، على أن لا يحرم من مصروفه مثلا، وهنا فرصة للأهل بتنمية فكرة الثقة من خلال مراقبة الطفل وضرورة أن يشعر هو بذلك من خلال تفتيش حقيبته أو خزانته، ليعرف أن أهله قد فقدوا الثقة به بسبب تصرفاته وعليه تغيير سلوكه لاستعادة ثقتهم .

عارض نفسي
في بعض الأحيان لا تكون السرقة بحد ذاتها المشكلة وإنما المشكلة الحقيقية هي وجود مرض آخر تكون السرقة فقط أحد أعراضه، مثلما هو الشأن مثلا عند الأطفال المصابين بفرط الحركة والتشتت والانتباه ، كذلك الأطفال الذين يعانون من عدم السيطرة على بعض الأفعال وتنتابهم حاجة ملحة للقيام ببعض السلوكيات، وأحيانا يكون المشكل أخطر من ذلك بحيث يحاول الطفل من خلال سلوكاته إبراز مشكل توازن عاطفي لديه ناتج عن علاقة سيئة مع أحد الوالدين أو كليهما… وجميع هؤلاء الأطفال المرضى تجمعهم صفة الاندفاع العالية والتي تكون سببا أساسيا لملاحظة السرقة لديهم كعارض لأحد تلك الأمراض، وبالتالي يتطلب الأمر استشارة طبية خاصة، وغالبا ما يخضع الأهل أنفسهم أيضا لجلسات إرشادات وتدريب للتعامل مع الطفل، وكذلك للتعامل مع الوسط الاجتماعي للطفل الذي يشجع على السرقة كأن يتلقى الطفل، في محيطه بالبيت أو المدرسة، طلبا أو عرضا يحتاج لمبلغ أكبر من المتوفر له، فيفكر هو نفسه أو ينصحه أحد أصدقائه بأنه من السهل الحصول على الفرق خلسة، وهنا الدور الكبير لمحيط الطفل وأصدقائه في تشجيع سلوك السرقة .

Top