الجماعات المحلية

تمت المصادقة من طرف لجنة الداخلية والجهات والجماعات المحلية بمجلس النواب على مشروع القانون رقم: 131 – 12 المتعلق بمبادئ تحديد الدوائر الترابية للجماعات المحلية، الذي تقدمت به الحكومة، وذلك بعد أن كان قد حظي بمصادقة مجلس المستشارين من قبل. المصادقة على النص المشار إليه جاءت بعد أن قيل وكتب الكثير عن التفاعلات والشد والجذب بين الفرقاء على هامش المناقشات البرلمانية، لكن نتيجة التصويت جاءت بشبه إجماع لفائدة المشروع كما عرضته الحكومة.
وبالرغم من هذه النتيجة، فإن تفعيل مقتضيات القانون يقتضي، بالإضافة إلى المهارة التقنية المطلوبة في كل بلدان العالم عند بلورة مثل هذه الهندسة الترابية والإدارية، الحرص على تأمين الاستقرار الهيكلي العام للجماعات المحلية، وفي نفس الوقت معالجة الاختلالات التي كشفت عنها التجربة منذ بداية التسعينات، والسعي تدريجيا لهيكلة جماعات محلية تتوفر لها كامل شروط العيش والإشعاع والنمو والانفتاح، علاوة على توفرها على شروط الانسجام الجغرافي والاقتصادي والثقافي والترابي.
من جهة ثانية، فإن تحديد الدوائر الترابية للجماعات المحلية ليس هو التقطيع الانتخابي، ذلك أن هذا الأخير ينطلق تقنيا من كون العمالة هي دائرة الانتخابات، كما أن هندسة تفاصيله العامة تخضع لتشاور سياسي واسع بين مختلف الفاعلين في البلاد.
وبناء عليه، فإن إقرار القانون المشار إليه يعتبر، مع ذلك، بداية إعداد الترسانة القانونية الضرورية للعمليات الانتخابية المحلية القادمة، ومن ثم، فالسياق يفرض جعل الإعداد القانوني والتنظيمي والسياسي منفتحا على كل الإشكالات الجديدة، واستشرافيا في مضامينه وأبعاده، فضلا على أن القوانين هنا لابد أن تكون منسجمة ومتناغمة مع كل المنظومات القانونية الأخرى ذات الصلة، وذلك في إطار مسلسل إعادة بناء الدولة الجاري في بلادنا، والمتطلع إلى ترسيخ جهوية متقدمة، وإشراك أكبر للجماعات المحلية في مسارات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ليست الأهمية هنا في الجهة التي ستشرف على إعداد القوانين والنصوص، ففي كثير من بلدان العالم تتولى ذلك وزارة الداخلية، ولكن الأهمية تكمن في ضرورة توفر الإرادة السياسية القوية من أجل نزاهة الانتخابات، ومن أجل تمكين بلادنا وشعبنا من جماعات محلية في مستوى المطروح عليها من رهانات كبيرة.
إن إبعاد النقاش الوطني المتعلق بالانتخابات القادمة وبالجماعات المحلية عن الحسابات الحزبية الضيقة وعن عقليات الهيمنة والتحكم، هو الذي بإمكانه أن يؤسس في بلادنا لحوار رزين وجدي حول الموضوع، والمساهمة في إنتاج أجوبة لما صارت تطرحه علينا المرحلة من أسئلة.
[email protected]

Top