خلاف في العيون يجب أن ينتهي

تجري بعثة من المجلس الوطني لحقوق الإنسان تحقيقا في مدينة العيون بشأن الخلافات التي برزت بين لجنته الجهوية وولاية أمن المدينة،


وذلك عقب ما حدث هناك من احتجاجات تزامنت مع زيارة وفد برلماني أوروبي لأقاليمنا الجنوبية.

بداية يسجل لفائدة المجلس الوطني لحقوق الإنسان هذا التفاعل السريع مع الواقعة، والتحرك فورا للتحقيق في الوقائع بعين المكان، لأن الأمر، في سياقه الترابي والسياسي، ليس مجرد اختلاف بين مؤسستين وطنيتين، وإنما هو قابل للتضخيم والاستغلال لتوسيع حجم تداعياته، ومن ثم كان لازما التحرك بسرعة لاحتوائه، ولإفشال كل محاولة للركوب عليه.
من جهة أخرى، وبقدر ما يعتبر ضروريا ومبدئيا الحرص الشديد على الفصل بين قواعد العمل الحقوقي وبين المواقف والآراء السياسية الذاتية، والابتعاد عن منغلقات الخلط والالتباس بين الأمرين، فإنه من المهم أيضا تقوية الوعي لدى مختلف المسؤولين بدور مؤسسات حقوق الإنسان، جمعيات مدنية أو لجان تابعة لمؤسسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وإنماء درايتهم باختصاصات هذه الآليات وأدوارها، وبأنها لا يجب أن تكون مجرد ملحقات لدوائر السلطة المحلية.
لقد سبق لمجلس الأمن الدولي أن أقر بأهمية الدور الذي يلعبه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجانه الجهوية العاملة في الأقاليم الجنوبية، وكان هذا الاعتراف نصرا سياسيا وديبلوماسيا للمملكة، وتبعا لذلك، يلزم اليوم تقوية هذه الأدوار، ودعم المجلس وكل آلياته، واحترام صلاحياته وفق ما تنص عليه معاهدة باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، أما السعي إلى وضع الأحجار كل مرة في عجلات هذه الدينامية، فهذا يعتبر قمة الغباء والعمى في حق بلادنا ووحدتها الترابية وصورتها الدولية.
اليوم من المصلحة المسارعة إلى طي صفحة هذا المشكل الذي حدث في العيون بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان وولاية أمن المدينة، وتفادي تكرار ذلك في المستقبل، وبدل ذلك الانكباب الجماعي على تفعيل سبل تطوير هذه الآلية الوطنية لحقوق الإنسان.
وعلى صعيد آخر، فإن ما حدث، على الرغم من سلبيته والحاجة إلى طي صفحته، فإنه أيضا يكشف وجود دينامية وتدافع حقيقيين على صعيد الديمقراطية وحقوق الإنسان في أقاليمنا الجنوبية، ويمثل ذلك تحديا حقيقيا لخصوم الوحدة الترابية للمملكة.
إن المتحكمين في مخيمات تيندوف لم يصلوا بعد إلى مستوى الحديث عن «آلية وطنية لحقوق الإنسان»، وإنما هم لازالوا في عصور ما قبل التاريخ على هذا المستوى، حتى أن كبيرهم صدم منذ أيام، عندما اقتحم عشرات المتظاهرين خيمته الخطابية مطالبين إياه بالرحيل، وبوضع حد للعبودية التي أصبحوا يعيشونها والتي استفحلت داخل المخيمات، لكنه واجههم باعتقالات واسعة، وبالتهديد بقطع المساعدات عنهم.
[email protected]

Top