بنعبد الله يتألق في المناظرة الكبرى لميدي 1 تي في ويترأس تجمعات جماهيرية بالصويرة وقلعة السراغنة

قال نبيل بنعبد االله إن السبيل الوحيد لتعزيز البناء الديمقراطي، الذي يعتبر من التحديات الأساسية المطروحة اليوم، يمر، بالضرورة، عبر تكريس السلطة التنفيذية للحكومة، والتجسيد القوي للسلطة التشريعية للبرلمان، والبلورة الفعلية لاستقلالية القضاء.
وشدد نبيل بنعبد الله، في المناظرة الكبرى لميدي 1 تي في المخصصة للأمناء العامين، والتي بثتها أول أمس الأحد، على أن تكريس فضاء الحريات سواء تعلق الأمر بالصحافة أو التعبير عن الرأي أو الحريات العامة”، ضروري، مما سيمكن من خلق أجواء للعمل السليم ومواجهة كافة الإشكالات المطروحة.
ويعتبر الفساد أهم هذه الإشكالات التي كانت ضمن أولى استفسارات برنامج مناظرة ميدي 1 تي في، حيث أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على أن محاربته يجب أن تتم عبر سن قوانين تشريعية محكمة داخل البرلمان، كاشفا أن حزب التقدم والاشتراكية يقدم، في برنامجه الانتخابي، ثلاثة مداخل لاجتثاث هذه الآفة، تتمثل في مواصلة إصلاح النظام القضائي ونظام العدالة ببلادنا، والحرص على ضمان الشفافية المطلقة على مستوى النظام الإداري المغربي ورقمنة هذا المجال، بالإضافة إلى التكريس القوي لأنظمة التفتيش والمراقبة والافتحاص لجميع المؤسسات العمومية، ومطالبة الأحزاب والنقابات وكل من يستفيد من دعم عمومي بتقديم الحساب، حتى لا تضيع ثروات البلاد وتعم عدالة جني ثمار الدخل الوطني كل فئات الشعب المغربي.
بهذا الخصوص، ولضمان توزيع عادل لهذه الثروات، شدد نبيل بنعبد الله على ضرورة خلق هذه الثروات من خلال سياسة التصنيع، من أجل خلق القيمة المضافة، مشيرا إلى أن البلاد في حاجة ماسة اليوم إلى حكومة تضم أحزابا من طينة حزب التقدم والاشتراكية تسهر على “الرفع من ميزانية القطاعات الاجتماعية، وتعطي الأولوية لإقرار نظام جبائي عادل، وتضيف ضريبة للشريحة التي تتوفر على دخل مرتفع جدا، بالإضافة إلى وضع ميثاق اجتماعي بين الدولة والمقاولين والنقابات”.
وحظي الشق الاجتماعي باهتمام واضح في مناظرة ميدي 1 تي في التي شارك فيها إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وحميد شباط الأمين العام لحزب الاستقلال، وإلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، ومحمد ساجد الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري.
ففي الشق المتعلق بالتغطية الصحية، وردا على العديد من المغالطات، حرص نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية على التوضيح بأن المغرب بات يتوفر، بعد المجهود الذي قامت به الحكومات الثلاث الأخيرة، على رصيد هام، حيث تم “توسيع الرميد بشكل ملموس، إذ قفزت التغطية الإجبارية على المرض من 400 ألف شخص إلى 9 ملايين مواطن ومواطنة باتوا يتمتعون بحق الولوج المجاني إلى الخدمات الصحية ولو بالشكل الذي لا يرتقي إلى الوضع الأمثل الذي نتمناه. لكنه على كل حال تقدم كبير نحيي الساهرين على تحقيقه، ونتمنى الوصول إلى التغطية الصحية التكميلية لنسبة 90 بالمائة”.
وفي ما يشبه الرد الغير مباشر على بعض المداخلات التي حاولت الانزياح عن الواقع من أجل التوظيف السياسي للمناظرة لأغراض انتخابية فجة، أقر نبيل بنعبد الله بالواقع المتردي لقطاع الصحة الموروث عن عقود من التدبير، والذي رغم بلوغه مرحلة الأزمة، استطاع تحقيق مكاسب بفضل مجهودات الحكومة التي حققت مكاسب تحسب لها، من ضمنها، أساسا، تخفيض أثمنة الأدوية، والقيام بإجراءات عززت رصيدها في قطاع يرى حزب التقدم والاشتراكية، أن النهوض به يفرض “الرفع من ميزانيته إلى 8 بالمائة، والاهتمام بالعنصر البشري وإقرار الخدمة الوطنية التي ستوزع الأطباء على مختلف أنحاء البلاد، بما يسمح بتقديم الخدمة الصحية لمختلف المواطنات والمواطنين”.
واحتل التعليم الرتبة ذاتها في أولويات النقاش الخاص بالشق الاجتماعي في هذه المناظرة التي قام بتنشيطها الصحافيان محمد بوريص وجوهرة لكحل، وتميز فيها الأمين العام نبيل بنعبد الله بالمقترحات العملية التي قدمها للنهوض بالمدرسة العمومية مع إقراره بأوضاعها التي “لا تحتمل ولا تقبل المزايدات السياسية لكون الجميع مسؤول عنها”.
ودعا بنعبد الله، في قراءة لبرنامج حزبه وتدابيره العملية لتغيير واقع التعليم بالمغرب، إلى مدرسة عمومية مجانية، مشددا على إجبارية التعليم ما بين السن الثالثة والخامسة عشر، وإلى مواكبة مادية للمتمدرسين خاصة بالنسبة للفئات المحتاجة والتي في وضعية هشة، وإجراء مراجعة شاملة للمناهج والكتب المدرسية بما يتلاءم وتوجهات الميثاق الوطني والقيم العالمية الخاصة باحترام حقوق الإنسان، والتسامح والقيم الأخلاقية، اعتماد أساليب ومناهج بيداغوجية جديدة تساهم في اكتساب قدرات التحليل والتوليف وتسمح للمتعلم باكتساب الاستقلالية والوعي النقدي والتعليم الذاتي.. وتعتبر قضية الموارد البشرية، بالنسبة للأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في صميم الإشكالية وتتطلب، بحسبه، إعطاء قيمة معنوية لمهنة التدريس وتثمينها، والعودة لنظام الخدمة المدنية من أجل تمكين أطفال المناطق النائية من فرصة التعليم والحد من ظاهرة الاكتظاظ، وإرساء نظام للتأهيل يسمح برفع الجودة والملاءمة مع سوق الشغل، لامتصاص جيش العاطلين.
في هذا السياق، شدد نبيل بنعبد الله، في الشق الاقتصادي المتعلق بالبطالة، والذي شهد بعض المداخلات التي حاولت الركوب على الزمن الانتخابي لتمرير شعاراتها، على أن المغاربة لا يمكن تغليطهم لأنهم يدركون جيدا أن “محاربة البطالة مرتبطة بنجاعة النظام الاقتصادي وقدرته على خلق ما يكفي من الخيرات ومن القيمة المضافة في قطاعات معينة لكي نخلق مناصب الشغل”، مشددا على أنه لا يمكن إطلاقا “محاربة البطالة بمناصب الشغل في الوظيفة العمومية وبإجراءات اجتماعية تكميلية، بل باعتماد نظام اقتصادي قوي وبسياسة تصنيع ظل حزب التقدم والاشتراكية ينادي بها منذ عقود خلت”.
وردا على المزايدات التي ركنت إلى معدل البطالة لضرب جهود الحكومة، قال بنعبد الله، بصراحته المعهودة، إنه “حتى في أحسن الحالات، خلال السنوات الأخيرة، كانت نسبة البطالة تصل إلى 9 بالمائة واليوم تصل 10 بالمائة. فعلا هناك تراجع، لكن كيف نواجهه. لا سبيل سوى سن سياسة اقتصادية ناجعة تعتمد على التصنيع تمكننا من المرور من 14 بالمائة إلى 23 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وخلق قيمة مضافة في قطاعات تعتبر قاطرة الاقتصاد الوطني، مع ضرورة مواصلة الاهتمام بالقطاع الفلاحي
والاقتصاد التضامني والتعاوني من أجل بلوغ المناطق النائية وخلق فيها إمكانيات جديدة للإنتاج، وبالتالي تشغيل الشباب الموجود في هذه المناطق”.
وارتباطا بالبطالة، ساءلت مناظرة ميدي 1 تي في الأمناء العامين حول سبل النهوض بالاقتصاد الوطني، فكان رد بعض الزعماء الحاضرين للمناظرة ضيقا، يصف الواقع بالأزمة المستعصية، ويرمي ثقلها على الحكومة، متهما إياها بالعجز وبالزج بالبلاد في هوة سحيقة. وهو ما رد عليه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بالإقرار أولا بالأزمة، لكن دون تهويل أو مغالطة للمغاربة. وقال نبيل بنعبد الله بهذا الخصوص “البلاد التي تكون في أزمة لا تستقطب شركة بحجم بوينغ الأمريكية التي استثمرت مليار دولار، ولا شركة بوجو الفرنسية التي تستثمر مئات الملايين من الدراهم، ولا تحظى بتصنيف جيد في تقرير ماكينزي الذي صنف المغرب ضمن الدول الواعدة في إفريقيا. هذا يعني أن المغرب اكتسب مناعة على هذا المستوى.
وشدد نبيل بنعبد الله على أنه، “رغم مشاكلنا، فلنا قدرات يجب تطويرها من خلال سياسة التصنيع التي يجب أن تمر من 14 بالمائة إلى 23 بالمائة ومن خلال الزيادة في تطوير القطاع الفلاحي والاهتمام كذلك بالمقاولات الصغرى والفلاحين الصغار”.
وطبعا، عقب الأمين العام على مداخلة بعينها عادت لتحميل الحكومة ما أسمته “أزمة الصناعة في المغرب”، حيث أقر زعيم حزب الكتاب بالأوضاع الاقتصادية في المغرب، المرتبطة بالصعوبات التي تواجهها المنطقة المغاربية والأوروبية، مشيرا إلى الثمن الذي أدته المالية العمومية للخوض في إجراءات جريئة لتقليص العجز من 7.2 بالمائة إلى 3.5 بالمائة هذا له ثمن.
وفي ختام هذه المناظرة، وبعد تحية لوالده رحمه الله الذي كان رجل سياسة ناضل من أجل استقلال البلاد ولوالدته التي لازالت على قيد الحياة وساندت كثيرا من نضالاته لمدة 40 سنة، كشف نبيل بنعبد الله عن الشخصية التي أثرت فيه بشكل أساسي، إنها يقول بنعبد الله ” شخصية سي علي يعته رحمه الله الذي كان مثال رجل اليسار المتشبع بالأفكار الاشتراكية،  الوطني الغيور، رجل الدولة بامتياز الذي ساهم بشكل كبير في تقريب وجهات النظر من أجل التحاق الحركة الوطنية بالممارسة السياسية المسؤولة وتدبير الشأن العام، إلى جانب كل من واكبه في هذه الفترة من رجال من أمثال عزيز بلال الاقتصادي المرموق والمفكر الكبير، وسي عبد الله العياشي وسي عبد السلام بورقية وآخرين”.
وقبل إسدال الستار على هذه المناظرة الناجحة لميدي 1 تي في ولمنشطيها اللذين توفقا في تدبير هذه اللحظة، وكان أداؤهما احترافيا، قدم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية تحية احترام وتقدير للمغاربة الذين “لهم ذاكرة ويعلمون ماذا قدم كل واحد، وكيف كان مساره التاريخي، مشيدا بحزب التقدم والاشتراكية الذي “أبان منذ أزيد من 73 سنة، وخاصة في الخمس سنوات الأخيرة، على أنه حزب مقاوم، حزب صامد، حزب مستقل في قراره، حزب مدافع حتى النخاع عن مصالح هذا الوطن وعن مصالح شعبنا”.
واعتبر بنعبد الله أن “المرحلة تقتضي تقوية أحزاب من هذه الطينة لمواصلة مسيرة الإصلاح في بلادنا”، متمنيا أن يكون هذا التفاعل قويا يوم 7 أكتوبر من أجل مشاركة مكثفة لكل المغربيات وكل المغاربة لأن هناك نموذجا ديمقراطي، يقول الزعيم التقدمي، “يتعين أن ندافع عنه وأن نعمقه في بلادنا، وهو المشروع التحديثي من أجل تعميق الديمقراطية في بلادنا.”.

مصطفى السالكي

Related posts

Top