مرة أخرى.. «الجزيرة»

أضيف اليوم موضوع وثائق «ملف كشف المستور» التي تبثها «الجزيرة» منذ مساء الأحد الماضي حول المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، إلى النقاش الجاري منذ أسابيع بشأن أسلوب متابعة القناة القطرية لأحداث تونس… وعندما أفادت بعض الأخبار أن موظفين سابقين في مكتب كبير المفاوضين الفلسطينيين هم الواقفون وراء  التسريب، وعندما يكون أحدهم، وهو «محامي قوي جدا ومتمكن» بحسب تعبير مصادر رسمية فلسطينية، يعمل حاليا في ديوان أمير دولة قطر، هنا تتزاحم الاستفهامات بشأن دور السلطة السياسية الحاكمة في الدوحة وعلاقتها الحقيقية بالقناة، وكيفية انتقال «الوثائق»، ومن أعطى الأوامر ولأية أهداف..
من جهة ثانية، فعندما تكون المفاوضات متوقفة، والضغط مكثف على محمود عباس للقبول بخطة ليبرمان حول الدولة المؤقتة، وعندما تكون السلطة الفلسطينية بصدد السعي لكسب اعتراف مختلف بلدان العالم بالدولة الفلسطينية في حدود 1967، وإعداد مبادرات في اتجاه الأمم المتحدة، وتقوية التصدي للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي، ففي هكذا ظرفية من الواجب التساؤل عن سر اختيار قناة «الجزيرة» للتوقيت الحالي قصد توجيه مدفعيتها هذه المرة نحو فلسطين.
واضح هنا أن المراد هو تقديم السلطة الوطنية الفلسطينية في مظهر المتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني، خصوصا فيما يرتبط بقضيتي القدس واللاجئين، ومن ثم تجييش الفلسطينيين ضد قيادتهم السياسية، ودفعهم للثورة ضدها، وتتضح هذه الهدفية أكثر عندما تصر القناة على انتقاء مواضيع الوثائق والحلقات وفقرات التصريحات، وتغيب السياقات كلها، ثم عندما تلتقط حماس ومسؤولوها الكرة بسرعة، ويبادر أحدهم  لدعوة «الجماهير» للتحرك من أجل «وقف مهزلة المفاوضات والتنازلات»، ثم لا يتردد في الدعوة إلى «تحرك عربي من مناطق اللاجئين في كل مكان، وأن تقول الجماهير كلمتها» محيلا هنا بالذات على انتفاضة الشعب التونسي في مطابقة لا تخلو من دلالة تفضح سر اختيار التوقيت لتوجيه هذا الهجوم من الخلف، الذي يستهدف اغتيالا سياسيا واضحا لأبي مازن.
لقد نبه نايف حواتمة منذ أيام الكل أن «دولا عربية مسلمة وعلى رأسها قطر ترتكب الخطأ بتمويل الانقسام  (الفلسطيني) بملايين الدولارات»، وهنا يصير واضحا الدور الموكول لـ «الجزيرة» كذراع إعلامي موازٍ للتمويل القطري لحماس، ومن ثم فإن الاستهداف يروم تقوية الانقسام بدل تشجيع المصالحة، وفي المحصلة إضافة ضغوط جديدة على السلطة الفلسطينية بغاية تجريدها من الأسلحة التي تسند موقفها الرافض للاستيطان وللعنجهية الإسرائيلية.
الخطط التي ترسم اليوم في غاية الخطورة، وقضية الوثائق تتجاوز بعدها الفلسطيني المحلي، وقناة «الجزيرة» اليوم توجد في دائرة السؤال الكبير مهنيا وأخلاقيا وسياسيا بخصوص الدور الذي تلعبه تجاه بعض الدول العربية وأيضا الأسلوب المتبع في تنفيذ هذا الدور.

[email protected]

Top