معرض “قلم، فن الكتاب” بالمكتبة الوطنية: بوابة تحتفي بالتراث الثقافي المشترك بين المغرب وإسبانيا

حينما تعبر فضاء المكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط خلال هذه الأيام، تخال نفسك كأنك تعبر تلك القنطرة التي طال انتظار تشييدها بمضيق جبل طارق حيث انبثقت وامتدت فجأة تلك القنطرة بالرباط عبر معرض مشترك بين المغرب وإسبانيا، حول التراث  لينساب عبرها من جديد التبادل الثقافي الذي كان خلال فترة تاريخية  معينة بين البلدين اللذين تجمعهما ضفتي المتوسط. فقد اختارت مؤسسة الثقافة الإسلامية بإسبانيا بشراكة مع المكتبة الوطنية المغربية ووزارة الثقافة عبر مديرية التراث تنظيم معرض كبير ولأول مرة في المغرب يحمل عنوان «قلم، فن الكتاب» للاحتفاء بالتراث المعرفي المشترك بين الضفتين، وذلك من خلال عرض على مدى شهرين -من 30 أبريل وإلى غاية 30 يونيو 2010 -، مخطوطات ومؤلفات وبحوث قيمة أبدعها جيل من رواد العلم والفقه والتصوف بل والثقافة بمختلف تجلياتها بالمغرب والأندلس وتقاسموها دون قيود.
رئيس ومدير المشروع بمؤسسة الثقافة الإسلامية بإسبانيا شريف عبد الرحمن جاه، يؤكد أن «هذا المعرض هو تكريم للازدهار الثقافي والعلمي والروحي في الغرب الإسلامي، حيث يتم من خلال الأعمال المعروضة إبراز أهمية تدوين المعارف ونقلها، ومدى الرقي الذي بلغته فنون الكتاب قائلا «لقد كانت حقبة ارتبط فيها الدين بالعقل، التأمل الروحي والتقدم لخدمة الإنسانية جمعاء».
وأضاف «من هنا فإن معرض «قلم، فن الكتاب» يسترجع جزاء من التراث المكتوب المذهل للأندلس والمغرب سواء عبر مخطوطاته أو عبر بعض عناصره المستقدمة من أعرق مدن المغرب ومتاحفه، روح التعاون والتبادل الحقيقي بين ضفتي الأبيض المتوسط بهدف أن يتشارك الجميع في هذا التراث المجهول إلى حد كبير لدى العديدين والإعلاء من شأن مثل الانفتاح والتعايش الذي اتسم به تأريخ الغرب الإسلامي في العصر الوسيط.
أما سفير إسبانيا بالمغرب لويس بلاناس، فقد  أبرز أن هذا المعرض الذي ينظم تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس فإنه  يعتبر بدون شك من أكبر المواعيد الثقافية بالرباط، خلال الرئاسة الإسبانية للاتحاد الأوروبي بالمغرب، وكذا فرصة لتحقيق سفر شيق عبر المسالك الوعرة للتواصل المكتوب في العالم الإسلامي، كما يقدم فرصة للإطلاع على عالم المكتبات ومدارس الترجمة وفن الخط والطباعة في القرون الوسطى.
فمن خلال هذا الفضاء «تم تقديم  فرصة للتأمل والاطلاع على قيمة وغنى التبادل الثقافي بين ضفتي المضيق الذي نشأ بفضل الإرث الجلي الواضح الأزلي والثابت في المخطوطات، وهو يقدم بذلك نظرة منفتحة وكونية لمواطني ضفتي المتوسط من أجل تحسين التواصل الثقافي لمجتمعاتنا».
ومن جانبه، قال إدريس خروز مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية «إن هذا المعرض هو إسهام من المكتبة الوطنية في المغرب والتي تسعى من خلال أنشطتها التعريف بالتراث الإسلامي عموما والأندلسي خصوصا، وهي بذلك تلعب دورا كبيرا في الحوار بين الحضارة الإسلامية والحضارات الإنسانية الأخرى، عبر  إبراز القيم الفكرية والوظيفية والجمالية التي طبعت الحضارة الإسلامية في عدة مجالات، كالعمران والفنون التطبيقية كهندسة الحدائق وتدبير المياه وغيرها من المجالات إلى جانب النواحي الفكرية التي اشتهرت بها المنطقة في عصرها الذهبي».
وأضاف، أن هذا المعرض يدل على التوجه الجديد للمكتبة الوطنية، الرامي إلى إظهار ما تزخر به من تراث وثائقي يغطي فترات تاريخية هامة وموضوعات في غاية التنوع، وهي بذلك تعلن عن خوض تجربة جديدة للتعاون الثقافي والحوار الحضاري والذي تم تنفيذه من خلال مؤسستين فاعليتين انتدبتا نفسيهما لخدمة التراث والحضارة الإنسانية.
هذا ويقدم المعرض الذي تتواصل فعالياته إلى غاية نهاية هذا الشهر مصنفات الحديث وأبحاث الطب والفلك والفلسفة والموسيقى والشعر والفقه والتصوف، فيسافر بك عبر تاريخ تألق فيه الإبداع الفكري متحررا من القيود ،مرتبطا فقط بحكمة العقل والقيم السامية التي تجمع الإنسانية جمعاء.كما يحتضن المعرض محترفا لفن الخط العربي يؤطره الفنان الحروفي المغربي الطاهر بوهلال، وكذا ورشات لجمع الكتب وترميمها.

 

Top