بعد نقل الشركة الدانماركية “مايرسك” لربع مليون حاوية

شركة كورية تهدد بترحيل أزيد من مليون حاوية من ميناء الجزيرة الخضراء إلى طنجة المتوسط
بينما كان المسؤولون الإسبان يهيئون بابتهاج، لتدشين المحطة الدولية الجديدة بميناء الجزيرة الخضراء، أعلنت شركة الشحن البحري الكورية “هانجين” (Hanjin Shipping) على أن أنشطتها البحرية قد تنقل إلى ميناء  طنجة المتوسط المنافس، في حالة تصاعد النزاع بينها وبين الاتحاد النقابي هنالك، ما شكل بالنسبة إلى الإسبان صدمة جديدة، بعد قرار شركة “مايرسك” الدانماراكية في وقت سابق، نقل ربع مليون حاوية إلى الميناء المغربي، سيما أن  الحاويات المستهدفة من تهديد “هايجين” تزيد عن مليون حاوية.

 

وفي تفاصيل ذلك، فقد أفسد تصعيد عمالي بميناء الجزيرة الخضراء فرحة افتتاح محطة جديدة لتفريغ وشحن الحاويات، على عملاق الشحن البحري الكوري “هانجين” وكذا على المسؤولين الإسبان الذين كانت المحطة الجديدة والفاعل الكوري بالنسبة إليهم، المنقذ من أزمة كادت منافسة ميناء  طنجة المتوسط أن تسبب فيها للميناء الإسباني. ولعبت الشركة الكورية على وتر الميناء المغربي، لكسر شوكة إضراب خاضه عمال الشحن والتفريغ بميناء الجزيرة الخضراء، وشارك مسؤولون إسبان كبار، في دفع العمال المضربين إلى القبول باتفاق أقل بكثير مما كان مأمولا، لتفادي نقل “هانجين” لأنشطتها إلى الميناء المتوسطي كما فعلت “مايرسك”.

ونقلت صحيفة “إلباييس” يوم السبت الماضي، أن الشركة والعمال وصلا لاتفاق مبدئي ينهي النزاع الذي كاد أن يؤدي إلى كارثة، لكن الصحيفة لم تخف شكوكها من أن هذا الاتفاق قد يلغى في أي لحظة وتقرر “هانجين” الرحيل إلى الميناء المتوسطي، ما سيتسبب في تضييع  استثمار يقدر بـ 200 مليون أورو. وأوردت تصريح لرئيس الميناء قال فيه “إن مستقبل ميناء الجزيرة الخضراء بات مهددا بمثل هذه التصرفات”. وكان مفترضا أن يعقد الطرفان جلسة ثانية لتوقيع الاتفاق صباح أول أمس، إلا أن وسائل الإعلام الصادرة أمس، لم تشر إلى حدوث ذلك، ما يلقي ظلالا من الشكوك حول تقدم المفاوضات بين الشركة والعمال بالميناء.+++
وبحسب التقارير الإعلامية التي نقلت طيلة الأسبوع الماضي، صورة كئيبة عما يجري بالميناء الإسباني،  فإن مسؤولي شركة “هانجين” بالعاصمة الكورية سيول،  “مندهشون ومحبطون” من تطور الأمور بالجزيرة الخضراء، بل وأعلنت شركة المحطة الدولية بالجزيرة الخضراء التي أسستها “هانجين” لتدبير المحطة الجديدة بالميناء، عن أن “السفن وشركات الشحن البحري ستحول  مسارها لا محالة، من الجزيرة الخضراء إلى ميناء منافس”، هو ميناء طنجة  المتوسط، في حال “لم يعد الاتحاد النقابي في الميناء نظره في قرار الإضراب” قبل موعد من المفترض أن يكون قد انتهى أمس. وأضاف أن “ميناء طنجة المنافس الرئيسي لميناء الجزيرة الخضراء، سيكون سعيدا بما يحصل في هذه الأوقات في الميناء الإسباني”، داعيا العمال إلى “تحمل المسؤولية”.
ويعود سبب التصعيد العمالي بميناء الجزيرة الخضراء، إلى اختلاف عميق بين النقابات والشركة حول الحصة الضرورية من الحاويات  التي يجب شحنها أو تفريغها، كما هو شأن الاختلاف حول عدد العمال الضروريين للعمل، حيث تصر الشركة على عشرة عمال في كل مناوبة، بينما يتشبث الاتحاد النقابي بـ 17 عامل مثلما هو معمول به في محطة “مايرسك”. وترى الشركة أن العمل في المحطة الجديدة يجب أن يكون  بطريقة تسمح بالتنافس مع  ميناء طنجة  المتوسط، من حيث الأجور وتكلفة الشحن والتفريغ.وهذا ما جعل الشركة تنشبث بعدد أقل من العمال لتقليص التكاليف.
وفي وقت كان من المفترض فيه أن يتم  يوم الثلاثاء الماضي تفريغ أول سفينة بالمحطة الجديدة التي كلفت الملايير لإنجازها، ، فإن ذلك لم يحدث لحدود اليوم. وكانت أول سفينة ضحية لهذا النزاع لمكر الصدف، تسمى “هانجين الدار البيضاء”، وعلى متنها 82 حاوية، اضطرت إلى مغادرة ميناء الجزيرة الخضراء والتوجه مباشرة إلى ميناء هامبورغ. وترى الشركة أن التصعيد العمالي الجديد “تدفعه نوازع انتخابية يحاول من خلاله الاتحاد العمالي المضرب عن العمل في الميناء، فرض هيمنته في الانتخابات المقبلة التي ستجرى يوم 25 ماي الجاري”.
وباستقراء لما ورد في وسائل الإعلام الإسبانية، فإن الإضراب العمالي لم يلق اهتماما في حد ذاته، بل وهوجم بشدة، ولم تعط للعمال المضربين فرصة شرح وجهة نظرهم، واقتصرت التغطيات الصحفية على نقل رأي الشركة، وقدم العمال كمن يرجحون كفة ميناء منافس على ميناء الجزيرة الخضراء”. وقالت صحيفة “إلموندو”، على سبيل المثال، “إن العمال ومن دون سابق إنذار، يغيرون قواعد اللعبة، ما يجعلهم  في قفص الاتهام”، وأضافت أن هذا العمل “أضر بصورة الميناء العملاق في البحر الأبيض المتوسط،  وقد يكلف الكثير بالنسبة لميناء الجزيرة الخضراء”.
وكلف إنجاز المحطة الجديدة 189 مليون أورو، كان الفاعل الكوري “هانجين”  هو المشغل الحصري لها وأسس لهذا الغرض شركة لتدبير المحطة الدولية. وكان الإسبان مبتهجين بقرار الشركة الكورية التحول إلى ميناء الجزيرة الخضراء بعدما هز خبر تحويل الفاعل الدانماركي “مايرسك” لما يقرب ربع مليون حاوية من هذا الميناء نحو الميناء المتوسطي المحاذي لطنجة. وقُدمت الشركة حينئذ كخلاص من المشكل الذي خلقته “مايرسك”، لكن التطورات الأخيرة وضعت كل ذلك على المحك، بما فيها  3000 منصب شغل كانت المحطة الجديدة ستضمنها في سوق عمل راكدة.
ولم تضع التطورات الأخيرة مستقبل وجود (هانجين) لوحده في ميناء الجزيرة الخضراء محل الشكوك، بل وحتى مشروع الشطر الثاني من المحطة الدولية في منطقة الجزيرة الخضراء الخارجية، إذ قال رئيس المحطة الدولية الجديدة إن الشركة “ستعيد النظر في خطوة الاستثمار في الشطر الثاني من المحطة بعدما حصل كل هذا، في وقت كلف الشطر الأول المال الكثير حتى يتحرك الميناء إلى الأمام ويواجه مستقبلا  غامضا بسبب منافسة الميناء المتوسطي”. برغم أن الشركة حصلت على امتيازات مهمة في الشطر الأول بينها حصولها على الأراضي المخصصة للمشروع بشكل مجاني لفترة تصل إلى 35 سنة، ووعدت بمعاملة تفضيلية خلال الشروع في إنجاز الشطر الثاني. واضطر المسؤولون الإسبان إلى التخفيف من حدة تصريحات مسؤولي الشركة، إذ قال عمدة مدينة الجزيرة الخضراء، بعدما أقر بأن الوضع “معقد”: “إننا بدأنا بشكل سيء، لكن وقت العمل والبناء قد حان”.
وفي حالة استمرار الاحتقان الحالي لأيام قليلة  أخرى ، فإن  الشركة ستتحول إلى ميناء  طنجة المتوسط سيما إذا ما حصل لسفينة “هانجين غوتنمبرغ” ،المفترض أن تكون قد رست من أجل التفريغ أمس بالمحطة الجديدة، نفس ما وقع لـ”هانجين الدار البيضاء، إذ تلقت أوامر من الشركة بالتوجه حينئذ مباشرة نحو ميناء  طنجة المتوسط. كما يأمل مسؤولو الشركة أن لا يقع تصعيد جديد لا يسمح بتفريغ سفينة الشحن “كوسكو أوسيانيا” القادمة من قناة السويس والتي ستحل مساء هذا اليوم بميناء الجزيرة الخضراء.

Top