أعلنت الحكومة المغربية بتاريخ 20 مارس الماضي عن دخول قرار حالة الطوارئ الصحية حيز التنفيذ، والتي ستستمر إلى غاية 20 أبريل الجاري، في إطار الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا بالبلاد.
تفاعل جميع المغاربة مع الخطوة بشكل إيجابي، نظرا لتتبعهم القبلي لمسار انتشار جائحة كورونا بمختلف دول العالم، وهو ما جعل مختلف مكونات المجتمع المغربي تنخرط في محاربة كوفيد-19، من خلال التوعية والتحسيس والتضامن الاجتماعي المشترك.
وتعتبر المؤسسة العسكرية بالمغرب، بقيادة جلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، واحدة من المؤسسات التي جندت أطرها للسهر على حالة الطوارئ الصحية بالمملكة، إلى جانب المديرية العامة للأمن الوطني، ووزارة الصحة.
جاء تفاعل المؤسسة العسكرية بشكل سريع مع نداء الواجب الإنساني الوطني، حيث خرج مجموعة من الجنود من ثكناتهم العسكرية بمدرعات “فاب VAB” البرية، للتجول بمختلف شوارع وأحياء المدن المغربية، إلى جانب عناصر القوات المساعدة والأمن الوطني وأطر الإدارة الترابية لوزارة الداخلية، التي فوض لها مهمة تنفيذ حالة الطوارئ الصحية.
استقبل المغاربة أفراد الجيش المغربي بصدر رحب في الشارع العام، ووعوا بأن المرحلة تستدعي الجدية والالتزام واليقظة، واتباع الإجراءات التي اتخذت بهدف النجاح في هذا الاختبار الذي يمر به العالم والوطن بشكل خاص.
ومنذ يوم 20 مارس الماضي، لا زالت مدرعات الجيش تجوب شوارع المغرب، لدعوة المواطنين المغاربة للامتثال للحجر الصحي الذي يعتبر اللقاح الفعال لهذا الفيروس في الوقت الحالي، نظرا لعدم إيجاد دواء بديل للجوس في المنزل.
وفي هذا الصدد، اهتدى المغرب إلى السرعة القياسية في التعامل مع وباء كورونا الذي يتسم بانتشاره الواسع وعدد ضحاياه المرتفع بسبب عدواه المميتة، وذلك لتجنب أزمته التي يخلفها بالتهاون، وهو ما حصل في العديد من الدول التي يرتفع فيها معدل الإصابات والوفيات، بفعل عدم اتخاذها لإجراء الحظر الصحي في الوقت المبكر.
مستشفى عسكري
وإلى جانب مشاركة الجنود المغاربة في مهمة تنفيذ إجراءات الحجر الصحي بالشارع المغربي، أقيم مستشفى عسكري ميداني بمدينة بنسليمان للتصدي لفيروس كورونا، من خلال تجهيز مبنى من طابقين، و16 خيمة صحية بطاقة استيعابية تصل إلى 160 سريرا، حيث خصص 140 سريرا للحالات الخفيفة، و40 سريرا للعلاجات المكثفة، و20 سريرا لحالات الإنعاش.
وجهز المستشفى بمختبر لإجراء التحليلات المخبرية بعين المكان، وصيدلية مزودة بكل الأدوية الضرورية، ومجموعة من المولدات الكهربائية الاحتياطية لمواجهة أي انقطاع محتمل للتيار الكهربائي.
ويتكون الفريق الطبي للمستشفى العسكري الميداني ببنسليمان من 13 طبيبا، موزعا على ثلاثة أطباء إنعاش، وطبيبي مستعجلات، وطبيب بيولوجي، وطبيب صيدلي، إضافة إلى ستة أطباء متخصصين في الطب العام مكونين لهذا الغرض.
ويدعم هذا الفريق الطبي، فريق من الأطر شبه الطبية، تضم 69 ممرضا وممرضة ومساعديهم، إلى جانب 39 عنصرا من الدعم، من بينهم إطاران إداريان من الصحة العسكرية، وعناصر من المصالح الاجتماعية، وعناصر من مختلف مفتشيات القوات المسلحة الملكية.
ويمكن للمستشفى، الذي تم تجهيزه بمعدات ذات جودة عالية وبكميات كافية من الأدوية اللازمة، أن يستقبل إلى حدود 360 مريضا في ظل ظروف مساعدة على التكفل بالمصابين، مع إيلاء عناية خاصة لخدمة الإنعاش، لكون الفيروس يتسبب في مضاعفات خطيرة تمس الجهاز التنفسي لدى الحالات الحرجة.
مساهمة دولية
وليست هذه المرة الأولى التي تنخرط فيها المؤسسة العسكرية في المهمات الإنسانية وطنيا أو دوليا، سواء من خلال تشييد مستشفيات ميدانية طبية بالمناطق البعيدة بالمغرب أثناء مواسم الشتاء، أو نقل المرضى والمصابين إلى المستشفيات الجامعية للمدن بطائرات الدرك الملكي من المناطق الوعرة التي لا توجد بها مسالك طرقية مجهزة.
وعلى المستوى الدولي، يشارك الجيش المغربي في العمليات الإنسانية لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في عدد من مناطق النزاع في العالم، حيث يحتل المرتبة 13 ضمن الجيوش المساهمة في العمليات.
ويسهر أزيد من ألف و600 جندي مغربي تحت راية الأمم المتحدة، على عملية حفظ السلام بكل من جمهورية إفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، من خلال مساعدة وحماية المدنيين من المليشيات المسلحة.
وقتل في هذا الجهد الإنساني مجموعة من الجنود المغاربة والأجانب، برصاص الجماعات المتطرفة التي تتبنى عقيدة العنف بهاتين الدولتين، بالاعتداء على المدنيين وعلى قوات حفظ السلام معا.
وفي سياق متصل، سبق للجيش المغربي أن أقام العديد من المستشفيات الميدانية العسكرية في مجموعة من الدول، من قبيل سوريا (2011) مالي (2013)، وغينيا (2014)، وفلسطين (2012 و2018).. حيث قدمت الأطقم الطبية العسكرية المساعدة الاستشفائية لمواطني هذه الدول في مختلف التخصصات الطبية.
وفي هذا الروبورطاج ننقل مجموعة من الصور لمساهمة الجيش المغربي بطاقمه البشري واللوجستيكي في الدفاع عن صحة المغاربة من فيروس كورونا كوفيد-19، حيث رصدت عدسة جريدة بيان اليوم تحركات جنود الجيش المغربي بمختلف أحياء مدينة الدار البيضاء، للسهر على تنفيذ قرار الحجر الصحي بالمغرب.
يوسف الخيدر تصوير: أحمد عقيل مكاو