تعديل حكومي يطيح بمشعلة فتيل التوتر مع المغرب جراء أدائها اللاديبلوماسي
أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، أول أمس السبت، عن إجراء تعديل وزاري أطاح من خلاله بوزيرة الخارجية آرانشا غونزاليس لايا، وستة وزراء آخرين.
ووصفت إقالة وزيرة الخارجية آرانشا غونزاليس لايا بكونها إشارة إيجابية قوية نحو المغرب وعزما أكيدا على إنهاء الأزمة التي عصفت بالعلاقات بين البلدين في الآونة الأخيرة.
واعتبر محللون سياسيون أن الأداء “غير المسؤول” لآرانشا غونزاليس لايا، أشعل فتيل التوتر في العلاقات المتميزة بين البلدين، مما عجل برحيلها، بعد أن وجهت إليها انتقادات شديدة من قبل الفاعلين السياسيين الإسبان جراء مراكمتها للعديد من الأخطاء الدبلوماسية متسببة في تهديد مصالح اسبانيا مع دول الجوار وخاصة المغرب.
وسجل المحلل السياسي ورئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، محمد بودن، أول أمس السبت،
في تصريح لقناة الأخبار المغربية (M24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن آرانشا غونزاليس لايا كانت تمثل “عامل توتر” في العلاقات المغربية-الإسبانية، معتبرا أن الاستغناء عن الوزيرة المذكورة يمكن تحليله على أنه خطوة أولى إذا كانت هناك إرادة لدى إسبانيا من أجل صياغة مبادئ أساسية لعلاقاتها مع المغرب، قائمة على الشراكة وحسن الجوار.
وأكد بودن أن إسبانيا هي المتضرر الأكبر من توتر العلاقات مع المغرب على المستويين الأمني والاقتصادي.
من جهته، قال المحلل السياسي الاسباني، ميغيل أنخيل بويول، في تصريح لوكالة المغرب العربي، أن غونزاليش لايا أدت ثمنا باهظا لقاء قرارها “المتهور” المتمثل في السماح بالاستقبال السري لزعيم انفصاليي “البوليساريو”، المدعو إبراهيم غالي.
وأضاف أن الحكومة الإسبانية، في شخص وزيرة الخارجية المقالة، اختارت نهج التعتيم والتحرك وراء ظهر المغرب، عبر تمكين مجرم حرب من الدخول غير المشروع إلى إسبانيا، وأن الوزيرة السابقة لم تقس جيدا عواقب تصرفها العدائي إزاء المغرب، البلد الذي يفي على نحو كامل بالتزاماته في مجال التعاون وحسن الجوار مع إسبانيا، حيث تسبب هذا “الخطأ الدبلوماسي الفادح” في جعل الحكومة الإسبانية تفقد ثقة شريك إستراتيجي ومخلص مثل المغرب.
وتشهد العلاقات المغربية الإسبانية أزمة دبلوماسية دقيقة، منذ إقدام غونزاليش لايا على السماح باستقبال مدريد لإبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو، وتعبيرها الواضح عن موقف معاد من قضية الصحراء المغربية. وبرز تدهور العلاقات لاحقا أيضا من خلال تفاقم أزمة المهاجرين على الحدود الاسبانية المغربية، وإعلان قرار السلطات المغربية باستثناء موانئ إسبانيا للعام الثاني على التوالي من عملية “مرحبا”.
وفي نفس السياق، قال الأكاديمي والزعيم السابق للحزب الاشتراكي العمالي الإسباني بجزر الكناري، رافاييل إسبارزا ماشين، في تصريح مماثل “لا شك أن الأزمة التي تسببت فيها وزيرة الخارجية السابقة مع المغرب وإدارتها السيئة لهذه القضية، هما السبب الرئيسي وراء خروجها القسري من الحكومة”.
وشدد على أن “موقف غونزاليس لايا، التي يبدو أنها وقعت ضحية مناورة جزائرية، يشكل خيانة تترتب عنها عواقب وخيمة على العلاقات الثنائية”.
وكان الحزب الشعبي، الهيئة السياسية المعارضة الرئيسية بإسبانيا، قد طالب في بداية يونيو الماضي بالرحيل الفوري للوزيرة بسبب إدارتها “الكارثية” للأزمة مع المغرب و”انعدام التبصر” الذي أبانت عنه في قضية المدعو إبراهيم غالي.
وارتفعت حدة الضغط على الوزيرة لاحقا بسبب تصريحات الجيش الاسباني التي أحالت بوضوح على مسؤوليتها في هذه القضية، وكذا انتقادات وسائل الإعلام الاسبانية التي كشفت مغالطات الوزيرة وعجزها عن تبرير مواقفها سواء أمام حكومتها والطبقة السياسية الإسبانية، أو الرأي العام.
وبحسب تحقيق “إن. سي. ريبورت”، أنجز لحساب يومية “لاراثون”، فإن غونزاليس لايا تعد الوزيرة الأقل تقييما بحكومة بيدرو سانشيز. فبمعدل 2.8 نقطة على 10، يعتبر الإسبان أن إدارتها للأزمة مع المغرب أضرت بصورة البلاد.
وسيحل خوسيه مانويل ألباريس، سفير إسبانيا في فرنسا حتى الآن، محل الوزيرة المعفاة من مهامها. وأوضحت مصادر إعلامية اسبانية، أن هذا الاشتراكي هو أحد معارف سانشيز القدامى، وأنه هو من رسم كل النجاحات المبكرة للحكومة في الدبلوماسية الدولية. واعتبرت المصادر ذاتها، أن بيدرو سانشيز ينتظر من وزير الخارجية الإسباني الجديد، إنهاء الخلاف الدبلوماسي مع المغرب وإعادة المياه إلى مجاريها بين البلدين، والعمل أيضا على إنهاء الفتور في العلاقات الأمريكية الإسبانية.
وهذا أول تعديل حكومي واسع النطاق يقدم عليه سانشيز منذ تولي حكومته في يناير 2020، وذلك مع استثناء اختيار وزيرين خلال العام الحالي ليحلا مكان آخرين كانا قد قدما استقالتهما.
ومس التعديل الجديد أيضا النائبة الأولى لرئيس الحكومة، كارمن كالفو، التي ستحل محلها النائبة الثانية للرئيس ووزيرة الشؤون الاقتصادية، نادية كالفينو.
ولا يمس التعديل الحكومي بالتحالف القائم بين الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني وحزب بوديموس الأصغر حجما، إذ يحتفظ هذا الحزب اليساري المتشدد بخمس حقائب وزارية.
وكانت الحكومة الائتلافية تلقت صفعة في الانتخابات المحلية لمدريد المعقل التاريخي لليمين، مع هزيمة بوديموس والحزب الاشتراكي أمام الحزب الشعبي المحافظ الذي خاض المنافسة تحت شعار الاستفتاء على السياسات الحكومية.
بيان اليوم