تواضع الحصيلة يفرض المحاسبة… البقالي المنقذ، كرة القدم تشرف، ورياضات أخرى بين حضور شكلي والعيش خارج الزمن

ودعنا أمس الأحد منافسات الألعاب الأولمبية الصيفية في دورتها الـ (33)، بتتويج الصين كمتزعمة لترتيب سبورة الميداليات ومتقدمة إلى حدود صباح اليوم الختامي، على الولايات المتحدة الأمريكية، بعد صراع قوي على المرتبة الأولى يعد من مميزات هذه النسخة، وتمكن فرنسا المضيفة من احتلال المرتبة الخامسة، مع تسجيل تقدم لأستراليا واليابان، بينما لوحظ تراجع كبير لإنجلترا…

بالنسبة للدول الإفريقية، فكينيا المتصدرة تحتل المرتبة الـ17 في الترتيب العام بثماني ميداليات منها 4 ذهبيات، حققتها بفضل تألق عدائي وعداءات سباقات 800م و1500م و5000م و10000م، حيث حافظت نسبيا على حضورها في المسافات الطويلة والنصف الطويلة، إلا أنها عجزت بالمقابل، عن الحفاظ على المراكز الأولى بمسافة 3000م موانع، بعد بروز العداء المغربي الفذ، سفيان البقالي الذي سيطر هذه المسافة خلال السنوات الأخيرة، لينهي احتكارا كينيا دام عدة عقود…

وبالحديث عن تألق البقالي، نخصص حيزا هاما لتقييم حصيلة المشاركة المغربية، بدورة لم نكن ننتظر منها الشيء الكثير، بالرغم من الآمال العريضة التي علقت على وفد، لم يختلف كثيرا في تركيبته عن الوفود التي سبق أن حظيت، بشرف تمثيل الرياضة الوطنية…

ذهبية ونحاسية، هي حصيلة بعثة تكونت من 60 رياضيا ورياضية، في 19 نوعا رياضيا، يتقدمه بطبيعة الحال، البطل الأولمبي والعالمي سفيان البقالي ومنتخب كرة القدم…

فالرهان على بطل 3000 متر موانع و”أشبال الأطلس”، كان رهانا ناجحا، والدليل على ذلك تدوين اسم المغرب ضمن سبورة الميداليات، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه…

ولعل المفاجأة الجميلة، تكمن في الحضور الوازن لكرة القدم المغربية، الرياضة التي أصبح يرتبط بها تمثيلنا الدولي، وباتت قوة ناعمة، يراهن عليها خلال العقد الأخير، بل تحولت إلى رافعة أساسية للتنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي، وقيمة استثنائية تروج اسم المغرب على أعلى مستوى …

كرة القدم لم تنقذ الحصيلة فقط، بل أنقذت الرياضات الجماعية العاجزة حتى عن التأهيل وضمان الحضور، فبالأحرى المنافسة على المراتب الأولى، وحصد إحدى الميداليات…

ففي ثامن مشاركة، عادت هذه الرياضة، وبعد غياب مؤثر خلال دورتي ريو دي جانيرو 2016 وطوكيو  2020، للعرس الأولمبي، وكلها أمل لطرد لعنة الإخفاقات المتتالية، والبحث عن أول تتويج، وبالفعل كان الفوز التاريخي، بحصد ميدالية نحاسية، تزن ذهبا، بالنظر لقيمتها وتوقيتها، والدور الذي يمكن أن تلعبه من حيث تحفيز باقي الرياضات الجماعية، المفروض الحرص على مراجعة مناهجها في التدبير والتسيير على جميع المستويات، وذلك لضمان منظومة قادرة على مواكبة التحولات التي تشهدها الممارسة على الصعيد العالمي، وما تعرفه صناعة البطل من تطور علمي، لم يعد فيه المجال للعشوائية والإيمان بالفلتات القدرية.

ويمكن القول إن باقي الأنواع تعيش الموت البطيء، فمجرد تحقيق التأهيل أصبح يعد إنجازا خارقا، يصنف ضمن المكتسبات المهمة والتاريخية، أما التنافس العالي المستوى، فهذا ضرب من الخيال، على اعتبار أن الحصول على إحدى الميداليات، أو الوصول للأدوار النهائية يعد من سابع المستحيلات…

فالأغلبية الساحقة ممن يقدر لهم تمثيل الرياضة المغربية، يغادرون من الأدوار الأولى، حيث يتم الإقصاء أحيانا بصورة مخجلة، تثير الكثير من السخرية، بل تثير الشفقة، إلى درجة تطرح تساؤلا ملحا، هل من المعقول اعتماد رياضي يقصى بطريقة تتحول إلى مادة دسمة للإعلام الدولي، ليس من باب الإشادة بإنجاز ما، ولكن بالنظر إلى المشهد المؤلم الذي يعكس حالة التردي لدى الأغلبية الساحقة من الأنواع الرياضية.

فكيف يتم الزج برياضيين غير مؤهلين للتنافس، بل يفتقدون للقدرة على الصمود وتجاوز المراحل الأولى؟…

إنها معضلة الرياضة المغربية عموما، وقد تعودنا إثارة مثل هذا النقاش بعد الإخفاق في أي دورة أولمبية، حيث يكثر اللغط وتتعدد المقاربات، وترتفع درجة الانتقاد وأساليب الاحتجاج، إلا أنه سرعان ما تخفت الحملة المرحلية والمؤقتة، وتعود الأمور إلى سابق عهدها.

فهل سيبقى الحال على ما هو عليه؛ في وقت يصر مجموعة من رؤساء الجامعات، على التمسك بمناصبهم، بالرغم من تعدد الإخفاقات، وتسجيل نسبة تراجع مخيفة…؟

باريس: مبعوث بيان اليوم محمد الروحلي

Top