التسوية الطوعية تعزز خزينة الدولة بما يناهز 6 ملايير درهم

أعلنت الحكومة أن عملية التسوية الطوعية للوضعية الجبائية حققت نتائج فاقت التوقعات الأولية، حيث تم التصريح بأزيد من 127 مليار درهم من الأرباح والدخول غير المصرح بها قبل فاتح يناير 2025، وذلك في ظل إثارة العملية عدد من التساؤلات والإشكاليات وسط المغاربة، منها أساسا ما يتعلق بما إذا كانت هذه التسوية الطوعية “تحصن المعنيين بها من كل الملاحقات القضائية الممكنة بشأن مصادر الأموال وغير ذلك”.
وأكد الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، الخميس الماضي، أن هذه العملية ساهمت في تعزيز خزينة الدولة بما يناهز 6 مليارات درهم.
وخلال ندوة صحفية أعقبت الاجتماع الأسبوعي لمجلس الحكومة، أوضح بايتاس أن الهدف من هذه التسوية الطوعية كان تشجيع الملزمين على التصريح بمداخيلهم غير المصرح بها سابقا، مشيرا إلى أن النتائج التي تحققت تعكس نجاحا كبيرا للعملية، حيث ساهمت في تعزيز الثقة بين الإدارة الضريبية والملزمين، وتحسين الامتثال الضريبي.
وأشار الوزير إلى أن العائدات الجبائية التي حققتها هذه العملية ساعدت الدولة في مواجهة عدد من التحديات المالية، لاسيما تغطية نفقات الحوار الاجتماعي وزيادة الأجور، بالإضافة إلى دعم قطاعات حيوية مثل النقل والكهرباء.

التسوية الضريبية لا تعفي من المساءلة القانونية

في تصريح خاص لجريدة “بيان اليوم”، أوضح الدكتور جواد لعسري، منسق ماستر الحكامة القانونية والقضائية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أن التسوية الطوعية التي نصت عليها المادة السابعة من قانون مالية سنة 2024 تهدف إلى إعفاء الملزمين من المساءلة الضريبية عن الفترات السابقة المشمولة بالتسوية، معتبرا أن هذه العملية تغل يد مصلحة الوعاء الضريبي في إصدار أو تصحيح الدين الضريبي عن تلك الفترات.
وشدد الدكتور لعسري على أن انخراط الخاضع للضريبة في هذه العملية يعفيه من المساءلة الضريبية فقط، ولكن إذا ثبت أن الدخل أو الربح الذي حققه الملزم جاء من مصدر غير مشروع ويقع تحت طائلة قانون العقوبات، فإن ذلك لا يمنع من تحريك الدعوى العمومية، مؤكدا أن التسوية الجبائية لا تشكل بأي حال من الأحوال حصانة قانونية تمنع من مساءلة المعنيين في حالة وجود جرائم مالية.
وأضاف الدكتور لعسري أن التشريع الضريبي يتمتع بخصوصية تجعله مستقلا عن باقي القوانين، حيث تنص المدونة العامة للضرائب على أن التسوية الطوعية تشمل الدخول المهنية، الدخول العقارية، دخول رؤوس الأموال المنقولة، الدخول الفلاحية، دخول الأجر، وغيرها من الدخول الخاضعة للضريبة على الدخل.
وتابع لعسري أن التشريع الضريبي يركز على معالجة الوضعيات الضريبية بشكل مستقل عن باقي التشريعات، إلا أنه يرتبط بإشكالية قانونية أخرى تتعلق بدخول الموظفين العموميين التي تحصل خارج الأجر المصرح به، مشيرا إلى أن هذا الوضع يظل قانونيا في غياب تشريع ينظم الإثراء غير المشروع.

الحاجة إلى قانون مكافحة الإثراء غير المشروع

أشار الدكتور لعسري إلى أن المغرب سبق له أن صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، إلا أن القانون المتعلق بالإثراء غير المشروع لم ير النور بعد، مؤكدا أن غياب هذا القانون يطرح تساؤلات حول مدى فعالية الإطار القانوني الحالي في محاربة الفساد وتعزيز الشفافية المالية.
وختم الدكتور لعسري حديثه بالتأكيد على أهمية استكمال الترسانة القانونية المتعلقة بالشفافية المالية، مشيرا إلى أن الإصلاحات الجبائية الحالية تشكل خطوة إيجابية، لكنها تحتاج إلى قوانين مكملة لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، وعلى رأسها محاربة الإثراء غير المشروع وتكريس ثقافة الامتثال الضريبي.

< عبد الصمد ادنيدن

Top