تبحث الدكتورة فيان أحمد، الباحثة وأستاذة الهندسة الصناعية في الجامعة الأمريكية في الشارقة، في الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية للاستدامة، والتي تعد من الجوانب الأساسية التي تركز عليها الجامعة في أعمالها البحثية.
وقالت الدكتورة فيان أحمد: “لقد صار مفهوم الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من جميع مجالات الحياة وله تأثير واضح على اقتصادات العالم والحياة الاجتماعية والبيئة المبنية. اقتصاديًا، تستهلك المباني ذات الانبعاثات الصفرية طاقة أقل بنسبة 38 في المائة من المباني التقليدية، مما يؤدي إلى انخفاض كبير في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وخفض تكاليف الطاقة. أما اجتماعيًا، فقد صار هناك وعي أكبر للتأثير طويل المدى لما أصبح يُعرف باسم “الاستدامة الاجتماعية” والذي يتعلق باحتفاظ المؤسسات بالموظفين وتعزيز إنتاجيتهم. ثم هناك الجانب البيئي والذي يتعلق بكميات الطاقة والغذاء التي نستهلكها والمخلفات التي ننتجها”.
وتأتي أبحاث الدكتورة فيان أحمد في وقت تركز فيه دولة الإمارات العربية المتحدة جهودها على تحقيق المبادرة الاستراتيجية للحياد المناخي 2050 وعلى استعداداتها لاستضافة مؤتمر الأطراف “كوب 28” القادم.
تتناول الدكتورة أحمد الجوانب الاقتصادية للاستدامة في أبحاثها خاصة تحويل حرم الجامعات إلى بيئات مستدامة وتعديل المباني التقليدية، حيث عملت على تطوير أداة متعددة المعايير تساعد صناع القرار على وضع خيارات استثمارية فعالة من حيث التكلفة، وتسهيل الدمج التدريجي للتقنيات الذكية في حرم الجامعات، وتعزيز بيئة تعليمية أكثر استدامة. وتعتمد هذه الأداة الرياضية على مدخلات لتوليد مخرجات تساعد في تحديد أكثر الحلول الذكية والقابلة للتطبيق من الناحية الاستراتيجية لتلبية احتياجات الجامعات الحالية. ونظرًا للمعايير الكثيرة للجامعات الذكية، وبدلاً من إجراء تحول كامل مكلف، تساعد هذه الأداة صناع القرار على اختيار المعايير الذكية الأكثر جدوى من حيث التكلفة والأثر.
كما دفع اهتمام الدكتورة أحمد بمفهوم الاستدامة الاجتماعية إلى استخدام مناهج بحثية مختلطة تركز على المبادئ الأساسية لإدارة العمليات في الشركات، واكتساب فهم أعمق لبيئات العمل وتأثيرها على الصحة النفسية للموظفين وعلى إنتاجية العمل للتأثير في اختيارات صانعي القرار. كما قامت أثناء إشرافها على رسالة دكتوراه في الجامعة على تطوير أداة لدعم صناعة القرار للمساعدة في تحديد حلول فعالة من حيث التكلفة لتحسين أداء الموظفين والتقدم، فضلاً عن المشاركة الفاعلة في صناعة البناء في الإمارات العربية المتحدة.
أما فيما يتعلق بالبعد البيئي للاستدامة، فقد تركزت أبحاث الدكتورة أحمد على النفايات الصلبة، حيث طورت الدكتورة أحمد، والتي تترأس فريقًا يضم طلبة في مراحل البكالوريوس ودراسات عليا، نموذجًا دقيقًا للتعلم الآلي يحدد الأنماط والعلاقات بين العوامل الاجتماعية والاقتصادية وتوليد النفايات الصلبة، مقدمة رؤى قيمة لواضعي السياسات حول استراتيجيات إدارة النفايات الفعالة.
وتشير النتائج البحثية، تقول الباحثة فيان أحمد، إلى أن “النمو الاقتصادي وحده، كما يتم قياسه من خلال الناتج المحلي الإجمالي، قد لا يكون المحرك الأساسي لتوليد النفايات. وأن الدخل القومي الإجمالي للبلدان، والذي يأخذ في الاعتبار الدخل الناتج محليًا وخارجيًا ويشير إلى تحول نحو نمط حياة أكثر ثراءً، من المحتمل أن يكون عاملاً في توليد المزيد من النفايات غير القابلة للتحلل ومواد التعبئة والتغليف. وبالتالي، يجب على صانعي السياسات وسلطات إدارة النفايات اعتبار الدخل القومي الإجمالي عاملاً مهمًا عند تصميم استراتيجيات إدارة النفايات وسياساتها”.
وقد نُشرت أبحاث الدكتورة أحمد في مجلات محكمة وتلقت دعمًا من برنامج منح أبحاث أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعة الأمريكية في الشارقة. كما شاركت في ندوات ومؤتمرات تركز على الاستدامة وأصحاب المصلحة في الصناعة وواضعي السياسات والمنظمين.
وفي حديثها عن مساعيها البحثية المستقبلية، قالت الدكتورة أحمد: “لقد مهدت هذه الدراسات الطريق للعديد من مجالات بحث أخرى، بما في ذلك تطوير مؤشر الاستدامة لمؤسسات التعليم العالي والتحقيق في العوامل المحفزة وسلوكيات إعادة التدوير. كما أسعى إلى استكشاف التطبيقات العملية للتقنيات الذكية في بيئات مختلفة لتعزيز مفهوم الحرم الجامعي الذكي”.
تعرف الجامعة على نطاق واسع بمبادراتها المتميزة في مجال الاستدامة، فهي عضو في شبكة المناخ الجامعية التي تضم جامعات ومؤسسات تعليم عالي في دولة الإمارات العربية المتحدة لتسيير الحوارات وورشات العمل والفعاليات العامة والتحفيز على مشاركة الشباب في الفترة التي تسبق مؤتمر الأطراف (كوب 28)، والذي تلعب فيه الجامعة الأمريكية في الشارقة دورًا مؤثرًا بمشاركتها في مناقشاته ومعرضه. كما أن الجامعة عضو في جمعية النهوض بالاستدامة في التعليم العالي وهي حاصلة على تصنيف الفئة “الفضية” لإنجازاتها في مجال الاستدامة ضمن نظام تتبع الاستدامة والتقييم والتصنيف (ستارز). وفي عام 2019، أصبحت الجامعة الأمريكية في الشارقة أول جامعة في دولة الإمارات تطلق حملة ضد استخدام المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام في حرمها الجامعي لتثقيف مجتمع الجامعة حول التأثير البيئي الضار للبلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة وتقديم حلول أكثر صداقة للبيئة في الحرم الجامعي. وتتضمن مساهمات الجامعة في مجال الاستدامة حصول مبنى الهندسة والعلوم الجديد فيها على تصنيف “لؤلؤة 2” من استدامة، والتي هي مبادرة للتنمية المستدامة من مجلس أبو ظبي للتخطيط العمراني، فضلاً عن حصول الجامعة على جائزة التدقيق الأخضر كجزء من مبادرة الجامعات المستدامة لطلبة الجامعات من هيئة البيئة في أبو ظبي. وهي اليوم بصدد تطوير أول خطة عمل مناخية شاملة الخطة بما يتماشى مع جهود الاستدامة التي تبذلها الجامعة والمبادرة الاستراتيجية لدولة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050، والتي سبق أن تم الإعلان عنها في أكتوبر 2021.
يشار إلى أن الجامعة الأميركية في الشارقة أنشأها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، عام 1997. وتوخى الشيخ سلطان في رؤيته للجامعة أن تكون مؤسسة تعليم عال متميزة على خلفية التاريخ الإسلامي وفي سياق تطلعات واحتياجات المجتمع المعاصر في الإمارات ومنطقة الخليج.
وتم تأسيس الجامعة على أسس متينة من مبادئ الجدارة والسمعة الأكاديمية العالمية. وأصبحت تمثل أفضل ما في مجال التدريس والبحث. وهي معتمدة دوليًا ومعترف بها من قبل أصحاب العمل في جميع أنحاء العالم لقيامها بتأهيل الخريجين المزودين بالمعرفة والمهارات اللازمة للقرن الواحد والعشرين.
ولا يتم تثمين طلبتها من خلال النجاح الأكاديمي فقط، ولكن أيضاً من خلال المشاركة في أنشطة الحرم الجامعي الديناميكية وفي تجسيد المثل العليا من الانفتاح والتسامح والاحترام. وهذا المزيج من التفوق الأكاديمي وروح المجتمع يضمن أن تبقى الجامعة مقراً لأعضاء هيئة تدريس وطلاب على مستوى عالمي، يسعون ليصبحوا مبتكرين ومفكرين ومساهمين وقادة المستقبل.