يواصل نادي أجاكس أمستردام الهولندي لكرة القدم تصدر قائمة الأندية الأكثر دخلا، سواء من خلال بيع اللاعبين أو الحصول على عائدات تألقه الأوروبي، وعلى صعيد الدوري والكأس الهولنديين.
تألق النادي الهولندي الموسم قبل الماضي بعصبة الأبطال الأوروبية، بوصوله إلى نصف النهاية التي خسرها أمام توتنهام الانجليزي، بعد تجاوزه أسماء كبيرة كريال مدريد الإسباني ويوفنتوس الإيطالي، سمح له بجني أرباح مهمة من انتقال لاعبين بارزين في مقدمتهم فرانكي دى يونغ الذي انتقل إلى برشلونة الإسباني، وماتياس دى ليخت إلى يوفنتوس الإيطالي.
ويعود أجاكس هذا الموسم لجني نفس الأرباح تقريبا، حيث أبرم مبكرا صفقات انتقال لاعبين آخرين في مقدمتهم المغربي حكيم زياش إلى تشيلسي بصفقة بلغت 40 مليون يورو، وفان دي بيك الذي بيع لمانشستر يونايتد بقيمة مهمة وصلت إلى 45 مليون يورو.
كما أن هناك حديثا عن صفقات أخرى محتملة، مثل إمكانية انتقال البرازيلي دافيد نيراس للعب بالدوري الصيني مقابل 40 مليون يورو، بينما بات الحارس الكاميروني أندريه أونانا والمدافع الأرجنتيني نيكولاس تاغليافيكو مرشحين أيضاً لترك النادي هذا الصيف، بعد تلقيهما عروضا لا يقل سعر كل منهما عن 20 مليون يورو.
وتقول الإحصائيات المالية إن النادي الهولندي حقق أكثر من 300 مليون جنيه إسترليني من بيع لاعبيه، خلال السنوات الأخيرة، خاصة وأنه يقوم بالتعاقد مع لاعبين صغار بأسعار زهيدة، وفي غالب الأحيان بصفقات انتقال حر (مجاناً)، ثم يصقل مواهبهم ويقدمهم لعالم النجومية، ليبيع عقودهم في صفقات كبيرة.
والمثير في هذا الإطار أن الميزانية السنوية لهذا النادي المعطاء، لا تتجاوز 28 مليون يورو فقط، والأكثر من ذلك تغطي مرتبات الفريق الأول والثاني، وكذلك فريق الشباب، في حين أن ميزانية ريال مدريد مثلا تبلغ 630 مليون يورو، والمثير أن ميزانية أجاكس هي نصف راتب اللاعب الويلزي غاريث بايل.
كل هذه المعطيات التي قدمناها وتم رصدها من خلال مجموعة من التقارير الصحفية الدولية، حاولنا عبرها تقديم واحد من النماذج الإيجابية على الصعيد الدولي، والتي يمكن أن تفيد الأندية الوطنية، لأن النجاح الذي يتم السعي وراءه عن طريق جلب اللاعبين الجاهزين جد مكلف من الناحية المالية، والحالة هذه يبقى خيار التكوين وصناعة النجوم، واحد الخيارات الصائبة والمتاحة للجميع.
إلا أن التكوين لابد له من أسس وهياكل وبرامج دقيقة وضوابط لا مجال فيها للعشوائية والارتجال وأنصاف الحلول، فنادي أجاكس له منهجية خاصة في مجال التكوين، تحقق الهدف الأساسي منها، وهذا المخطط يعفيه كليا من التسابق لجلب اللاعبين التي يعتبرون نجوما مكلفة من حيث الصفقات والأجور المرتفعة.
هذا التصور المبني على العقلانية في التدبير والتخطيط، هو ما تحتاجه الأندية المغربية، خصوصا التي لا تملك إمكانيات مالية مهمة، وليست لها طموحات كبيرة فيما يخص المنافسة على الألقاب وطنيا وعربيا وقاريا، وبالتالي فالتحول إلى ناد مكون مسألة ممكنة التحقيق، لكن على أساس احترام أسس ومعايير لا غنى عنها، تسمح بتكوين المواهب وتفريخ اللاعبين المتميزين المؤهلين لإعطاء الإضافة المطلوبة للفريق أولا، وبعد ذلك يمكنهم الانتقال إلى أندية أخرى وتحقيق عائدات مالية مهمة.
هذا الاختيار ليس صعب التحقيق، لكنه في حاجة إلى إرادة حقيقية، وتخطيط مبني على مناهج علمية، واحترام كامل للتخصصات.
>محمد الروحلي