أحمد بوكيوض، تكريم سيرة

التكريم الذي أقامه ليلة أول أمس نادي الصحافة وحزب التقدم والاشتراكية للمناضل والصحفي أحمد بوكيوض، جسد التعبير عن الوفاء والعرفان والتقدير لسيرة مهنية وحزبية لا تخلو من كثير تميز وتضحيات، وبذلك استحقت الالتفاتة هذا التوقف عندها.
المنظمون اعتبروا أن التحلي بالوفاء هو أن نكون أوفياء لمن ضحوا قبلنا ورسموا لنا الطريق، ولهذا كان الاختيار هو بوكيوض.
تكريم سي أحمد هو تكريم للدروس التي تجسدها سيرته، وهو تكريم للنفس النضالي الملتزم الذي تعبر عنه تجربته، وهو تكريم لكل ما التزم به في الحزب وفي الجريدة وفي الحياة.
أجيال الصحفيين المغاربة التي ينحدر بوكيوض من سلالتها آمنت بالصحافة باعتبارها رسالة ومسؤولية تجاه الوطن والمجتمع، وعاشت هذه الأجيال وفية لقناعاتها ومبادئها ورؤاها.
الشهادات التي ألقيت في حق سي بوكيوض كررت كلها تحليه بصفتي الوفاء والاتزان، وتوقفت عند التزامه الدائم بمبادئه وقناعاته الفكرية والسياسية والأخلاقية، داخل المهنة وحواليها.
لقد عاصر أحمد بوكيوض في الحزب والجريدة، في مجلة “المبادئ” أو في “البيان”، مناضلون رواد وقامات سياسية وإعلامية كبيرة، وعمل مع علي يعته وعبد السلام بورقية وعبد الله العياشي وعبد المجيد الذويب وشمعون ليفي وآخرين، كما استمر في الجريدة والحزب مع إسماعيل العلوي وأحمد زكي ومحمد نبيل بنعبد الله، وعاش مختلف مراحل السيرة الحزبية والإعلامية طيلة عقود، وهو يواصل اليوم، برغم تقاعده الإداري، حيث يحرص على الحضور والمتابعة والإسهام و… السؤال.
من المؤكد أن الممارسة ومنحنيات النضال اليومي وإكراهات العمل الصحفي تنتج أحيانا اختلافات في السلوك والتقدير، وعسر في العلاقات والتواصل، لكن من سيرة سي بوكيوض نذكر وفاءه للدار المهنية والحزبية التي قضى عمره بها، ونذكر هدوءه واتزانه المستمرين.
لم يكن سي أحمد حاضرا في الحزب والجريدة فقط، ولكن أيضا في العمل النقابي وسط الصحفيين المغاربة، وقضى سنوات عضوا بالمكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية، وفي كل هذه الواجهات النضالية المتنوعة، كان بوكيوض وفيا وملتزما.
بوكيوض، مثل صحفيي جيله، لم ينشغل بالمكاسب المادية، ولم تغره المناصب العابرة أو النجومية المتوهمة أو كل الذاتيات القاصرة، ولكنه بقي معتزا بالمهنة التي اختارها واختارته، وعاش ممارسا لها بشغف وحب، وبنفس نضالي صادق.
وعندما يقام له التكريم اليوم من لدن رفاقه وزملائه، في الحزب وفي الصحافة، فذلك يجسد التكريم لما يمثله في الفعل، وفي السلوك، وفي الحياة.
وعندما حضر التكريم مهنيات ومهنيون من أجيال مختلفة، بعضهم من ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وآخرون من مراحل زمنية لاحقة، وصحفيون شباب، فكل هذا كان التعبير المهني الجماعي عن الإمساك بالنموذج والإصرار عليه، أي الوعي بقيمة الصحافة في بلادنا، وحاجة المغرب اليوم إلى إعلام وطني مهني حر وذي مصداقية بلا اختراقات أو تبخيس أو إغفال أو تمييع.
العمر المديد لسي بوكيوض، موفور الصحة له، الشكر لمنظمي التكريم ليلة أول أمس بالرباط، ولنحفظ كلنا درس هذه الالتفاتة، أي الوفاء من طرفنا لمن بقوا دائما أوفياء للمشترك بيننا، وأن نواصل الطريق عبر الالتزام بالمبادئ والصدق والأخلاقيات.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top