موازاة مع عودة الحياة بمعظم الأقاليم إلى إيقاعها الطبيعي وخروج الناس إلى الشارع واستئناف أنشطتهم المختلفة، بدأت تظهر بؤر وبائية، مهنية أو عائلية، في عدد من المدن، ما فرض إعادة تشديد الحجر والإغلاق في بعضها، وانتشرت الأسئلة وسط الناس حول ذلك.
الواضح اليوم، وبحسب الكثير من المتخصصين، أن ظهور بؤر هنا وهناك، يعود، في الغالب، إلى تراخ عام في فرض التقيد بالتدابير الوقائية والاحترازية (التباعد الجسدي، ارتداء الكمامات والأقنعة الواقية)، كما أن الجميع صار يشاهد بالعين المجردة أن المواطنين، في غالبيتهم، تخلوا عن السلوك الاحترازي والوقائي، سواء في وسائل النقل العمومي أو في الشواطئ أو في الفضاءات التجارية وسواها، وتنامى التشكيك في جدوى ذلك، أو حتى في وجود الفيروس من أصله.
ومقابل هذا، تراجع التواصل الرسمي من لدن الحكومة، وبرامج التوعية الملائمة لهذه المرحلة من وضعنا الوبائي.
ويكتفي المختصون، هذه الأيام، بترديد إفادات معروفة تؤكد على استمرار الخطر، وأهمية التدابير الاحترازية، ولا يبالون بأن الواقع على الأرض لم يعد في بداية تفشي الوباء، وإنما أشياء كثيرة تبدلت وتقتضي منظومة تواصلية وتدبيرية جديدة ومختلفة.
الواقع اليوم يعني طبعا انتشار الوباء في عدد من المدن، وضرورة مواصلة وتمتين منظومة التدخل والمواجهة الصحية والعلاجية الفورية، ولكن الأمر أيضا مرتبط بتداعيات مختلفة، أهمها انتشار القناعة بلا جدوى أي وقاية أو التشكيك في وجود الفيروس، وكل هذا يفضي إلى صعوبة كل تعبئة مستقبلية لحماية الصحة العامة ومحاصرة الفيروس، ويتصل الموضوع كذلك بإغلاق مدن وحرمانها من أي انتعاش لاقتصادياتها المحلية والجهوية (طنجة ومحيطها في الشمال، وأيضا مراكش وأكادير)، وخصوصا على صعيد السياحة الداخلية والاصطياف، كما أن إعادة فتح المساجد لأداء الصلوات الخمس، وفتح المقاهي والمطاعم الفنادق، كل ذلك يطرح تحديات ومخاوف أخرى لا بد من استحضارها والانتباه إليها.
إن التوعية والتحسيس، وأيضا الإجراءات الاحترازية والتدابير والتدخلات الميدانية، كلها يجب أن تندرج اليوم ضمن التفاعل مع الحالة الوبائية الراهنة، ومع هذه القرارات الجديدة، ومع أسئلة الناس وما يجري تداوله في مجالس الحديث المختلفة، والسعي لتقديم أجوبة مقنعة ومحفزة، بالإضافة إلى صياغة حضور ناجع وذكي للسلطات العمومية لإنجاح العودة إلى الحياة الطبيعية في كامل البلاد، وتفادي كل تراجع أو نكوص.
لا شك أن حماس البداية يبقى ضروريا ولازما اليوم أيضا، خصوصا من لدن سلطات الإدارة الترابية ومختلف أجهزتها، ولكن كذلك من لدن الإعلام السمعي البصري العمومي، ومن لدن كافة المواطنات والمواطنين.
مسؤوليتنا نحن بدورنا أن نلتزم بسلوك مواطن صارم ونتقيد بكل الشروط الوقائية والاحترازية، وأن نحرص على حماية صحتنا وصحة ذوينا وأهلنا، وبذلك سنكون جميعا قد ساهمنا في حماية الصحة العامة ببلادنا وتقوية سلامة واستقرار مجتمعنا.
< محتات الرقاص