أطفال أفغان لاجئون في مهب المجهول

تتكرر أسئلة بريئة تماما في بعض الأحيان على غرار “هل يمكنني الحصول على بعض رقائق البطاطس؟” وأساسية للغاية في أحيان أخرى مثل “أين سنذهب؟” بين اللاجئين الأطفال الأفغان غير المصحوبين بذويهم الذين وصلوا إلى قطر بعد إجلائهم من كابول.
ووصل نحو 200 أفغاني من صغار السن إلى الدوحة على متن رحلات قادمة من كابول في الأسابيع الأخيرة ويتم استقبالهم في مركز حيث يجدون أنفسهم بمواجهة صدمة خلفتها المحنة التي مروا بها.
وباتوا حاليا برعاية “قطر الخيرية”، وهي منظمة إنسانية تعمل على حمايتهم وإبقائهم بعيدا عن مهربي البشر.
وتبنى الأطفال نظاما يوميا جديدا في قطر حيث يلعبون كرة القدم ويمارسون الرياضة ويقومون بأعمال يدوية وفنية.
وقال عامل إغاثة في منطقة الشرق الأوسط طلب عدم الكشف عن هويته “يصعب للغاية تخيل الصدمة التي مروا بها. جميعهم في حالة صدمة، في وضع أشبه بما شهدناه بين أطفال في العراق أو سوريا عاشوا في مناطق” كانت خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
وأثارت سيطرة طالبان مجددا على أفغانستان، مخاوف من العودة إلى نظام الحكم المتشدد الذي فرضته الحركة بين العامين 1996 و2001 عندما كانت تقوم بإعدامات علنية وأعمال جلد وبتر أطراف لمعاقبة مرتكبي الجنح.
وفر كثر، بينهم صغار في السن لا يمكنهم تذكر ظروف مغادرتهم المفاجئة لبلدهم، فيما يعطي آخرون شهادات متناقضة عن كيفية وصولهم إلى قطر.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، تم إجلاء نحو 300 طفل غير مصحوب من أفغانستان إلى قطر وألمانيا ودول أخرى بعد 14 غشت.
وتدور تساؤلات بشأن كيفية وصولهم إلى مطار كابول وصعودهم على متن طائرات متوجهة إلى قطر طلبا لحياة مختلفة تماما.
ولم تعلق السفارة الأميركية في الدوحة على تفاصيل قضية الأطفال.
بدوره، روى شرطي فرنسي كان متواجدا عند بوابات مطار كابول أنه رأى امرأة “ترمي بيأس طفلها الرضيع فوق الأسلاك الشائكة بات جاه القوات الفرنسية الخاصة التي تلقت الطفل وسلمته إلى كوادر طبية أميركية”.
وأضاف “تمت معالجة الرضيع وإجلاؤه إلى الدوحة. كان حجمه صغيرا للغاية. واختفت والدته بين الحشود”.
وكان الشرطي شاهدا على حالات أخرى.
وقال “وصل رجل إلى البوابة برفقة ثلاث أطفال عرف عنهم على أنهم أبناؤه. كانوا يتامى واستخدمهم على الأرجح ليتم فتح البوابة أمامه، لكن تم إجلاؤهم أيضا”.
وأضاف “تسلط روايات كهذه الضوء على الفوضى. وستكون جزءا من تاريخ هذه المهزلة”.
وتعتنى “قطر الخيرية” وغيرها من الوكالات حاليا بمجموعة من الأطفال والقاصرين تتراوح أعمارهم بين ثمانية أعوام و17 عاما، يقيم أصغرهم سنا في منشأة منفصلة.
وفي الدوحة، يقيم الأطفال في مساكن لم يسمح لفرانس برس الوصول إليها، ويتم جمعهم بناء على العمر أو العائلة إذا كانوا وصولوا معا.
ويتم كذلك جمعهم بقدر الإمكان على أساس الصداقات والروابط التي أقاموها خلال رحلاتهم.
وأفادت المغربية المسؤولة عن التعاون الدولي في “قطر الخيرية” فاطمة الزهراء بكاري “يمكنهم أن يتعلقوا بأطفال آخرين سريعا جدا. يشعرون بالأمر بشكل أقوى من أي كان”.
وأشارت على وجه الخصوص إلى طفلين يبلغان من العمر 12 و13 عاما لم يعودا يفترقا رغم أنهما لا يعرفا بعضهما إلا منذ أسبوع واحد.
وعندما علم الطفل الأكبر سنا بأنهما قد يضطرا للمضي قدما كل في طريق مختلف، قرر الانتقال من غرفة صديقه البالغ 12 عاما للاستعداد لاحتمال عدم تمكنهما من رؤية بعضهما البعض مجددا.
وقالت بكاري في إشارة إلى العاملين في مجال الإغاثة “نبكي كثيرا ونضحك كثيرا”، كما حين يستيقظ طفل في الليل أحيانا لاختلاس كيس من رقائق البطاطس.
ورغم الأجواء الدافئة المحيطة بهم، يواجه هؤلاء الأطفال مستقبلا ضبابيا.
وأفادت بكاري “نقول لهم إن الوقت سيحين (لمضيهم قدما)، لا نعرف متى لكنه سيحين”.
وأكدت المديرة التنفيذية ليونيسف هنرييتا فور أن الأطفال الذين انفصلوا عن ذويهم “من أكثر أطفال العالم عرضة للخطر”.
وتابعت “من الضروري للغاية أن يتم تحديد هوياتهم سريعا وإبقائهم في مأمن خلال عمليات تعقب العائلات ولم شملها”.
وقدمت قطر المأوى والرعاية الجسدية والنفسية للأطفال إضافة إلى الغذاء والاهتمام العاطفي.
ويقول المسؤول العامل في المجال الإنساني الذي رفض الكشف عن هويته “من ثم يأتي الجزء الأكثر حساسية. تعد أفضل السيناريوهات عندما نتمكن من إيجاد أقارب من الدرجة الأولى أو جدة أو عمة أو عم. لكن في حالات عديدة، قد لا نتمكن من القيام بذلك”.
وأقامت “قطر الخيرية” خطا ساخنا ليتمكن الأطفال من خلاله من الاتصال بأقاربهم، لكن بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون بمن سيتصلون، فسيتعين على الأشخاص المعنيين بالاعتناء بهم ضمان تقديم الرعاية لهم على الأمد البعيد”.
وقال عنصر الإغاثة “سيكون بإمكان الطفل في نهاية المطاف الاندماج في مجتمع آمن ليتم تزويده بكل ما يحتاجه ليصبح بالغا طبيعيا”.

> أ.ف.ب

Related posts

Top