أنشطة الفلاحة تمتص لوحدها أكثر من 80 في المائة من استهلاك المياه في المغرب

صار المغرب على غرار بلدان عديدة في القارة الإفريقية هشاً جداً وسريع التأثر في السنوات الأخيرة أمام زيادة تناقص المياه.

وكان تقرير رسمي، صادر عن ثلاث مؤسسات مالية وطنية، قد لفت إلى أن “منحى الإجهاد المائي بالمغرب يكتسي بعداً حرجاً للغاية”، بشكل لا يقل أهمية عن “مسار التنمية الذي اتبعته المملكة في العقود الأخيرة، المعتمد إلى حد كبير على الصناعة والزراعة؛ وهما قطاعان يستهلكان المياه، عموما، بشكل كبير”.

واستنادا إلى بيانات منظمة الأغذية والزراعة الأممية، والبنك الدولي، أورد التقرير أن “أنشطة الفلاحة وحدها تمتص أكثر من 80 في المائة من استهلاك المياه على المستوى الوطني”.

هذه الحالة تتفاقم، حسب التقرير، “بسبب عدم انتظام هطول الأمطار، وتفاوت توزيع الموارد المائية على الأراضي الوطنية، والاستغلال المفرط للمياه الجوفية، وتذبذب احتياطيات مخزون مياه السدود؛ فضلا عن نسبة التمدن القوية ونمو ديمغرفي مازال دينامياً”.

ورغم كونه يتطرق بالأساس إلى التطورات الاقتصادية الشاملة على الصعيدين الدولي والوطني، والمخاطر المرتبطة بها، وكذا آثارها المحتملة أو الثابتة على استقرار النظام المالي بالمغرب، إلا أن “رهانات وتحديات تغيرات المناخ” الراهنة وتقييم “مخاطرها المالية الشمولية” لم تغِب عن مضامين التقرير السنوي العاشر الصادر حديثاً عن بنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي.

الفصل الثالث من التقرير سالف الذكر أفرَد فقرة خاصة للموضوع تحت عنوان “الإجهاد المائي: المخاطر والتفكير في التدابير الاحترازية الكُلّية”.

شح المياه.. “ضريبة تنموية ثقيلة”

الوثيقة ذاتها رصدت أن “للجفاف وندرة المياه تأثيرا دالّاً على التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المغرب”، معددة أبرز آثارها في “انكماش في الناتج المحلي الإجمالي الفلاحي”، وموردة: “نظرا للتدهور الهيكلي في الموارد المائية قد يجد الاقتصاد المغربي صعوبة أكبر مما كان عليه في الماضي في الانتعاش بعد موجات الجفاف واستيعاب الخسائر في الإنتاج الزراعي”.

تدهور سوق العمل بالقرى”نتيجة أخرى كارثية يرصدها المصدر ذاته، مؤكدا أن “الظروف المعيشية (الدخل والغذاء) في المناطق الريفية المغربية ترتبط ارتباطا وثيقا بديناميات النشاط الزراعي”، ومحذرا من أنه “في ظل هذه الظروف يُتوقع أن تؤدي حالات الجفاف المتكررة والإجهاد الهيكلي للمياه إلى اختلالات كبيرة جدا في المجالات القروية بالمغرب في العقود القادمة”.

النتيجة الثالثة الناجمة عن تحولات المناخ وضرورة التحرك للاحتراز منها هي “انخفاض الصادرات الفلاحية”؛ وهو ما نبه إليه التقرير الرسمي، ملاحظاً أن “زيادة الضغط على إمدادات المياه يمكن أن يعرض للخطر سير التجارة المستقبلية في المنتجات الزراعية للمغرب”.

واستشهد في هذا الصدد بنتائج المحاكاة التي أجراها البنك الدولي، التي أكدت أن “انخفاض إمدادات المياه بنسبة 25 في المائة المرتبط بتأثيرات تغير المناخ يمكن أن يتسبب في انخفاض صافي الصادرات بنحو 24.7 في المائة من الصادرات الزراعية و3.5 في المائة من إجمالي صادرات السلع”.

وخلص التقرير إلى أن “المعايير والتقييمات الدولية للتدابير الاحترازية الكلية بخصوص تغيرات المناخ تكشف أن الإشراف والاحتراز الكلي على المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ مازال في مهده وبداياته”.

Related posts

Top