تغيرت معالم الأقاليم الجنوبية للمغرب بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، والداخلة من بين المدن التي تقدمت فيها أوراش التنمية بسرعة صاروخية على حد تعبير محمد “53 سنة”، الذي يعيش في هذا الخليج منذ سنة 1985.
وأكد محمد الذي يشتغل تاجرا بالداخلة، في حديثه لجريدة بيان اليوم، أن هذه المدينة تقدمت بخطوات مهمة على مستوى البنية التحتية، من قبيل الطرق، والمرافق والفضاءات العمومية، ثم مشاريع الاستثمار الخاص، لاسيما في مجال الصيد البحري الذي يشغل يدا عاملة مهمة بالجهة.
كل هذه المعطيات، وهذا التقدم الملموس على أرض الواقع بالنسبة لمدينة الداخلة، والعيون، وبوجدور، والسمارة.. يغري وفق محمد بالثورة على مخيمات تندوف، وذلك بفعل الفرق الشاسع بين العيش في خيام تفتقد إلى أدنى شروط الحياة الإنسانية، وبين العيش بمواصفات عالية في مدن الصحراء المغربية.
وفي الوقت الذي تغيب فيه مختلف المرافق بمخيمات تندوف حيث المحتجزين الصحراويين المغاربة، تتوفر ساكنة الصحراء المغربية على بنية تحتية مهمة، تستجيب للمعايير الدولية، وهو ما يساهم في جلب السياح من مختلف دول العالم، وذلك بفعل توفر شروط البنية التحتية في شقيه الخاص والعام.
وقال سعيد “46 سنة” لبيان اليوم إن الداخلة تغري بالاستقرار بها، حيث أصبح هذا الأخير فردا من ساكنتها منذ 27 سنة، إذ بات من الصعب عليه تغيير هذه المدينة التي تتجه إلى مزيد من التقدم في المستقبل، خصوصا مع إحداث الميناء الجديد الذي سيكون صلة وصل بين أوروبا ودول القارة السمراء.
وتساءل المتحدث ذاته الذي يشتغل بحارا، عن سبب إصرار عناصر البوليساريو على احتجاز الصحراويين المغاربة بمخيمات تندوف، بالرغم من أن المغرب شهد ثورة تنموية مهمة، يمكن الوقوف عليها من خلال زيارة خفيفة لمدينة الداخلة والعيون.
وذكر سعيد الذي انتقل من مدينة بني ملال إلى العيش في الداخلة، أنه لا يمكن المقارنة بتاتا بين ما يحدث في مخيمات تندوف والداخلة حيث الرواج التجاري، وتواجد المراكز الصحية، والوفرة في السلع الغذائية، والأسماك التي تشتهر بها المدينة، خصوصا البيضاء منها، وكذا الأحياء البحرية.
ودعا سعيد قيادة جمهورية الوهم إلى الكف عن استمرار تعذيب الصحراويين المغاربة، من خلال التحكم في قراراتهم، ودفعهم إلى تبني الأطروحة الانفصالية، خدمة لأجندات الجيش الجزائري المتورط في تسليح ميليشيات البوليساريو لشن الحرب ضد المغرب.
وفي هذا الصدد، اعتبر أحمد (64 سنة) البوليساريو دمية في يد جنرالات الجزائر الذين يناورون لزعزعة استقرار المغرب، من خلال التغرير بالمليشيات المسلحة في تندوف، وحثها على وقف اتفاق النار الموقع خلال سنة 1991.
وثمن أحمد الذي يشتغل مقاولا في البناء التدخل العسكري المغربي الأخير بتاريخ 13 نونبر الجاري، الذي غير المعطيات على أرض الواقع، حيث يظهر الفرق بين دولة تسعى إلى البناء والإعمار والتقدم، وجماعات انفصالية تتبنى مشروعا تخريبيا يهدد المغرب وجيرانه الأفارقة.
وأوضح أحمد أن رسالة المغرب كانت واضحة للبوليساريو سواء من خلال تدخل القوات المسلحة الملكية المغربية أو الخطاب الملكي الأخير بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء، مشددا بأن البلاد تتقدم إلى الأمام ولا يمكنها الرجوع إلى الخلف لمناقشة انفصاليين ما وزلوا حبيسي أطروحة انفصالية أصبحت متجاوزة على المستوى الدولي.
ويرى المتحدث ذاته، أن الطرح المغربي بخصوص قضية الصحراء المغربية واضحا، وقابلا للتنزيل على أرض الواقع، نظرا لواقعيته وقبوله للتنفيذ، مؤكدا أن الحكم الذاتي تصور مهم قدمه المغرب للحفاظ على وحدته الترابية من طنجة إلى الكويرة.
من جهته، أفادهشام (79 سنة) أن الداخلة أصبحت مدينة مغرية للاستثمار، وهو ما دفعه إلى القدوم من فرنسا إلى هذا الخليج المغربي لإنجاز مشروع سياحي يتمثل في دار للضيافة لاستقبال السياح الأجانب من فرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وغيرها من البلدان.
وسجل هشام وجود بعض العراقيل على المستوى الإداري، وهو ما يجب تداركه في المستقبل من أجل جلب الاستثمار الخارجي، استنادا إلى تسهيل المساطر الإدارية، والاشتغال المضاعف على صورة الأقاليم الجنوبية في مختلف دول العالم، وذلك باستغلال القنصليات التي تفتتح بالعيون والداخلة والتي تعد بوابة للولوج إلى الاستثمارات الأجنبية.
وأفاد هشام أن التدخل العسكري المغربي الأخير في معبر الكركرات، هو عامل من عوامل الاستقرار في المغرب، لهذا يجب استثماره في القادم من السنوات، لتسويق صورة المغرب المستقر والآمن والمشجع على الاستقرار والاستثمار في مشاريع بالمجال السياحي والبحري.
ووقفت جريدة بيان اليوم خلال زيارتها الميدانية لمدينة الداخلة والطريق الرابط بينها وبين الكركرات، على توفر هذه المنطقة على كافة تجهيزات البنية التحتية المساعدة على خلق مشاريع استثمارية للمنطقة، والتي ستعود بالنفع على شبابها من خلال إحداث فرص الشغل.
وهذا الوضع الذي توجد عليه مناطق الصحراء المغربية، يدحض الأطروحة الانفصالية المدفوعة من قبل الجيش الجزائري الذي يبحث عن منفذ له في المياه المغربية للمحيط الأطلسي على حساب المحتجزين في مخيمات تندوف.
وتتشبث ساكنة الداخلة بمغربية الصحراء التي عرفت إقلاعا اقتصاديا مهما خلال السنوات الأخيرة، بعد إطلاق العديد من المشاريع التنموية التي بدأت معالمها في الظهور، حيث لم يعد هناك مجالا للمناورة من قبل جبهة البوليساريو، أو المزايدة على المغرب من قبل بعض الدول الداعمة لأطروحة الانفصال.
ويبقى الطرح المغربي أكثر جدية وجرأة وواقعية بحسب العديد من تصريحات ساكنة الأقاليم الجنوبية التي تستشرف المستقبل،خصوصا وأن العديد من المشاريع الضخمة مازال الاشتغال عليها ساريا، حيث من المتوقع أن تعطى انطلاقتها خلال السنوات القليلة القادمة.
> مبعوث بيان اليوم إلى الكركرات: يوسف الخيدر- تصوير: أحمد عقيل مكاو