أوروبا تفشل في إدماج أبناء الجالية المغربية

فنن العفاني

أظهرت الدراسة التي أعدتها الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، حول الأداء المدرسي لأبناء المغاربة المقيمين بالخارج، فشل السياسات المتبناة من طرف الدول الأوروبية في إدماج هؤلاء التلاميذ المغاربة، كما كشفت عن هيمنة نوع من الجمعيات منها الدينية والرياضية على مجال مواكبة التلاميذ المغاربة، بل وصنفت ضعف المستوى التعليمي للآباء وضعف مشاركتهم كأحد العوامل الحاسمة في عدم تحفيز الأبناء من التلاميذ وتدني أداءهم المدرسي.
هذه بعض من النتائج التي عرت عليها الدراسة التي أجريت بثماني بلدان ويتعلق الأمر ببلجيكا، هولندا، ألمانيا،الجزائر، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا والكوت ديفوار، وهمت التلاميذ في طور التمدرس المتراوحة أعمارهم ما بين 14و18 سنة وأوليائهم، كما شملت التلاميذ البالغين ما بين 16 و25 عاما الذين توقفوا أو انقطعوا عن الدراسة قبل إتمام السلك الثانوي، فضلا عن ممثلي عدد من جمعيات مغاربة العالم العاملة في المجال التربوي، والفاعلون المؤسساتيون في حقل التربية ومسؤولو المؤسسات التعليمية بالمهجر.
وتأتي هذه الدراسة التي قدمتها الوزارة صباح أمس بالرباط في لقاء تمحور حول “الدعم المدرسي للشباب أبناء الجالية المغربية بالخارج”، في أفق بلورتها لإستراتيجية ملائمة لحاجيات التلاميذ أبناء الجالية المغربية بالخارج تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات بلدان الاستقبال.
 وأرجعت الدراسة التي حللت الوزارة من خلالها السياسات التعليمية والمشاريع الموجهة لفائدة التلاميذ المنحدرين من أوساط الهجرة، كما وقفت على الأداء المدرسي للتلاميذ المغاربة بالخارج، ضعف اندماج التلاميذ المغاربة المقيمين بالخارج  في المنظومة التربوية ببلدان الاستقبال إلى أسباب اجتماعية وثقافية، حيث أوضحت أنه على المستوى الاجتماعي يسجل تجمع المهاجرين في بيئة اجتماعية متواضعة في الأحياء المتواجدة بالضواحي مما يساهم في ضعف اندماجهم مع السكان المحليين.
فيما بالنسبة للسبب المتعلق بالثقافة، فنتيجة الضغوطات الاجتماعية الثقافية وتنامي المجتمعات المنعزلة، يضطر الآباء إلى إلحاق أبنائهم التلاميذ بمدارس خاصة، لكن هذا الأمر سرعان ما يؤدي إلى بروز مشاكل الهوية التي لها أثر غير مباشر على تمدرسهم .
وسجلت الوزارة في  ذات الوقت توجه تلاميذ أبناء الجالية نحو الشعب التقنية والتكوين المهني ، والذي يعود  إلى مستوى إتقان لغة بلد الإقامة الذي لا يصل إلى الدرجة المتوخاة، وضعف في التحسيس والنقص في التأطير وانعدام التحفيز، بالإضافة إلى ضعف على مستوى إشراك بعض أولياء التلاميذ، الذين في الغالب ما يولون اهتمام خاص لبرامج الشعب المهنية والمهني اليديوية والتقنية، رغبة منهم في التوظيف السريع  لأبنائهم نتيجة عدم قدرتهم على تحمل تكاليف التعليم العالي.
كما ربطت ارتفاع نسبة التوجه نحو الشعب التقنية أيضا بالضعف المسجل في تأثير الفاعلين الجمعويين، نتيجة قلة عدد الجمعيات وضعف الموارد المالية والتقنية والبشرية، فضلا عن تسجيل شبه انعدام التفاعل والتعاضد بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين، حيث يسجل ضعف التنسيق وعدم تثمين التجارب الناجحة.
وخلصت النتائج التي توصلت إليها الدراسة، أن بلدان الاستقبال اعتمدت مقاربات مختلفة في وضع وتنفيذ سياساتها التربوية الموجهة للمهاجرين، لكن تبقى الهيمنة لنوعين من المقاربات الأولى استيعابية وتتبناها كل من فرنسا، الجزائر والكوت ديفوار، ومقاربة متعددة الثقافات وتطبقها كل من ألمانيا وإيطاليا .
وأفادت أن مستوى اندماج التلاميذ أبناء المغاربة المقيمين بالخارج داخل المدارس يرتبط بالمقاربة المعتمدة ببلدان الاستقبال والخصوصيات الثقافية للجالية المغربية، مسجلة في هذا الصدد أوضاع ممتازة للاندماج المدرسي لأبناء الجالية المقيمين بإسبانيا نظرا للانتشار والتوزيع الجغرافي للجالية، وأوضاع جيدة للاندماج بإيطاليا والتي تعود أساسا إلى المنظومة المشجعة، وكذا الأمر بالنسبة للتلاميذ أبناء المغاربة بالجزائر، والكوت ديفوار رغم بعض الصعوبات المتعلقة باللغة الفرنسية بالنسبة لهذا الأخير.
فيما سجل ضعف في الاندماج بالنسبة للتلاميذ أبناء الجالية بألمانيا، بسبب عدم اتخاذ التدابير اللازمة، حسب ما تشير إليه الدراسة، وتسجيل اندماج جزئي للتلاميذ المغاربة بهولندا والتوجه التدريجي نحو التعليم بالمدارس الإسلامية، وكذا الأمر بالنسبة لفرنسا مع اختلاف في السبب والذي يعود في هذه الحالة إلى العيش في إطار تكتلات مجتمعية قوية، حيث توجد مدارس تضم تلاميذ أغلبهم ينحدرون من أوساط الهجرة.
ولاحظت الدراسة توجه تلاميذ أبناء الجالية نحو الشعب التقنية والتكوين المهني ، ومرد ذلك إلى مستوى إتقان لغة بلد الإقامة الذي لايصل إلى الدرجة المتوخاة، وضعف في التحسيس والنقض في التأطير وانعدام التحفيز، بالإضافة إلى ضعف على مستوى إشراك بعض أولياء التلاميذ، وضعف تأثير الفاعلين الجمعويين، نتيجة قلة عدد الجمعيات وضعف الموارد المالية والتقنية والبشرية، فضلا عن تسجيل شبه انعدام التفاعل والتعاضد بين مختلف الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين، حيث يسجل ضعف التنسيق وعدم تثمين التجارب الناجحة.
وكشفت عن الأداء المتوسط لمشاريع المواكبة المنجزة من لدن الفاعلين المؤسساتيين والجمعويين، حيث أن هذه الأخيرة تستجيب بصفة جزئية لحاجيات التلاميذ أبناء الجالية المغربية بالخارج، فضلا عن النقص في تأطير الآباء بالعديد من دول الاستقبال، وفي هذا الإطار فبالنسبة للتوجيه وقفت الدراسة على أداء متوسط للفاعلين بأغلب بلدان الاستقبال،مع تسجيل ضعف بالنسبة لبلد واحد، ممثلا في هولندا حيث يكون التوجيه بشكل  مبكر وغير مشجع للتلاميذ أبناء الجالية المغربية، مع ضعف في التحسيس بسبب الانتماء الاجتماعي أي انحدار التلاميذ من أوساط الهجرة، فيما بالجزائر يتوفر توجيه مرتبط بالمستوى الدراسي وبمدى تحسيس الآباء والتلاميذ .
وبالنسبة لنظام التوجيه بألمانيا، كشفت الدراسة عن وجود نظام التوجيه مبكر، لكن بنيته غير ملائمة بالنسبة للمغاربة بالخارج، فيما في الكوت ديفوار يوجد توجيه متساو للتلاميذ مبني على المستوى الدراسي، وبالنسبة لإيطاليا سجلت الدراسة ضعفا في التحسيس بأنظمة التوجيه وإلزام الآباء للأبناء الالتحاق بالشعب التقنية.

Related posts

Top