أيام التراث الرباط – سلا تختتم فعاليات دورتها الثانية بنجاح

 محمد توفيق أمزيان
اختتمت، مساء أول أمس الأحد، فعاليات الدورة الثانية لأيام التراث الرباط – سلا التي تنظمها جمعية الرباط – سلا الذاكرة، بإقامة أمسية فنية على ضفاف نهر أبي رقراق شاركت فيها فرقة من عازفي الإيقاع المغربي “كاراسينا باتاكودا”، وفرقة من عازفي الإيقاع جنوب الصحراء، وكأنهما في معركة محمومة، سلاحها الإيقاعات والرقصات.
وقال عبد الوهاب بنعبد الجليل نائب رئيس جمعية الرباط – سلا الذاكرة في تصريح لبيان اليوم “إن هذه الأيام لاقت نجاحا كبيرا بفضل روح العمل المشترك الذي طبع وضع برامج هذه الدورة وتنظيمها”، مشيرا إلى مجموعة من التحديات والصعوبات التي واجهت عملية التنظيم، لاسيما “بعد تراجع  إحدى الشركات الكبرى للتواصل بالرباط عن وعودها”.
ورغم هذه المثبطات، يقول بنعبد الجليل، “اليوم نحن سعداء بتحقيق هذا النجاح، لأن هذه الأيام كما شهد الجميع مرت في ظروف جد رائعة، وذلك بفضل الشركاء، والجهات التي دعمت هذا الحدث منذ أولى أنشطته، وقد تمكن هذا الحدث بالفعل في تبيلغ رسالته المتمثلة في نشر وعي جماعي بضرورة الحفاظ على الموروث الثقافي في كل تجلياته”.
وبدوره قال الكاتب العام للجمعية مهدي مجاطي إن دورة هذه السنة تميزت بارتفاع عدد الزوار الذين حضروا هذه الأيام والذي بلغ 3500 شخصا”، مضيفا أن هذه الدورة شهدت أيضا إضافة موقعين أثريين إلى برنامج الجمعية وهما الرباط وسط المدينة، والرباط مدينة الحدائق، وذلك بعدما كان عدد المواقع ثلاثة فقط خلال الدورة السابقة، مشيرا إلى أنه يتم العمل على وضع برنامج متنوع وغني لتنظيم الدورة المقبلة.
وعن البرامج والأهداف التي عملت عليها الجمعية قالت أنكليغ سوالي عضوة المكتب والمسؤولة عن لجنة التراث والمدارس، في حديث للجريدة، “إن الجمعية تعمل على تحقيق مجموعة من الأهداف على عدة مستويات لا سيما على المستوى التعليمي”، إذ ترمي، حسب المتحدثة، إلى “إشراك التلاميذ في تلقي التراث ومعرفته والاطلاع عليه وذلك من خلال القيام بجولات وزيارات ميدانية لفائدة الأطفال والتلاميذ للمواقع الأثرية وورشات الصناعة التقليدية في إطار تقريب الجيل الصاعد من تراث بلاده”.
وتضيف أنكليغ أن الهدف أيضا هو تنشئة جيل صاعد مهتم بهذا المجال وعلى وعي بالحفاظ على التراث وصيانته.
يشار إلى أن أيام التراث التي نظمت على مدى أربعة أيام تميزت بتنوع البرامج المقدمة، حيث تم تنظيم خرجات وزيارات لفائدة التلاميذ وكذا تدريبهم بورشات للصناعة التقليدية، كما تم خلال هذه الأيام تنظيم حفلات موسيقية أبرزها حفل موسيقي لإحياء موسيقى السبعينيات بالرباط شاركت فيه مجموعة من الفرق “الرولز، الفينكرز، التيتان، كولدن هاندز، والإخوة ميكري” التي هزت حلبة الرقص والرباط سنوات الستينات والسبعينات من القرن الماضي، لتعود من جديد بمنصة المكتبة الوطنية الجمعة الماضي وتحيي أسلوبها الغنائي.
 هذا، وتم أيضا تنظيم مجموعة من الندوات والمسرحيات والفقرات التنشيطية على الشارع.. كل هذه الأنشطة توزعت بين مدينة الرباط وسلا طيلة هذه الأيام واستهدفت مختلف الشرائح إذ تم تخصيص برامج للأطفال وأخرى للشباب وبرامج أخرى لباقي الفئات. 

ثلاثة أسئلة للمهندس فكري بنعبد الله
> بعد اختتام أيام التراث التي نظمتموها طيلة هذه الأيام وسط إقبال قوي، هل يمكن أن نقول إنكم نجحتم في هذه الدورة؟
< أظن على أن الكل يجمع على أن الدورة الثانية من أيام التراث الرباط – سلا لقيت نجاحا كبيرا على عدة مستويات، سواء على مستوى شعبية التظاهرة أو على مستوى تنوع الأنشطة المقدمة للجمهور الواسع وخاصة الشباب، وأيضا على مستوى التنظيم. اليوم طاقم المنظمين وأعضاء الجمعية سعداء بهذه النتيجة، لأنه في إطار روح التعبئة وفي إطار الاعتقادات الراسخة في ذهننا وقلبنا نعتبر على أننا حققنا خطوة إضافية نحو الأمام. ولا ننسى أن هذا النجاح ساهم فيه الشباب بقوة، وساهمت فيه مجموعة من الخبراء والمهتمين، الشيء الذي يجعلنا نقول إننا حققنا نجاحا على كافة الأصعدة. وهذا ما يعطينا أملا كبيرا في تنظيم الدورة الثالثة السنة المقبلة.
> عودة إلى تأسيس الجمعية، كيف جاءت فكرة الرباط – سلا الذاكرة؟
< التأسيس جاء في خضم المجهود الأولي الذي قامت به جمعية الدار البيضاء الذاكرة التي ظهرت مع الرفيق رشيد الأندلسي، والتي تحمل ثقلا كبيرا وتقوم بعمل جبار من أجل صيانة التراث بالدار البيضاء.
الرباط لا تتوفر على جمعية من هذا القبيل، أي أن يكون همها هو صيانة الذاكرة والاحتفاء بها. لذا ارتأينا، قبل سنتين، لم شمل عدد من الخبراء والمهتمين والشباب وأخرجنا إلى الوجود جمعية «الرباط – سلا الذاكرة»، التي قامت على هدفين رئيسيين.. الأول يتمثل في العمل على رد الاعتبار وتطوير كل ما هو مادي، أي البنايات والمنشئات والمواقع الأثرية. والهدف الثاني يتجلى في العمل على صيانة التراث اللامادي الذي يكمن في الموسيقى والفنون التشكيلية والصناعة التقليدية، لأن الرباط وسلا مدينتا الموسيقى والثقافة، وتمتازان بالانفتاح على الثقافات الأخرى على المستوى العالمي.
> في سياق الجهوية الموسعة، ألا تفكرون في توسيع نشاط الجمعية ليشمل جهة الرباط – سلا – القنيطرة، أم لكم تصور آخر؟
< سؤال وجيه حقيقة، خصوصا وأن الجهوية اليوم هي أداة التنمية، وهي الرافعة الأساسية للتراث الجهوي.. إلا أننا نرى في تصورنا على أن الجمعيات من الأفضل لها أن تشتغل في إطار محلي أو تكتل مدينتين قريبتين كمدينتي سلا والرباط مثلا، وذلك حتى تكون الأنشطة والمبادرات ناجعة وناجحة في آن واحد. وفي ما يخص ضم القنيطرة إلى الجمعية، فأرى أنه من المناسب تأسيس جمعية محلية تعنى بالتراث محليا، وذلك كما قلت لتكون مبادراتها ناجعة خصوصا في ما يتعلق بصيانة التراث، لكن أقول إن هذا لا ينفي أننا نحاول التوسع أكثر بحيث أننا نخطط للاقتراب من القنيطرة، حيث ستشمل الدورة الثالثة المقبلة إضافة عدة مواقع بسيدي بوقنادل.
> مسؤولية الحفاظ على التراث هي مسؤولية الجميع.. لكننا لا نلمس ذلك، بحيث لا نلاحظ اهتماما كبيرا بهذا المجال، لماذا؟
<  بطبيعة الحال، لا يمكننا أن نعتبر ما كان عليه التراث منذ سنوات هو ما عليه اليوم، بل هناك تطور كبير في هذا المستوى، وذلك من خلال مجموعة من الجهات التي تعمل على النهوض بالتراث خصوصا مجهودات وزارة الثقافة، ووزارة السكنى وسياسة المدينة، والعديد من المؤسسات الحكومية والمجالس الجهوية والمحلية، خصوصا إذا ما استحضرنا الترميمات التي بدأت بعدة مواقع أثرية ومواقع فضلا عن رصد ميزانيات مالية مهمة لهذا الغرض..
إلا أنه لا بد من الرفع من المجهودات المبذولة في هذا الصدد، من أجل تنمية شاملة للتراث تساهم في استمراريته وبقائه.. صراحة يمكننا أن نقول إنه بإمكاننا انتظار غد مشرق في مجال الحفاظ على التراث سواء في شقه المادي أو اللامادي.

Related posts

Top