أكد الصحفي والأديب، ادريس كسيكس، على أهمية بناء مجتمع قائم على الفكر النقدي من خلال تشييد جسر يربط الماضي بالحاضر بالاعتماد على الملاحظة والاستدلال العقلاني من حيث الفكر واللغة والهوية.
وأوضح كسيكس، في مداخلة له خلال لقاء نظمه، يوم الجمعة الماضي، منتدى الأندلس الثقافي حول روايته “في مضيق ابن رشد”، أن تطوير ورش الفكر النقدي يجب أن ينطلق بداخل المجتمعات من الأسرة والمدرسة وفضاءات الحوار والنقاش.
ولفت، في هذا السياق، إلى أن هذه الرواية، التي تتموضع بين القرنين الـ12 والـ20، من خلال استعادة مسار المفكر ابن رشد، هي بمثابة مرافعة في سبيل تقبل مسألة التفكير بطريقة مغايرة، مشددا على ضرورة الاشتغال على الذاكرة لتقبل الدفاع عن التراث من خلال الفلسفة.
وذكر المؤلف الذي تولى محاورته في هذا اللقاء الثقافي، المحلل النفسي مجيد صفوان، بأن الرواية تستحضر عطاء هذا الفيلسوف الذي دافع عن العقل والإنسانية والفكر العقلاني وإمكانية التوصل إلى الحقيقة من خلال الملاحظة والاستدلال العقلاني، مشيرا إلى أن الفلسفة تتيح التوفر على سبل للوصول الى الحقيقة.
واعتبر أن مؤلفه، وهو عمل يتصور شخصية باسم “أديب”، أستاذ للفلسفة بمدينة الدار البيضاء، يحاول تعريف العالم بالفيلسوف الأندلسي ابن رشد (القرن الثالث عشر ميلادي)، يسعى بالأساس إلى إعطاء صورة شاملة لمسار واحد من أهم الفلاسفة الذين بصموا مسار حضارة الأندلس والمغرب، ومن خلالها الحضارة العربية والإسلامية.
وتناول كسيكس، في ذات السياق، التسمية المزدوجة العربية واللاتينية للفيلسوف الأندلسي (إبن رشد، أفيرويس) ومضيق جبل طارق كنقطة للالتقاء بين الشرق والغرب، مبرزا أنه بين الضفتين هناك حركة مد وجزر، فكرية وفلسفية، تتأرجح بين جانبي المضيق.
كما خصص هذا اللقاء الفكري، الذي شهد مشاركة ثلة من المثقفين والمفكرين، للغوص في التراث الفكري للفيلسوف الأندلسي أبي الوليد محمد المعروف باسم ابن رشد، وكذا لمناقشة قضايا متعددة من قبيل اللغة والهوية والتراث.
وتجدر الإشارة إلى أن رواية “في مضيق ابن رشد”، التي نشرت بالمغرب سنة 2017، وأعيدت طباعتها في فرنسا سنة 2019، صدرت عن منشورات (الفنك) في حجم “كتاب الجيب” يقع في 188 صفحة.
ويذكر أن ابن رشد توفي عام 1198 ودفن في البداية بمدينة مراكش، قبل أن يعاد دفنه في قرطبة (بالأندلس جنوب إسبانيا) مرورا عبر مضيق جبل طارق مرفوقا بمخطوطاته.
وإدريس كسيكس كاتب وصحفي مغربي من مواليد الدار البيضاء سنة 1968، شغل منصب رئيس تحرير بمجلة “تل كيل”، وهو يعمل حاليا أستاذا للإعلام والثقافة بمعهد الدراسات العليا للإدارة، ومديرا لمركز (إيكونوميا). كما يشغل منذ سنة 2015 منصب أستاذ زائر ومحاضر في العديد من الجامعات الأمريكية (جامعة كاليفورنيا، نورث وسترن، تولين، وليامز).
وللكاتب مجموعة من المؤلفات الإبداعية، وصدرت له أعمال أدبية باللغة الفرنسية منها “صندوقي الأسود”، و”الإنسان ينحدر من الصمت”، والعديد من المسرحيات (لا تدفنوا الأخ الأكبر بسرعة، 180 درجة، هو…).
وحصل كسيكس على جوائز على المستوى العالمي نظير عدد من أعماله، منها اختياره من قبل مسرح الاستوديو الوطني بلندن “كأحد أفضل ستة كتاب مسرحيين أفارقة”.
إدريس كسيكس: “في مضيق ابن رشد” دعوة إلى بناء مجتمع قائم على الفكر النقدي
الوسوم