إسقاطات بودريقة ….

مثل شعبي مغربي دارج بليغ يقول إن ابنا قال لأبيه: “واش ممكن نقول للناس إننا من الشرفاء. جواب الأب كان هو: “لا.. حتى يموتوا الناس لي كي يعرفونا” ومعنى هذا المثال الشائع، هو أن أي إنسان لا يمكن أن يدعى ما ليس فيه، لأن أمره سينكشف بسرعة، مادام الناس يعرفون حقيقته.
هذا الأمر ينطبق تماما على الرئيس السابق للرجاء البيضاوي لكرة القدم محمد بودريقة، الذي هاجم مؤخرا في تدوينة على صفحته بالفاكس بوك، الرئيس الحالي جواد الزيات، وأعضاء المجلس الاستشاري، أو ما يعرف بالحكماء، وأعطاهم كمثال ناجح ما قام به رجال الأهلي المصري من استثمارات، وخلق لمشاريع وجلب لمستشهرين.
انتقد بودريقة طريقة التسيير، وعدم قيام الإدارة بانتدابات قبل إغلاق فترة الانتقالات الصيفية، مدعيا أن الزيات أغلق الباب أمامه، للحيلولة دون جلبه لاعبين جاهزين للفريق، كما تمادى في اتهام جواد بالكذب، والمسيرين السابقين، بتعمد إغلاق الباب أمام رجال الأعمال الذين يريدون دعم النادي ماديا.
الذي لا يعرف بودريقة، أنه لا يمكن المقارنة بين الأهلي والرجاء لأسباب متعددة، أولها أن بناء النادي المصري الحائز على لقب القرن بكثير من الاستحقاق، تطلب أكثر من مائة سنة، وهى مدة تختصر عقودا من العمل، والاستفادة من ريع دعم الدولة ومؤسسات كبرى، وسخاء حاتمي لشخصيات وازنة من الداخل والخارج، كل هذا المجهود قوى المؤسسة من الداخل، وجعلها قادرة على الاستمرارية، بكثير من التوهج والتألق والإبهار والمنافسة على أعلى مستوى.
والذي لا يعرفه بودريقة أيضا أن النظام الأساسي لنادي الأهلي هو اجتماعي وثقافي بالدرجة الأولى، ثم رياضي، ومفهوم النادي حاضر بقوة داخل ثقافة الإنسان والأسرة المصرية، أبا عن جد، وهذا ما يفسر العدد الكبير من المنخرطين، الذي يدر ميزانية سنوية مهمة على خزينة النادي.
فكيف تجرأ بودريقة على القيام بمقارنة تعتبر في الحقيقة إسقاطا لا معنى له، الهدف منه هو “تقطار الشمع” ليس إلا، والأدهى من ذلك أنه ربط النهضة التي يعرفها النادي المصري الكبير بهزيمة الأهلي أمام الرجاء سنة 1999، والتي جعلت في نظره رجال الأهلي يقومون بعمل كبير، يقطفون حاليا نتائجه الايجابية، عكس “شيوخ” الرجاء، جاعلا من وصف الشيخوخة سبة، أو تقليل من قيمة شخصيات وفية للنادي، لم يسجل عليها أنها تهربت من دعم النادي في وقت الشدة.
في الحقيقة، إن من يقوم بمثل هذه المقارنة الظالمة، هو فاقد لبعد النظر، وغير قادر على القيام بقراءة صحيحة للأحداث، فبالأحرى محاولة التنظير وإعطاء الدروس للآخرين، مع أنه فاقد للقدرة، سواء الأدبية أو الفكرية أو المرجعية للقيام بهذه المهمة.
فكيف يتناسى بودريقة أنه عندما تحمل المسؤولية، خرب النادي من الداخل، أغلق مركز التكوين وحوله إلى مجرد أطلال تحكي عن ماض معطاء، أغرق الرجاء في الديون لا حصر لها، لا زال يعاني من تبعاتها وطنيا ودوليا، قام بانتدابات فاشلة كلفت خزينة النادي الشيء الكثير، تحولت فيما بعد إلى ملفات نزاعات ثقيلة، وعد بجلب مستشهرين كبار ولم يف أبدا بوعده، تسبب للنادي في مشاكل كثيرة مع محيطه، كما أغلق الباب أمام مساهمات فعاليات عديدة، وفي الأخير هرب تاركا الجمل بما حمل.
بعد هروبه الكبير، وعوض الاعتراف بالأخطاء الجسيمة التي ارتكبها، طالبا العذر من طرف العائلة الرجاوية عموما، استغل وسائل التواصل الاجتماعي، ليشن هجومات مناسباتية على كل من تحمل المسؤولية من بعده، بدء من سعيد حسبان الذي عاني الأمرين من هجوماته المتكررة دون وجه حق، طيلة المدة التي قضاها على رأس النادي، والآن يقوم بنفس السلوك مع الزيات، والأكيد أنه سيواصل نفس الأسلوب، مع من سيأتي من بعد، على أمل العودة للمنصب المغري، والاستفادة من الإشعاع الذي يمكن أن يفيده مع قرب الموسم الانتخابي.
والسؤال الذي يمكن أن يطرح مباشرة على بودريقة هو: ماذا قدم هو للرجاء حتى تلتحق بالأهلي المصري؟ وهنا ننبهه بالكف عن التغني بإنجاز الأكاديمية، الذي ينسبه لنفسه في كل مناسبة، فالأرض التي أقيمت عليها، هي هبة ملكية خالصة، والتمويل مشترك بين الجامعة والسلطة المحلية ومجلس المدينة، وتألق اللاعبين وعمل المدرب البنزرتي كان وراء الإنجاز، واحتضان المغرب لمونديال الأندية، هو من سمح للرجاء بمشاركة إيجابية دخلت التاريخ.
فماذا قدم سيادته؟

>محمد الروحلي

Related posts

Top