محمد حجيوي
من المرتقب أن تحتضن المكتبة الوطنية، خلال الأسبوع الأخير من الشهر الجاري، لقاء تكريميا للراحل الحسين أيت أحمد كشخصية جزائرية عانقت، قيد حياتها، حلم بناء المغرب الكبير، وناضلت من أجل الحرية والديمقراطية والكرامة الإنسانية.
وحسب تصريح أدلى به إسماعيل العلوي رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية لبيان اليوم، بعد عودته من الجزائر، فإن هذه المبادرة اتفقت بشأنها أحزاب التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والأصالة والمعاصرة. وهي أحزاب ثلاثة كانت ضمن الهيئات السياسية التي حضرت أربعينية الفقيد أيت أحمد.
وتبقى هذه المبادرة، بحسب إسماعيل العلوي، مفتوحة على باقي الأحزاب السياسية الراغبة في الانضمام لها، مشيرا إلى أن هذا اللقاء التكريمي هو عرفان وتقدير للراحل الحسين أيت أحمد الذي ناضل من أجل بناء المغرب الكبير، وكانت تربطه بالمملكة المغربية علاقة متميزة.
من جانب آخر، عبر إسماعيل العلوي عن تأثره بحسن ضيافة الرفاق في حزب جبهة القوى الاشتراكية، وأيضا الحكومة الجزائرية، حيث حرص الوزير الأول عبد المالك سلال على إقامة مأدبة غذاء على شرف الوفد السياسي الحزبي المغربي، حضرها سعد الدين العثماني عن حزب العدالة والتنمية، ومحمد اليازغي وعلي اليازغي عن الاتحاد الاشتراكي، وإسماعيل العلوي عن حزب التقدم والاشتراكية. فيما حضر عن الجانب الجزائري، بالإضافة إلى الوزير الأول، وزير الخارجية رمطان العمامرة.
وقال إسماعيل العلوي في تصريحه للجريدة إنه “خلال مأدبة الغذاء التي تمت في جو حميمي مفعم بروح الأخوة المغاربية، وخلال تبادل الآراء حول العديد من القضايا المغاربة، وحتى وإن لم يتم التطرق، بشكل مباشر، للقضايا والمشاكل العالقة بين المغرب والجزائر، فقد استنتجت شخصيا، وربما نفس الشيء بالنسبة للآخرين، أن هناك رغبة في تسوية المشاكل والقضايا التي تعوق بناء المغرب الكبير نظرا للنزاع الذي لازال قائما ما بين الدولتين الكبيرتين في هذه المجموعة المغاربية”.
وأضاف رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية أن الجميع عبر، خلال هذا اللقاء، عن أسفه لبعض الحملات الصحفية التي تتم هنا وهناك، والتي تساهم في الكثير من الحالات، في تعميق الشرخ القائم بين البلدين، وذهب العلوي إلى التأكيد على أن الجميع لديه رغبة في تجاوز هذه الوضعية التي لا تخدم المصالح العليا للشعوب المغاربية.
لكن في الوقت ذاته، لم يفرط إسماعيل العلوي، في التفاؤل، على اعتبار أن هذه المعضلة التي وجدت منذ أزيد من أربعين سنة، لن تحل بين عشية وضحاها، وبالتالي، فإن الأمر، في نظر القيادي في التقدم والاشتراكية، يقتضي التحلي بكثير من الصبر واليقظة والتسلح بروح الوحدة المغاربية، كما كان يؤمن بها الراحل الحسين أيت أحمد الذي كان، دائما، يطرح سؤال الكلفة التي تتم تأديتها نتيجة تعثر بناء المغرب الكبير.
وأضاف العلوي، في السياق ذاته، أن الخبراء الاقتصاديين على الصعيد العالمي يؤكدون على أن غياب صرح مغاربي كبير يفقد كل دولة من الدول الخمسة، نقطتين من الناتج الداخلي الخام، كما أن جميع الملاحظين على المستوى الدولي يستغربون لهذا الوضع، غير الطبيعي، بالنظر إلى عدم استغلال الإمكانيات الهائلة التي تتوفر عليها المنطقة التي تضم قرابة 100 مليون نسمة.
ويرى إسماعيل العلوي أنه لو كانت هناك برامج تنموية منسقة بين الدول الخمسة المكونة للمغرب الكبير، لما وجد الإرهاب الذي يعشش في المنطقة، خاصة في ليبيا، والذي بات يهدد حاضر ومستقبل الدول والشعوب المغاربية.
ومن ثمة، دعا إسماعيل العلوي إلى إعمال العقل لتجاوز المشاكل العالقة والتي تعوق بناء المغرب الكبير، مشيرا إلى أن الإكثار من التواصل بين الهيئات السياسية المغاربية وبين جمعيات المجتمع المدني المغاربي وبين الفاعلين الاقتصاديين، من شأنه أن يساهم في تعبيد الطريق أمام هذه البلدان، وأن يسمح بتجاوز واقع الجمود الذي يمكن أن يلاحظ على مستوى العلاقات الرسمية.
وفي نظر رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية، فإن توسيع مجال الحريات والديمقراطية بجميع مضامينها، سواء الديمقراطية التمثيلية التفويضية أو الديمقراطية التشاركية التي تتيح للمواطنين والمواطنات المساهمة في تدبير الشأن العمومي بشكل مباشر، سيكون من بين العوامل التي يمكن أن تطور إيجابا العلاقات بين البلدان المغاربية.
يشار إلى أن المركز الثقافي مفدي زكريا بالعاصمة الجزائر احضتن يوم السبت الماضي، أربعينية الراحل الحسين أيت أحمد التي نظمها حزبه جبهة القوى الاشتراكية تحت شعار “حسين ايت احمد الأخلاق في قلب السياسة”، وحضرتها شخصيات جزائرية ومغاربية ودولية إلى جانب عائلته وأصدقائه من عالم الفكر والسياسية.
وقد حضر هذه الأربعينية وفد يتكون من شخصيات وازنة تمثل الأحزاب السياسية المغربية، وهي بالإضافة إلى إسماعيل العلوي عن حزب التقدم والاشتراكية، محمد اليازغي وحنان رحاب وعلي اليازغي عن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومحمد بنسعيد أيت إيدر ومصطفى بوعزيز ومحمد اليوسفي عن الحزب الاشتراكي الموحد وسعد الدين العثماني عن العدالة والتنمية وخديجة الرويسي عن الأصالة والمعاصرة وعبد الهادي بركة عن التجمع الوطني للأحرار.
وتميز هذا الحفل الذي طبعته أجواء خيم عليها غياب الراحل أيت أحمد، بالكلمة التي ألقاها اسماعيل العلوي باسم حزب التقدم والاشتراكية وأيضا باسم الأحزاب السياسية المغربية التي كانت موجودة، استحضر فيها مكانة الفقيد كأحد أبرز مناضلي استقلال الجزائر عن فرنسا وأحد زعماء المعارضة الجزائرية، والدور الذي قام به وسط أفراد شعبه طيلة حياته رغم كل الصعوبات التي اعترضت سبيله، واصفا إياه بأنه كان مدافعا عن وحدة هذا الكيان المغاربي وكل شعوبه الشقيقة من ضفاف نهر السنغال إلى تخوم أرض الكنانة مصر، وأحد صناع الثورة الجزائرية التحريرية الشامخة، في فاتح نونبر 1954.
إسماعيل العلوي: الحاجة إلى توسيع مجال الحريات والديمقراطية في الفضاء المغاربي
الوسوم